وقد صرح أئمتنا وعلماؤناآ أن الزيدي هو: من وافق زيد بن علي عليهما السلام في ثلاث مسائل: القول بالعدل والتوحيد، وحصر الإمامة في البطنين من ولد الحسن والحسين عليهما السلام، والخروج على أئمة الجور من الظلمة المتغلبين. فهذي حقيقة الزيدي عند العلماء الذين جهل المجيب كتبهم ومقالتهم، وبهذا يندفع ما كرره في هذه الأوراق من قوله: ليس بزيدي، وما دلس (ولبس) (1) به على جهال أهل مذهبه. وأما موافقة الشخص للإمام الذي يعتزي إليه في مسائل الفروع فمما لا يقول به عاقل، فضلا عن عالم، أما علمت أيها الهمام أن محمد بن الحسن الشيباني (2) وأبا يوسف (3) وزفر (4) وغيرهم من الحنفية خالفوا إمامهم أبا حنيفة (5) في كثير من مسائل الفروع، واختاروا اختيارات تخالف ما اختاره أبو حنيفة، ولم يخرجوا بذلك عن كونهم حنفية، ولا أحد نعى عليهم قولهم ولا شنع عليهم في فعلهم كما فعلت أنت في الأخير من الأزمان(1). وكذلك الشافعية كابن سريج والقفال وغيرهم ممن يعتزي إلى الشافعي، فإنهم قد خالفوا إمامهم محمد بن إدريس الشافعي في كثير من المسائل الاجتهادية، ولم يخرجهم ذلك عن كونهم شافعية، ولا أنكر عليهم أحد من علماء البرية، وإلا لزمك أن تقول: لا شافعي ولا حنفي إلا من وافق أبا حنيفة والشافعي في جميع أقوالهم، وهذا مما أظنك لا تميل إليه، ولا تبني مذهبك عليه، بل المراد إذا قد وافق إمامه في بعض المسائل لا في جميعها فعرفت أيها المسترشد أن هذه قعقعات لا طائل تحتها. وقد صنع مثل هذا الصنيع فقيه الخارقة عمرو بن أبي القبائل (الحيري) (2) مع إمامنا المنصور بالله عبد الله بن حمزةعليه السلام، وادعى على الإمام أنه ليس بزيدي، وإنما الزيدي هو الفقيه وأهل نحلته، وأجابه الإمام بكتابه المعروف ب(الشافي) في أربعة مجلدات؛ فيه ما يشفي الصدور ويفطر قلوب الأعداء. فطالعه أيها الطالب للإنصاف، التارك لتقليد الأسلاف.
قوله: وفي (البحر الزخار ) مسألة: ثم نقل عن الإمام زيد بن عليعليه السلام والمؤيد بالله والناصر والإمام يحيى: ويستحب رفع اليدين للافتتاح فقط؛ لقول الإمام علي عليه السلام وعائشة: (كان يرفع...) الخبر انتهى. وأقره ولم يجب عليه فهو مذهبه-أي الإمام المهدي-. هذا من أعجب ما رأيناه في هذه الأوراق، وإن كانت كلها عجيبة السياق، ألم يكن عنده شيء من نسخ (البحر الزخار)فيتأمله (3) تأمل أولي الأبصار؟! أم ظن أنه لا يوجد إلا لديه، وأنه الذي ظفر به دون غيره وعثر عليه؟!. فقد وهم في لفظه أولا بقوله: وروايته عن الناصر، وتجارى ثانيا بنسبته إلى الإمام المهدي وأنه مذهبه، وهاك لفظ البحر بلفظه وحروفه:
পৃষ্ঠা ৪৪