السلاسل، وظهرت نار على مسيرة أربع فراسخ من المدينة، وكانت ترمي بزبد كأنه رؤوس الجبال، ودامت خمسة عشر يومًا.
قال القاصد: وجئت ولم تنقطع بعد، بل كانت على حالها، وسأله إلى أي الجهات ترمي؟ فقال: إلى جهة الشرق، واجتزت عليها أنا ونجابة اليمن ورمينا فيها سعفة فلم تحرقها، بل كانت تحرق الحجارة وتذيبها. وأخرج قيماز المذكور شيئًا من الصخر المحترق وهو كالفحم لونًا وخفة.
قال وذكر في الكتاب وكان بخط قاضي المدينة أنهم لم زلزلوا دخلوا الحرم، وكشفوا رؤوسهم واستغفروا، وأن نائب المدينة أعتق جميع مماليكه، وخرج من جميع المظالم، ولم يزالوا مستغفرين حتى سكنت الزلزلة، إلا أن النار التي ظهرت لم تنقطع. وجاء القاصد المذكور ولها خمسة عشر يومًا وإلى الآن.
قال ابن الساعي: وقرأت بخط العدل محمود بن يوسف الأمعاني شيخ حرم المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، يقول: إن هذه النار التي ظهرت بالحجاز آية عظيمة، وإشارة صحيحة دالة على اقتراب الساعة، فالسعيد من انتهز الفرصة قبل الموت، وتدارك أمره بإصلاح حاله مع الله ﷿ قبل الموت. وهذه النار في أرض ذات حجر لا شجر فيها ولا نبت، وهي تأكل بعضها بعضًا إن لم تجد ما تأكله، وهي تحرق الحجارة وتذيبها، حتى تعود كالطين المبلول، ثم يضربه الهواء حتى يعود كخبث الحديد الذي يخرج من الكير، فالله يجعلها عبرة للمسلمين ورحمة للعالمين، بمحمدٍ وآله الطاهرين. انتهى ما ذكره ابن كثير (١) .
ومن العلماء الكبار الذين كانوا أحياء عند خروج هذه النار الإمام النووي