علمه وخلقه
استفاضت كتب التراجم بالثناء على ابن الشجرى، ووصفه بالجلالة وغزارة العلم، فيصفه تلميذه أبو البركات الأنبارى بأنه «كان فريد عصره ووحيد دهره فى علم النحو، وكان تامّ المعرفة باللغة، وكان فصيحا حلو الكلام حسن البيان والإفهام». ثم قال فى آخر الترجمة: «وكان الشريف ابن الشجرى أنحى من رأينا من علماء العربية، وآخر من شاهدنا من حذاقهم وأكابرهم».
وقال ياقوت عنه: «كان أوحد زمانه وفرد أوانه فى علم العربية، ومعرفة اللغة وأشعار العرب وأيامها وأحوالها، متضلعا من الأدب، كامل الفضل. . . وأقرأ النحو سبعين سنة».
ويقول ابن النجار-فيما حكى عنه الذهبى فى سير أعلام النبلاء-: «ابن الشجرى شيخ وقته فى معرفة النحو، درس الأدب طول عمره، وكثر تلامذته وطال عمره».
وقال الذهبى فى «تاريخ الإسلام»: «أحد الأئمة الأعلام فى علم اللسان. . . وطال عمره، وانتهى إليه علم النحو، ومتّع بحواسّه وجوارحه».
وبمثل هذه الأقوال قال كل من ترجم لابن الشجرى، ثم امتدحوا «أماليه» بما أنا ذاكره فى موضعه إن شاء الله. وقد تجلى علم ابن الشجرى فى هذه المعارف التى ملأ بها كتابه «الأمالى»، والتى تدل على تبحره وعلوّ مقامه، ويأتى الكلام على ذلك كلّه مبسوطا فى الباب الثانى من هذه الدراسة.
وكما أثنى المترجمون على علمه أثنوا على خلقه، فيقول أبو البركات الأنبارى:
«وكان وقورا فى مجلسه، ذا سمت حسن، لا يكاد يتكلم فى مجلسه بكلمة إلا وتتضمن أدب نفس أو أدب درس، ولقد اختصم إليه يوما رجلان من العلويين، فجعل أحدهما يشكو ويقول عن الآخر: إنه قال فىّ كذا وكذا، فقال له الشريف:
«يا بنى احتمل، فإن الاحتمال قبر المعايب».
قال الأنبارى: «وهذه كلمة حسنة نافعة، فإن كثيرا من الناس تكون لهم
المقدمة / 26