التصوير القرآني للقيم الخلقية والتشريعية
التصوير القرآني للقيم الخلقية والتشريعية
প্রকাশক
المكتبة الأزهرية للتراث
জনগুলি
ولقد نزلت هذه الآيات في الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة، حين قدم على النبي ﷺ في المدينة، فأظهر له الإسلام، وأشهد الله على أنه صادق، وتعجب النبي ﷺ من قوله العذب، ثم خرج من عند رسول الله، فمر بزرع وحمر للمسلمين، فأحرق الزرع، وعقر الحمر، فنزلت في حق هذا المنافق، ومن على شاكلته من المنافقين، الذين يزينون القول، ويخدعون به غيرهم، وما يخدعون إلا أنفسهم.
المنافق يحدثك ويشفع حديثه بقوله: الله يعلم أن ما في قلبي موافق لما جرى على لساني، وبعد قليل تنكشف خصومته، ويتجلى الباطل الذي لفقه، وهذا خلق ذميم، روى البخاري ومسلم عن عائشة ﵂ أن النبي ﷺ قال: "أبغض الرجال إلى الله تعالى الألد الخصم"، وعن أبي الدرداء فيما رواه أحمد بن حنبل عن النبي ﷺ: "كفى بك إثمًا ألا تزال مماريًا، وكفى بك ظلمًا ألا تزال مخاصمًا، وكفى بك كذبًا ألا تزال محدثًا، إلا حديثًا في ذات الله ﷿"، فشدة الخصومة من صفات المنافقين، لأنهم أحبوا الدنيا، وعبدوا المال، يتفننون في ذلك بالألوان المختلفة، ويكثرون من الجدال والخصام: ﴿أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [المجادلة: ١٩] .
وكشف الرسول ﷺ أمرهم، وفضح أسرارهم، ومزَّق أستارهم، فقال: "إني لا أخاف على أمتي مؤمنًا ولا مشركًا، أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه، وأما المشرك فيقمعه الله بشركه، ولكن أخاف عليكم كل منافق الجنان، عالم اللسان، يقول ما تعرفون، ويفعل ما تنكرون"، هذا النموذج البشري من أخطر الناس على المجتمع، وخاصة في مجتمعنا المعاصر، الذي انغمس في ماديات الحياة، وتاه بين التيارات
1 / 94