قالت: لزوجك تلبسينه، وعلى عينه تخطرين به.
فضحكن من قولها فاكهات، فقد كنا نعلم أن أزواجنا لا يحسبوننا مليكات، ولا يروننا - وإن تجملنا لهم ما تجملنا - البهيات الباهرات.
ولكني أمسكت بفضلة الحرير فالتففت بها، وكان اليوم مطيرا والحجرة معتمة، فما لبثت أن أدركت على بصيص الضياء أنني رحت في لفة تلك الفضلة الوردية اللون رائعة حقا، وحسناء باهرة ولا خفاء، ولقد كنت في صباي بدينة ممتلئة البدن، ولكني اليوم نحلت فأضحيت ممشوقة هيفاء، واتسعت حدقتاي فرحت في العين نجلاء.
وانثنت صاحبتي تقول: في الحق ما رأيتك يوما تلوحين كما لحت الساعة رائعة حسناء، ألا اصطنعي منها الغلالة الفضفاضة يا عزيزتي على بركة الله.
وكنت أعلم في نفسي أنني ما كنت لألبس شيئا كهذا غريبا بديع الرواء، فإن زوجي سيحسبني به ممثلة من رخيصات الممثلات، ولكني مع ذلك استمعت إلى نصيحة صاحبتي فجعلت من تلك الفضلة قميصا ولم أصطنع له الحاشية المذهبة إبقاء على حشمة هونا ما، وحرصا على شيء من وقار.
وفيما كنا نهيئ ذلك القميص، أنا وصديقتي، راحت تقول: لقد سمعتك يوما تقولين إن لزوجك آلة كاتبة قديمة العهد يضعها في غرفة مكتبه، فاسمعي إذن، إن لدينا غلاما قد انحدر من بلده البعيد ليقيم عندنا، وهو يعد نفسه اليوم لدراسة علم التجارة، وقد قلت له إن في وسعه أن يجيء في بعض الأحيان ليتدرب على الكاتبة عندكم ويمرن أنامله.
قلت: لا ضير من ذلك، فإن زوجي لا يعود في المساء في هذه الأيام من كثرة عمله وتراكم شواغله.
قالت: إن الغلام فتى هادئ وديع عليه من الذكاء سمات ومخايل. •••
وفي أصيل اليوم التالي جاء الغلام.
وكنت قد غسلت شعري قبل قدومه وجلست أجففه في قاعة الاستقبال، ولم أكن عقصت جدائلي بعد، ولا قصصت من ذوائبي الغزار، فعل النساء في عصرنا هذا، وديدن الحسان البرزات، وإنما تركت شعري مرسلا على سجية فروعه الوحفة، وضفائره المديدات.
অজানা পৃষ্ঠা