باب الإهداء إلى من يلتمس فضله إنما يجتلب الدر ممن ليس بضامر على الخرز، ويلتمس المعروف من طلق الوجه واليدين. وقد حضرني مما رجوت أن يصلح لك كذا فأجبت أن أجعله تذكرة لي في خزانتك، وسبيلا إلى إحسانك إذ أعيت الوسائل عندك إلا بك، وسهل عليك استدعاء الإحسان منك بيسير الرغبة إليك. فلا زلت غلابا على المكرمات محظورا عن النائبات منصورا في نوازل المهمات بقدرة من لا يعجز قدرته شيء، ولا يخفى من علمه إحسان محسن وهو فعال لما يشاء.
إنما تمتد الآمال أيدك الله نحو معادن الكرم وأهل خصوصيات السؤدد وعموميات العوارف. وهذا أعزك الله يوم احببت أن تكون لي عندك فيه تذكرة أستدعي بها منك زيادة في التقديم والإيثار والمبسط والإيناس، إذ كنت لا أنبو عن إلقاء مقاليد الأمل، والإتكال بعده لله عز وجل. وأنت حري بقبول ذلك ممتنا علي، ولي شاكر ومصطنع طائع.
باب ارتجاع الهدية ممن أملت منه فضلا فلم تنل ذلك
للبحتري:
فإن لم تنيلوني التي قد تقدمت ... مواعيدكم فيها وآثاركم عندي
فردوا قوافي التي سار ذكرها ... بأقطار أرض الله في القرب والبعد
وشرخ شباب قد نضوت جديده ... كما جرد السيف اليماني من الغمد
وما أنا والتقسيط أن تلزمونني ... وبكيت قبلي خلة القوم أو بعدي
سبيلي أن أعطي الذي تسألونني ... وحقي أن يجدي علي ولا أجدي
فردوا القوافي السائرات بذكركم ... وما حزتموه من ثناء ومن حمد
وقد كان من حقي وتكلفي الشقة إليك وتجشم هراقة ماء وجهي بمسألتك ما يوجب على مثلك من الرؤساء والكرماء ألا يخيب معه ذمامي ولا يبطل من جدواك حظي، فأنا الآن أرض من إحسانك برجوع تحفتي إلي إذ كنت لا أستنكف في تجملي من القول فيها، ولا أخجل عن ذكرها لمن يسألني عنها من إخواني، لأنها كانت مني على سبيل متاجرة لا مكاثرة، وأن القضاء والقدر ليحولان بين العباد وبين الإرادات، وليس إليه شيء من المشيات:
سبيل من ضن بما لديه ... أن يعرف الحق الذي عليه
ولا يبيح سب والديه ... لما تحرى قلع ما ضغيه
فإنما المرء بأصغريه لو كان طول مقامي بباب فلان مما نفعني في رفع شر عني أو اجتلاب خير ما ساءني ما تكلفت من المشقة، وألزمت نفسي من الكلفة، وأنطقت به لساني من الشبهة والد لسه والمدح التي ليست بخلسة فالآن إذ عاد أملي بائرا لا ترجى عمارته، وظني مخلفا لا يوصل بحقيقته فرد مدحي السائرة وتحفتي المستحقرة المتصغرة أولى وأحق في ذلك على من هجن نفسه بالبخل وشانها بالمنع.
পৃষ্ঠা ১৩