علم فهرسة الحديث
علم فهرسة الحديث
প্রকাশক
دار المعرفة. بيروت
প্রকাশনার স্থান
لبنان.
জনগুলি
عِلْمُ فَهْرَسَةِ الحَدِيثِ، نَشْأَتُهُ، تَطَوُّرُهُ، أَشْهَرُ مَا دُوِّنَ فِيهِ.
راجعه وقدم له الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي
دار المعرفة. بيروت - لبنان.
عدد الأجزاء: ١.
أعده للمكتبة الشاملة / توفيق بن محمد القريشي، - غفر الله له ولوالديه -.
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي].
_________
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
ملاحظة: قد يرد هذا الرقم (٢) -[كما في فهرس أسماء الكتب ص ١٣٩]: " إحياء علوم الدين " للغزالي: ص ١٢٢ (٢). فهذا يعني أن الكِتَابَ المُرَقَّمَ قد ورد مرتين في تلك الصفحة.
1 / 1
عِلْمُ فَهْرَسَةِ الحَدِيثِ، نَشْأَتُهُ، تَطَوُّرُهُ، أَشْهَرُ مَا دُوِّنَ فِيهِ.
راجعه وقدم له الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي.
دار المعرفة. بيروت - لبنان.
1 / 3
الطبعة الأولى: ١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
1 / 4
بسم الله الرحمن الرحيم
تَمْهِيدٌ:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
لم يكن الأقدمون بحاجة إلى جُهْدٍ كبير للعثور على الحديث، لأن اطلاعهم على مصادر السُنَّةِ كان واسعًا، وَصِلَتُهُمْ بها كانت وثيقة لحفظهم واستذكارهم لها، ولأنهم كانوا على علم بطريقة تأليفها وترتيبها، لذلك كان يسهل عليهم الاستفادة منها والمراجعة فيها لاستخراج الحديث.
وبقيت الحال على ذلك عِدَّةَ قرون، إلى أن ضاق اطلاع كثير من الناس على كتب السُنَّةِ ومصادرها الأصلية، فصعب عليهم حينئذٍ معرفة مواضع الأحاديث فيها، فنهض العلماء، وَشَمَّرُوا عن ساعد الجِدِّ وتناولوا المُصَنَّفَاتِ الأَصْلِيَّةِ للحديث وألفوا حولها الفهارس في محاولة منهم لتسهيل الوصول إليها.
وسنعرض في هذه الدراسة لحركة فهرسة الحديث، فنتكلم عن مصادر الحديث الأصلية التي عني العلماء بفهرستها، لم نتكلم عن نشأة فهرسة الأحاديث وتطورها عبر الزمن مستعرضين جهود ومناهج العلماء فيها، ثم نتكلم عن فكرة المَوْسُوعَةِ الحَدِيثِيَّةِ، ونعرض في الفصل الأخير لأشهر كتب فهارس الأحاديث مع وصف تفصيلي لأهمها. وقد ذَيَّلْنَا الرسالة بفهرسين، أحدهما لأسماء الأعلام، والآخر لأسماء الكتب الواردة في الكتاب.
وهذه الدراسة هي أول محاولة من نوعها تجمع ما وُضِعَ من فهارس الحديث، وكل مبتدئ في فن من الفنون يكون عمله نَاقِصًا، لم يجيء على مثال سبق، يَتَكَمَّلُ بمحاولات
1 / 5
أخرى لاحقة، لذا فإنني أرجو مِمَّنْ وجد فيها عَيْبًا أَوْ نَقْصًا أن يُنَبِّهَنِي إليه، ويفيدني بملاحظاته، ويعذرني فيما قَصَّرْتُ، وأن يدعو لي بظهر الغيب دعوة صالحة بالرحمة والغفران، فالكمال لله وحده، وهو وحده المُوَفِّقُ وَالهَادِي إلى سواء السبيل.
وكتبه يوسف المرعشلي
بيروت، ١ محرم ١٤٠٦ هـ.
1 / 6
علم فهرسة الحديث:
- أهمية فهرسة الحديث وطرق الفهرسة ........................................................ ٩
- مصادر الحديث ومناهج العلماء في تأليفها ................................................... ١٣
- نشأة فهرسة الحديث وتطورها ................................................................ ٢١
- المَوْسُوعَةُ الحَدِيثِيَّةُ ............................................................................ ٢٧
- أشهر فهارس الحديث .......................................................................... ٥٩
..... فهارس المصادر الحَدِيثِيَّةِ .................................................................. ٦١
..... فهارس المراجع الحَدِيثِيَّةِ ................................................................... ٩٨
..... فهارس كتب التفسير وعلوم القرآن ....................................................... ١٠٦
..... فهارس كتب التوحيد والعقيدة ............................................................. ١٠٩
..... فهارس كتب الفقه وأصوله ................................................................ ١١٢
..... فهارس كتب السِّيَرِ والتاريخ والتراجم .................................................... ١١٥
..... فهارس كتب الزهد والتصوف ............................................................. ١٢٢
..... فهارس كتب اللغة والأدب .................................................................. ١٢٣
1 / 8
الفَصْلُ الأَوَّلُ: أَهَمِيَّةُ فَهْرَسَةِ الحَدِيثِ وَطُرُقِ الفَهْرَسَةِ:
تعود أهمية الفهرسة إلى أنها تساعد طالب الحديث في الحصول عليه من مصدره بسهولة وسرعة، فَتُوَفِّرُ عليه بذلك الجهد والوقت، وهما عاملان هَامَّانِ في حياة المسلم.
وقد تَعَدَّدَتْ طُرُقُ الفَهْرَسَةِ، واتخذت أربعة أشكال: المسانيد، وأوائل الأحاديث، والموضوعات، وكلمات الحديث. وسنتكلم عن كل طريقة منها ونذكر أشهر الكتب المؤلفة فيها.
الطَّرِيقَةُ الأُولَى: فَهْرَسَةُ الأَطْرَافِ أَوْ المَسَانِيدِ:
وهي أن يأتي المُفَهْرِسُ إلى كتاب من كتب الأحاديث، فيجمع أحاديث كل صحابي تحت اسمه، ويذكر من الحديث طرفه الأول، وَيُرَتِّبَ أسماء الصحابة على حروف المعجم. وهي أول أشكال الفَهْرَسَةِ الحَدِيثِيَّةِ التي ظهرت عند المسلمين، وقد سموها أول الأمر بالأطراف لأنهم كانوا يكتفون بطرف الحديث الدَالِّ على بقيته، ومن هذه الفهارس: " الأشراف بمعرفة الأطراف " لابن عساكر (٥٧١ هـ)، و" تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف " لِلْمِزِّي (٧٤٢ هـ)، و" ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الحديث " للنابلسي (١١٤٣ هـ) ...
الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: فَهْرَسَةُ أَوَائِلِ الأَحَادِيثِ:
وهي أن يأتي المُفَهْرِسُ إلى كتاب مُؤَلَّفٍ على الموضوعات أو المسانيد، وَيُرَتِّبَ أحاديثه على حروف المعجم حسب أوائلها، وهي الطريقة الأكثر شيوعًا في هذه الأيام، وقد كان
1 / 9
الإمام السيوطي (٩١١ هـ) رائد هذا النوع من الفهرسة في كتبه الثلاثة " الجامع الكبير " و" الجامع الصغير " و" زوائد الجامع الصغير "، ثم توالت الفهارس على هذا النوع، وغلبت على غيرها في الأعصر المتأخرة.
الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ: الفَهْرَسَةُ المَوْضُوعِيَّةُ:
وهي أن يأتي المُفَهْرِسُ إلى كتاب مُؤَلَّفٍ على طريقة المسانيد ويعيد ترتيبه على الموضوعات، فيجمع بذلك ما تناثر في الكتاب ضمن الموضوعات، وفي ذلك فائدة كبيرة لمن يطلب الأحاديث مجموعة تحت باب واحد، وقد يلجأ لهذه الطريقة من يجمع بين كتابين أو أكثر، فيعيد ترتيبهما على التصنيف الموضوعي، ومن أشهر الفهارس المُؤَلَّفَةِ على هذه الطريقة " الجمع بين الصحيحين " للحُميدي (٤٨٨ هـ)، و" التجريد للصحاح الستة " لِرُزُيْنٍ (٥٣٥ هـ)، و" جامع الأصول " لابن الأثير (٦٠٦ هـ)، و" مجمع الزوائد " للهيثمي (٨٠٧ هـ)، و" المطالب العالية " لابن حجر (٨٥٢ هـ). و" كنز العمال " لِلْمُتَّقِي (٩٧٥ هـ)، و" الفتح الرباني في ترتيب مسند الإمام أحمد الشيباني " لِلْبَنَّا (١٣٧١ هـ) و" منحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي أبو داود " لِلْبَنَّا أَيْضًا، و" مفتاح كنوز السُنَّةِ " لفنسنك، والذي عَرَّبَهُ محمد فؤاد عبد الباقي.
الطَّرِيقَةُ الرَّابِعَةُ: فَهْرَسَةُ كَلِمَاتِ الحَدِيثِ (المُعْجِمُ المُفَهْرِسُ):
وهي أن يأتي المُفَهْرِسُ إلى كتاب مُعَيَّنٍ ويتناول بالفهرسة غريب الألفاظ، وغير الشائع منها، ويفهرس هذه الكلمات حسب أصولها الاشتقاقية على حروف المعجم مع ذكر جملة مفيدة توجد فيها هذه الكلمة، ولذلك فقد يَتَكَرَّرُ الحديث في هذا الفهرس أكثر من مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، ومن أهم هذه الفهارس ما وضعه الشيخ مصطفى بن علي بن محمد بن مصطفى البيومي المصري، العالم المسلم الذي ابتكر هذه الطريقة وفهرس لأهم كتب السُنَّةِ المشهورة، كالكتب الستة، وتبعه على ذلك المستشرقون فوضعوا " المعجم المفهرس لألفاظ الحديث " بمساعدة الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، العالم المسلم الجليل وائد الفهرسة المعاصرة.
هذه هي أهم طرق الفَهْرَسَةِ الحَدِيثِيَّةِ، وهي تُكَمِّلُ بعضها، ولا غنى للباحث عن واحدة منها، لأنه قد يلجأ لطريقة منها فلا يجد طلبه بواسطتها، فيجد أمامه طُرُقًا أخرى
1 / 10
مساعدة، وهذا يدل على مبلغ الجهد الكبير الذي بذله أئمتنا السابقون - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ - في خدمة كُتُبِ السُنَّةِ المُطَهَّرَةِ بشتى الطرق والوسائل، وسنرى ذلك واضحًا فِي فَصْلِ «أَشْهَرِ فَهَارِسِ الحَدِيثِ».
مَا هِيَ النُّصُوصُ المُفَهْرَسَةُ؟:
يَعْمَدُ بعض المفهرسين لفهرسة أقوال النَّبِيِّ ﷺ
فقط دون غيرها من أفعاله أو وصفه أو تقريراته، أو آثار الصحابة، ويعتبرون أن الحديث فقط هو من قول النَّبِيِّ ﷺ، وذلك نقص كبير يُفَوِّتُ على الباحث فرصة العثور على الحديث الفعلي، أو الوصفي، أو الإقراري، أو آثار الصحابة، فَيَضْطَرُّ لبذل الوقت وَالجُهْدِ المُضْنِيَانِ في هذا السبيل، خاصة وأن نسبة الأحاديث القولية قليلة أمام غيرها.
فالباحث عن حديث فِعْلِيٍّ في " صحيح مسلم " مثلًا، إذا رجع للفهارس التي وضعها المرحوم محمد فؤاد عبد الباقي لا يجد طلبه لأنه لم يفهرس إلا الأحاديث القولية.
وإذا علمنا أيضًا أن عِدَّةَ أحاديث " الموطأ " بتحقيق المرحوم محمد فؤاد عبد الباقي (١٨١٢) حَدِيثًا بما فيها آثار الصحابة، وأن الفهرس يتضمن فقط (٨٢٧) حَدِيثًا، تَتَبَيَّنُ لنا نسبة النقص الكبير في الفهرسة.
فَحَبَّذَا لو يقوم المُفَهْرِسُونَ بفهرسة كل ما احتواه الكتاب المُفَهْرَسُ من أحاديث قولية، وفعلية، ووصفية، وإقرارية، ومرفوعات، وموقوفات، ومراسيل، ومقاطيع، وآثار، فَيُذَلِّلُوا أمام القارئ أو الباحث طلبه أَيًّا كَانَ.
1 / 11
الفَصْلُ الثَّانِي: مَصَادِرُ الحَدِيثِ وَمَنَاهِجُ العُلَمَاءِ فِي تَأْلِيفِهَا: (١)
تَدْوِينُ الحَدِيثِ:
اشْتَدَّتْ عناية السلف الصالح من الصحابة بالحديث حفظًا في الصدور، وَقَيَّدَهُ بعضهم في الصحف، كما فعل عبد الله بن عمرو بن العاص (٦٥ هـ) بإذن رَسُولِ اللهِ ﷺ، وجابر بن عبد الله (٧٨ هـ)، وَسَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ (٥٨ هـ)، وابن عباس (٦٨ هـ).
وقد بَلَّغَ الصحابة أحاديث رَسُولِ اللهِ ﷺ جِيلَ التابعين من بعدهم، فحذوا حذوهم في حفظها وكتابتها حتى جاء عصر التدوين مع بداية القرن الثاني ونهاية القرن الأول للهجرة - الذي كان عصر الرواية - وأخذ تدوين الحديث يَتَّسِعُ ويأخذ صِفَةً رَسْمِيَّةً، ويصبح منهجًا عَامًّا لحفظ العلوم، وكان الدافع للتدوين هو حفظ الحديث من الاندثار بموت الأئمة الحفاظ، ومن التحريف والوضع الذي بدأ يظهر، فقام الأئمة الحُفَّاظُ يجمعون مَا صَحَّ عن رَسُولِ اللهِ ﷺ بأمر من الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز (١٠١ هـ)، الذي أمر عُمَّالَهُ وَوُلاَّتِهِ في الآفاق بهذه المُهِمَّةِ، ومنهم أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم (١٢٠ هـ)، وابن شهاب الزهري (١٢٠ هـ) ...
وكانت أول كُتُبٍ ظهرت في الحديث في القرن الثاني الهجري تصانيف ابن جُريج
_________
(١) راجع " الرسالة المستطرفة " للكتاني، و" أصول التخريج ودراسة الأسانيد " للدكتور محمود الطحان.
1 / 13
(١٥٠ هـ) بمكة المكرمة، ومعمر بن راشد الصنعاني (١٥١ هـ) باليمن، ومحمد بن إسحاق (١٥١ هـ) بالمدينة، والأوزاعي (١٥٦ هـ) بالشام، وسفيان الثوري (١٦١ هـ) بالكوفة، والليث بن سعد (١٧٥ هـ) بمصر، وَحَمَّاد بن سَلَمَةَ (١٧٩ هـ) بالبصرة، ومالك بن أنس (١٧٩ هـ) بالمدينة، وابن المبارك (١٨١ هـ) بخراسان، وَهُشَيْم بن بشير (١٨٨ هـ) بِوَاسِطْ، وجرير بن عبد الحميد (١٨٨ هـ) بالري ... وكانت مناهجهم في التأليف تَتَّسِمُ بِالجَمْعِ، دون تبويب أو تفصيل.
تَطَوُّرُ مَنَاهِجِ تَدْوِينِ الحَدِيثِ فِي القَرْنَيْنِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ:
تعتبر هذه الحِقْبَةُ المرحلة الذهبية لعلم الحديث فبعد أن كان الجمع هو الصفة العامة للتدوين في مراحله الأولى، أخذ التصنيف يتطور ويتنوع شيئًا فشيئًا حتى نضج واكتمل في هذه العصور، إذ ظهرت الموطآت، وَالمُصَنَّفَاتُ، والمسانيد، وَالسُّنَنُ، والأجزاء، والجوامع، والمستخرجات، والمستدركات ... وهذه الكُتُبُ غَدَتْ المصادر الرئيسية للحديث فيما بعد. وقد تَنَوَّعَتْ مناهج العلماء في تأليفها:
[المُوَطَّأُ]:
- فَالمُوَطَّأُ: في اصطلاح المُحَدِّثِينَ هو الكتاب المُرَتَّبُ على الأبواب الفقهية، ويشتمل على الأحاديث المرفوعة والموقوفة والمقطوعة، أي على الأحاديث النبوية، وآثار الصحابة والتابعين، وَمِمَّنْ صَنَّفَ الموطآت ابن أبي ذئب، محمد بن عبد الرحمن المدني (١٥٨ هـ)، ومالك بن أنس (١٧٩ هـ) وعبدان، أبو محمد، عبد الله بن محمد المروزي (٢٩٣ هـ) ...
[المُصَنَّفُ]:
- وَالمُصَنَّفُ: في اصطلاح المُحَدِّثِينَ هو الكتاب المُرَتَّبُ على الأبواب الفقهية، دون سائر أبواب الدِّينِ من سِيَرٍ ومغازي ومناقب وفضائل وشمائل، ويشتمل أيضًا على الأحاديث النبوية وآثار الصحابة والتابعين، فهو كالموطأ تمامًا، وإن اختلفت تسميته، وَمِمَّنْ أَلَّفَ فِي المُصَنَّفَاتِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ (١٦٧ هـ)، ووكيع بن الجَرَّاحِ (١٩٦ هـ)، وعبد الرزاق بن هَمَّامٍ الصنعاني (٢١١ هـ)، وابن أبي شيبة (٢٣٥ هـ)، وَبَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ (٢٧٦ هـ) ...
[المُسْنَدُ]:
- وَالمُسْنَدُ: في اصطلاح المُحَدِّثِينَ هو الكتاب الذي يُفْرِدُ حديث رَسُولِ اللهِ ﷺ خَاصَّةً عن آثار وفتاوى الصحابة والتابعين، والأساس في ترتيبه جمع أحاديث كل صحابي على حِدَةٍ، وَمِمَّنْ أَلَّفَ فِي المَسَانِيدِ: أسد بن موسى (٢١٢ هـ)، وَالعَبْسِي (٢١٣ هـ)،
1 / 14
وَمُسَدَّدْ بْنِ مُسَرْهَدْ (٢٢٨ هـ)، ونُعيم بن حماد (٢٢٨ هـ)، وإسحاق بن راهويه - شيخ البخاري - (٢٣٨ هـ)، وعثمان بن أبي شيبة (٢٣٩ هـ) وأحمد بن حنبل (٢٤١ هـ) ...
[السُّنَنُ]:
- وَالسُّنَنُ: في اصطلاح المُحَدِّثِينَ هي الكتب المُرَتَّبَةُ على الأبواب الفقهية، وليس فيها شيء من الموقوف لأن الموقوف لاَ يُسَمَّى في اصطلاحهم سُنَّةً وَيُسَمَّى حَدِيثًا. وَمِمَّنْ أَلَّفَ فِي السُنَنِ: سعيد بن منصور (٢٢٧ هـ)، والدارمي (٢٥٥ هـ)، وأبي داود (٢٧٥ هـ)، وابن ماجه (٢٧٥ هـ)، والترمذي (٢٧٩ هـ)، وَالنَّسَائِي (٣٠٣ هـ)، والدارقطني (٣٨٥ هـ)، والبيهقي (٤٥٨ هـ) ...
[الجُزْءُ]:
- وَالجُزْءُ: في اصطلاح المُحَدِّثِينَ هو الكتاب الجامع لأحاديث تتعلق بموضوع واحد على سبيل البسط والاستقصاء، كَكِتَابَيْ " الجهاد " و" الزهد " لعبد الله بن المبارك (١٨١ هـ)، وكتاب " الذكر والدعاء " لأبي يوسف صاحب أبي حنيفة (١٨٢ هـ)، و" فضائل القرآن " للشافعي (٢٠٤ هـ)، و" الفتن والملاحم " للمروزي (٢٢٨ هـ)، و" الزهد " و" الورع " و" فضائل الصحابة " لأحمد بن حنبل (٢٤١ هـ)، و" جزء رفع اليدين في الصلاة " و" القراءة خلف الإمام " للبخاري (٢٥٦ هـ) ... الخ.
[الجَامِعُ]:
- وَالجَامِعُ: في اصطلاح المحدثين هو الكتاب الجامع لكل أبواب الدين من الإيمان وأبواب الفقه، والتاريخ، والسير، والمغازي، والتفسير، والفضائل، والشمائل، وأمور الآخرة ... ويشتمل على الأحاديث المرفوعة، وَمِمَّنْ أَلَّفَ فِي الجوامع: ابن وهب المصري (١٩٧ هـ)، وشيخ المحدثين بلا منازع، الإمام أبو عبد الله البخاري (٢٥٦ هـ) الذي استجلى التصانيف السابقة، ورحل في طلب الحديث، وانتخب الشيوخ، وَصَنَّفَ كتابه " الجامع الصحيح المسند "، وتلاه تلميذه وصاحبه الإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (٢٦١ هـ) فَصَنَّفَ كتابه " الجامع الصحيح " فكان ثاني كتابين مَلآ الدنيا، واستحوذا على ثقة الناس.
وَمِمَّنْ صَنَّفَ في الجوامع أيضًا الترمذي (٢٧٩ هـ)، ولكنه لَمْ يَتَحَرَّ جمع الصحيح في كتابه كما فعل الشيخان، بل جمع الصحيح والحسن وغير ذلك، وَأَبَانَ عن درجة كل حديث في كتابه.
1 / 15
[المُسْتَدْرَكُ]:
- وَالمُسْتَدْرَكُ: في اصطلاح المحدثين هو كل كتاب جمع فيه مُؤَلِّفُهُ الأحاديث التي استدركها على كتاب آخر مِمَّا فاته على شرطه مثل " المستدرك على الصحيحين " للحاكم النيسابوري (٤٠٥ هـ) ...
[المُسْتَخْرَجُ]:
- وَالمُسْتَخْرَجُ: عند المحدثين هو أن يأتي المُصَنِّفُ المُسْتَخْرِجُ إلى كتاب من كتب الحديث فَيُخَرِّجَ أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب، فيجتمع معه في شيخه أو مَنْ فَوْقَهُ، ولو في الصحابي، وشرطه أن لا يصل إلى شيخ أبعد حتى يفقد سَنَدًا بوصله إلى الأقرب إلا لعذر من علو أو زيادة مُهِمَّةٍ، وربما أسقط المستخرج أحاديث، لم يجد له بها سَنَدًا يرتضيه، وربما ذكرها من طريق صاحب الكتاب: ويتفق ترتيب المستخرج مع ترتيب الكتاب المُخَرَّجُ عَلَيْهِ. وهناك مستخرجات كثيرة على عدد من الكتب، لكن المستخرجات على " الصحيحين " مَعًا أو على أحدهما زادت على العشرة:
منها على " البخاري ": " مستخرج الإسماعيلي " (٣٧١ هـ) و" مستخرج الغطريفي " (٣٧٧ هـ) و" مستخرج ابن أبي ذهل " (٣٧٨ هـ).
وعلى " مسلم ": " مستخرج أبي عوانة " (٣١٠ هـ) و" مستخرج الحيري (٣١١ هـ)، و" مستخرج أبي حامد الهروي (٣٥٥ هـ).
وعلى " الصحيحين ": " مستخرج أبي نُعيم (٤٣٠ هـ) و" مستخرج ابن الأخرم " (٣٤٤ هـ) و" مستخرج أبي بكر البرقاني " (٤٢٥ هـ).
ومن المستخرجات على السنن: " مستخرج قاسم بن أصبغ على سنن أبي داود "، و" مستخرج أبي نُعيم على كتاب التوحيد لابن خزيمة ".
قِيمَةُ هَذِهِ المُصَنَّفَاتِ:
تعتبر هذه المصنفات المصادر الأصلية التي جمعت أحاديث رَسُولِ اللهِ ﷺ، فقد تم خلال هذه الحقبة من الزمن تدوين الحديث، بعد أن كان يُرْوَى عن الشيخ في القرن الأول ومطلع القرن الثاني، وقد استمرت عملية الجمع والتدوين حتى نهاية القرن الخامس، إذ انتقل منهج علم الحديث بعد هذا التاريخ للدراسات النقدية تصحيحًا وتضعيفًا، وتجريحًا وتعديلًا، وشرحًا، وانتخابًا ... وتناولت دراسات العلماء فيما بعد مؤلفات القرون الخمسة الأولى الأصلية واعتمدت عليها، واستمدت منها.
1 / 16
ونظرًا لهذه المكانة الرفيعة التي احتلتها هذه المؤلفات، كان من الضروري معرفة قيمة كل واحد منها إذ لا يكفي في الاعتماد على أحد هذه المصنفات كونه قد وُضِعَ في هذه القرون، وقد تفاوتت فيها، لأن العلماء من تَحَرَّى جمع الصحيح في كتابه، ومنهم من ضَمَّنَ في كتابه الصحيح والحسن والضعيف دون مراعاة منه للصحيح فقط، وَمِمَّنْ تَحَرَّى جمع الصحيح سوى البخاري ومسلم، ابن خُزيمة (٣١١ هـ)، وأبو عوانة (٣١٦ هـ)، وابن حبان (٣٤٥ هـ)، وقد وُفِّقُوا إلى حد كبير في ذلك.
وَجُمِعَتْ كذلك في هذه القرون مُصَنَّفَاتٌ كثر فيها الضعيف من شَاذٍّ ومنكر ومضطرب، مع استتار حال رجالها، وعدم تداول ما شَذَّتْ به أو انفردت، كـ " مسند ابن أبي شيبة " (٢٣٥ هـ)، والطيالسي (٢٠٤ هـ)، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (٢٤٩ هـ)، وعبد الرزاق (٢١١ هـ) وَكُتُبُ البيهقي (٤٥٨ هـ) والطبراني (٣٦٠ هـ)، والطحاوي (٣٢١ هـ). وهذه الطبقة لا يستطيع الاعتماد عليها والاستمداد منها إلا جهابذة المحدثين.
كما جُمِعَتْ في هذه القرون أيضًا مُصَنَّفَاتٌ هزيلة، جُمِعَتْ من أفواه القُصَّاصِ وَالمُؤَرِّخِينَ غير العدول كما في تصانيف ابن مَرْدَوَيْهْ (٤١٠ هـ)، وابن شاهين (٣٨٥ هـ) وأبي الشيخ (٣٦٩ هـ)، وهذه الطبقة الأخيرة لا يُعَوِّلُ عليها أحد، وتحتاج لجهود كبيرة لتمييز صحيحها من سَقِيمِهَا.
عِلْمُ الحَدِيثِ فِي القَرْنِ الخَامِسِ لِلْهِجْرَةِ:
يعتبر هذا القرن نهاية المرحلة الذهبية لتدوين الحديث، ففيه توقف جمع المصادر الأصلية التي امتازت بالأسانيد المتصلة إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ، ولم تعد الرواية بالإسناد معتبرة بعد ذلك، ورفض العلماء الأخذ بحديث لَمْ يَرِدْ عند أحد من الأئمة السابقين، وفي ذلك يقول الإمام البيهقي (٤٥٨ هـ) على ما ينقله عنه ابن الصلاح في " مقدمته " (١): «فَمَنْ جَاءَ الْيَوْمَ بِحَدِيثٍ لاَ يُوجَدُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ لَمْ يُقْبَلُ مِنْهُ، وَمَنْ جَاءَ بِحَدِيثٍ مَعْرُوفٍ عِنْدَهُمْ فَالذِي يَرْوِيهِ لاَ يَنْفَرِدُ بِرِوَايَتِهِ، وَالْحُجَّةُ قَائِمَةٌ بِحَدِيثِهِ بِرِوَايَةِ غَيْرِهِ، وَالْقَصْدُ مِنْ رِوَايَتِهِ، وَالسَّمَاعِ مِنْهُ أَنْ يَصِيرَ الْحَدِيثُ مُسَلْسَلًا بِـ (حَدَّثَنَا) وَ(أَخْبَرَنَا)، وَتَبْقَى هَذِهِ الْكَرَامَةُ الَّتِي خُصَّتْ بِهَا هَذِهِ الأُمَّةُ شَرَفًا لِنَبِيِّنَا المُصْطَفَى ﷺ».
_________
(١) ابن الصلاح، " مقدمة علوم الحديث ": ص ١٠٨.
1 / 17
ابتدأ هذا المفهوم بالظهور منذ مطلع القرن الخامس الهجري واستمر بعد ذلك ولا يزال إلى أيامنا هذه، ومع ذلك، فقد استمر التصنيف بالإسناد، مع فقدان الثقة به تدريجيًا ... حتى انتقل منهج المحدثين إلى الإشارة لوجود هذا الحديث عند الأئمة السابقين، كما في تصانيف الدارقطني (٣٨٥ هـ)، والبيهقي (٤٥٨ هـ)، والبغوي (٥١٦ هـ).
أَعْلاَمُ المُحَدِّثِينَ فِي القَرْنِ الخَامِسِ:
- الحاكم النيسابوري، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن حمدويه (٤٠٤ هـ) صاحب " المستدرك على الصحيحين ".
- وأبو بكر بن مَرْدَوَيْهْ، أحمد بن موسى (٤١٠ هـ) وله " حديث أهل البصرة ".
- وَتَمَّامُ الرازي، القام تمام بن محمد (٤١٤ هـ)، وله " فوائد الحديث ".
- وابن نصر، عبد الرحمن بن عمر سَنَدُ دمشق (٤١٤ هـ) وله " فوائد ".
- وابن بِشْرَان، أبو الحسن علي بن محمد (٤١٥ هـ) وله " المسند " و" التخريج لصحيح الحديث ".
- وأبو نُعيم، أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني (٤٣٠ هـ) صاحب " حلية الأولياء " و" دلائل النبوة " و" تاريخ إصبهان " وغيرها.
- وأبو يعلى الخليلي خليل بن عبد الله بن أحمد (٤٤٦هـ) صاحب " الإرشاد في معرفة علماء البلاد ".
- وأبو بكر البيهقي، أحمد بن الحسين بن علي (٤٥٨ هـ) صاحب " السنن الكبرى " و"دلائل النبوة " و" شعب الإيمان " و" الأسماء والصفات " وغيرها.
- وابن عبد البر، أبو عمر، يوسف بن عبد الله بن محمد النمري القرطبي (٤٦٣ هـ) صاحب " الاستيعاب في معرفة الأصحاب " و" جامع بيان العلم وفضله " و" التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " و" الاستذكار ف شرح ما رسمه مالك في موطئه "، وغيرها.
- وابن منده، عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق (٤٧٣ هـ). وله " صحيفة همام بن منبه ".
1 / 18
- وابن ماكولا، الأمير أبو نصر، علي بن هبة الله بن علي (٤٧٥ هـ) صاحب كتاب " الإكمال في المختلف والمؤتلف من أسماء الرجال ".
- وأبو علي، الحسين بن محمد بن أحمد الغساني الجَيَّانِي (٤٩٨ هـ) وله " تقييد المهمل وتمييز المشكل في رجال الصحيحين ".
- وأبو الفضل محمد بن طاهر بن علي المقدسي، المعروف بابن القيسراني (٥٠٧ هـ) صاحب كتاب " الجمع بين كِتَابَيْ أبي نصر الكلاباذي، وأبي بكر الأصبهاني ".
- وأبو محمد، الحسين بن مسعود الفراء البغوي (٥١٦ هـ) وله " مصابيح السنة " و" شرح السنة ".
قِيمَةُ مُصَنَّفَاتِ القَرْنِ الخَامِسِ:
إِنَّ المُتَتَبِّعَ لِتَصَانِيفِ هؤلاء الأئمة يراهم يُخَرِّجُونَ الأحاديث بأسانيدهم المتصلة، ثم يذكرون عقب الحديث من أخرجه من الأئمة المتقدمين، كالإمام البخاري، أو مسلم، أو الترمذي، أو أبي داود .. وكثيرًا ما تلتقي أسانيدهم بأسانيد هؤلاء الأئمة، ونادرًا ما يَرْوُونَ من غير طريقهم، ولعل في مُصَنَّفَاتِ الإمام البغوي (٥١٦ هـ) خير نموذج لِمُصَنَّفَاتِ هذا القرن.
لقد كان ميزان صحة الأحاديث وقبولها بالنسبة لعلماء هذا القرن هو تخريج أحد الأئمة السابقين له، فما قيمة هذه المصنفات إذن؟ يمكننا حصرها بما يلي:
١ - جمع شتات الأقوال النقدية حول الحديث المروي عند الأئمة المتقدمين من تعديل وتجريح وتعليل للرواة، ووصل وإرسال وانقطاع السند ... وفي هذا فائدة عظيمة بَيَّنَتْ قيمة كثير من الأحاديث التي خَرَّجَهَا الأئمة السابقون وأحكامها من الصحة والحسن والضعف، كما في تصانيف البيهقي (٤٥٨ هـ) وابن عبد البر (٤٦٣ هـ).
٢ - الاستدراك على الأئمة برواية ما فاتهم في كتبهم وكان على شرطهم، كما فعل الحاكم النيسابوري (٤٠٤ هـ) في " المستدرك على الصحيحين " ... وفي هذا تكملة لإرساء كثير من الروايات الصحيحة التي حرص الأئمة عليها فيما قبل.
٣ - جمع عدد كبير من الروايات التي فات جمعها عند الأئمة المتقدمين، وفي هذا
1 / 19
إكمال لدور التدوين والجمع الذي بدأ مع نهاية الأول الهجري، وانتهى تقريبًا مع نهاية القرن الخامس.
ولقد لاقت مُصَنَّفَاتُ أئمة القرن الخامس وأقوالهم النقدية قبولًا عند علماء الأُمَّةِ فيما بعد، وأقبل المحدثون عليها كما أقبلوا على تصانيف الأئمة المتقدمين، ولكن بدرجة من الثقة أقل بسبب طول الإسناد وبعده عن مصدر النبوة واحتمال السهو والخطأ في الحفظ، وَتَرَدَّدَتْ أسماء أعلام هذا القرن في مُصَنَّفَاتِ المُتَأَخِّرِينَ كما أقبل المُحَقِّقُونَ على تحقيقها وإخراجها لعالم المطبوعات، فغدا معظمها متداولًا متناولًا والحمد لله.
مَصَادِرُ أَصْلِيَّةٌ أُخْرَى لِلْحَدِيثِ:
ويلحق بهذه المصادر الأصلية للحديث الكتب المُصَنَّفَةُ في الفنون الأخرى كالتفسير، والفقه وأصوله، والتاريخ ... التي وُضِعَتْ في القرون الخمسة الأولى أيضًا، والتي جمعت الأحاديث التي رواها مُصَنِّفُوهَا بأسانيدها المتصلة عن شيوخهم إلى النَّبِيِّ ﷺ، دون أن يأخذوها من مُصَنَّفَاتٍ أخرى متقدمة، ومن هذه الكتب كتاب " الأم " للشافعي (٢٠٤ هـ) و" تفسير الطبري " (٣١٠ هـ)، و" تاريخه "، و" تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي (٤٦٣ هـ) ... الخ.
المَرَاجِعُ الحَدِيثِيَّةُ:
ونقصد بالمراجع الحديثية كُتُبَ السُنَّةِ التي وضعت فيما بعد القرن الخامس، لتوقف التصنيف بالإسناد مع نهاية هذا القرن تقريبًا، وانتقال منهج المحدثين بعد هذا التاريخ إلى تناول مؤلفات القرون الخمسة الأولى، وَوَضْعِ الكُتُبِ حَوْلَهَا شَرْحًا، وَاخْتِصَارًا، وَنَقْدًا ...
ولقد برز من أصحاب المراجع أئمة أعلام منهم: القاضي عياض (٥٤٤ هـ)، وابن عساكر (٥٧١ هـ)، وابن الجوزي (٥٩٧ هـ)، وابن الأثير الجزري (٦٠٦ هـ)، والمنذري (٦٥٦ هـ)، والنووي (٦٧٦ هـ) وابن دقيق العيد (٧٠٢ هـ)، وابن تيمية (٧٢٨ هـ) وابن عبد الهادي (٧٤٤ هـ)، والذهبي (٧٤٨ هـ) وابن القيم (٧٥١ هـ)، والزَّيْلَعِي (٧٦٢ هـ)، والعراقي (٨٠٦ هـ)، والهيثمي (٨٠٧ هـ)، وابن حجر (٨٥٢ هـ) وَالسَّخَاوِي (٩٠٢ هـ) وخاتمة الحفاظ السيوطي (٩١١ هـ) ... وقد تناول البَعْضُ كُتُبَ هؤلاء الأئمة ووضعوا لها فهارس أيضًا، وهذا ما سنعرضه في الفصل التالي إن شاء اللهُ.
1 / 20
الفَصْلُ الثَّالِثُ: نَشْأَةُ فَهْرَسَةِ الحَدِيثِ وَتَطَوُّرِهَا:
عِنَايَةُ المُحَدِّثِينَ بِالسُنَّةِ الشَّرِيفَةِ:
عُنِيَ عُلَمَاءُ السُنَّةِ السَّابِقِينَ كما رأينا - أحسن اللهُ إليهم وأثابهم خيرًا - بكل ما يجب وَيُنْدَبُ وَيُسْتَحَبُّ من رواية الحديث وحفظه وتدوينه في المسانيد، والجوامع، والسنن الجامعة، والخاصة بالعقائد والأحكام، وإفراد الصحاح منها، وإتمامها بالمستخرجات، والمستدركات عليها، ووضعوا المعاجم لمفرداتها، ولأوائلها لتسهيل المراجعة، وسبقوا جميع الأمم في ذلك، وتركوا لنا ثروة واسعة في ضبط السُنَّةِ لَمْ يُوَفَّقْ لِمِثْلِهَا وَلاَ لِمَا يَقْرُبُ مِنْهَا أحد من أتباع الأنبياء والمرسلين، يَسَّرَتْ لمن بعدهم التَفَقُّهَ فيها والاستنباط منها في كل زمان يحتاج إليه أهله. ومن صُوَرِ عنايتهم بالحديث فهرسته، وقد وضعوا في ذلك مئات الكتب، وسنعرض فيما يلي لنشأة هذه الحركة العلمية وتطورها عبر القرون.
نَشْأَةُ عِلْمِ الفَهْرَسَةِ عِنْدَ المُسْلِمِينَ:
يُعْتَبَرُ المسلمون أسبق الأمم جميعًا لعلم الفهرسة، وقد ابتدأوا ذلك في القرن الثاني بترتيب كتب الأحاديث ورجالها، ومفردات القرآن الكريم، واللغة العربية وسائر العلوم ضمن معاجم على حروف الهجاء، وَمِمَّنْ ساهم في إرساء أصول علم الفهرسة الخليل بن أحمد (١٧٥ هـ) واضع كتاب " العين "، والإمام محمد بن عزيز السِّجِسْتَانِي (٣٣٠ هـ) الذي وضع كتابه " غريب القرآن " وجمع فيه المفردات القرآنية وشرحها على ترتيب حروف الهجاء، ومنهم ابن دُريد (٣٢١ هـ) الذي أَلَّفَ كتاب " جمهرة اللغة "، وهو معجم لغوي مُرَتَّبٌ على
1 / 21
حروف الهجاء ومنهم ابن النديم (٤٣٨ هـ) واضع كتاب " الفهرست " جمع فيه ما أُلِّفَ من الكتب حتى عصره، وقد ظهرت هذه الفهارس عند المسلمين قبل ظهور أول معجم إنكليزي بنحو سبعة قرون، كما يقول الدكتور محمد أحمد الغمراوي في كتابه " مرشد المتعلم " ص: ٢٧٦، ويزيد قائلًا: «فَالعَرَبُ هُمْ أَسْبَقُ الأُمَمِ قَاطِبَةً إِلَى القَوَامِيسِ تَأْلِيفًا وَاسْتِعْمَالًا لِلْتَرْتِيبِ الهِجَائِيِّ فِيهَا، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ المُتَأَدِّبِينَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ التَّرْتِيبَ الهِجَائِيَّ شَيْءٌ اِبْتَدَعَهُ الإِفْرَنْجُ، وَاخْتَصَّتْ بِهِ القَوَامِيسُ الإِفْرَنْجِيَّةُ».
وقد استفاد المسلمون في هذه الفترة المُبَكِّرَةِ من علم الفهرسة واستخدموه في خدمة السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ، فوضعوا ما يُسَمَّى بـ " المسانيد "، وهي الكتب المُصَنَّفَةُ على ترتيب أسماء الصحابة، جمعوا فيها أحاديث كل صحابي تحت اسمه، وهو نوع من الفهرسة المتقدمة، ومن أشهر هذه المسانيد: " مسند أسد بن موسى (٢١٢ هـ)، و" مسند العبسي " (٢١٣ هـ)، و" مسند مسدد بن مسرهد " (٢٢٨ هـ)، و" مسند نُعيم بن حماد " (٢٢٨ هـ)، و" مسند إسحاق بن راهويه " - شيخ البخاري - (٢٣٨ هـ)، و" مسند عثمان بن أبي شيبة " (٢٣٩ هـ)، و" مسند أحمد بن حنبل " (٢٤١ هـ) وهو أكبرها على الإطلاق إذ تَضَمَّنَ حوالي ثلاثين ألف حديث، وغيرها من المسانيد التي أربت على المائة.
كما استخدم المسلمون الفهرسة في نوع آخر من المُصَنَّفَاتِ الحَدِيثِيَّةِ يُسَمَّى بـ " المعاجم " والمعجم في اصطلاح المحدثين هو الكتاب الذي تُرَتَّبُ فيه الأحاديث على مسانيد الصحابة، أو الشيوخ، أو البلدان أو غير ذلك، والغالب أن يكون ترتيب الأسماء فيه على حروف المعجم، ومن هذه الكتب " المعجم الكبير " للطبراني (٣٦٠ هـ)، و" المعجم الأوسط " له أيضًا، و" المعجم الصغير " له أيضًا، و" معجم الصحابة " لابن لال (٣٩٨ هـ)، و" معجم الصحابة " لأبي يعلى الموصلي (٣٠٧ هـ).
واستخدم المسلمون علم الفهرسة أيضًا في علم رجال الحديث في فترة مُبَكِّرَةٍ تعود للقرن الثالث، فَأَلَّفُوا كتب التراجم على صورة المعاجم، وَرَتَّبُوا فيها الأعلام على الحروف أيضًا، وَأَلَّفُوا في ذلك مؤلفات ضخمة واسعة؛ منها كتاب " التاريخ الكبير " للبخاري (٢٥٦ هـ) وكتاب " الجرح والتعديل " [لابن] أبي حاتم الرازي (٣٢٧ هـ) و" الضعفاء الكبير " للعقيلي (٣٢٢ هـ)، و" الكامل في ضعفاء الرجال " لابن عدي الجرجاني (٣٦٥ هـ).
1 / 22
فَهْرَسَةُ الحَدِيثِ فِي القَرْنِ الرَّابِعِ:
بدأت محاولات الأئمة المتقدمين بفهرسة المصادر الأصلية منذ القرن الرابع، وقد بذلوا جُهْدًا كَبِيرًا لإرشاد الباحثين عن الأحاديث في مظانها من الدواوين الكبار كـ " الكتب الستة " وغيرها، فابتدأوا بتأليف نوع من الفهارس لها سموه الأطراف، رَتَّبُوا فيه أسماء الصحابة على الحروف، وجمعوا تحت اسم كل صحابي أحاديثه المروية في أحد هذه المصادر أو مجموعة منها.
ومن أقدم هذه الكتب: " أطراف الصحيحين " للإمام الحافظ خلف بن حَمْدُونَ الوَاسِطِي المُتَوَفَّى سَنَةَ (٤٠١ هـ)، وكتاب " الجمع بين الصحيحين " للحافظ أبي مسعود الدمشقي إبراهيم بن محمد بن عبيد (٤٠١ هـ) وكتاب " الجمع بين الصحيحين " للحافظ البرقاني أبي بكر أحمد بن محمد شيخ بغداد (٤٢٥ هـ)، وكتاب " أطراف الغرائب والأفراد " للإمام الحافظ الكبير أبي القاسم علي بن عساكر الدمشقي المُتَوَفَّى سَنَةَ (٥٧١ هـ) وكتاب " تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف " للحافظ المِزِّي (٧٤٢ هـ) الذي نَقَّحَ فيه كتاب ابن عساكر وزاد فيه زيادات واستدراكات، وكتاب " جامع المسانيد والسنن الهادي لأقوم سنن " للحافظ ابن كثير الدمشقي (٧٧٤ هـ)، ثم جاء الشيخ عبد الغني النابلسي (١١٤٣ هـ) فاختصر كتاب المِزِّي في كتابه " ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الأحاديث " وهو أكثر كتب الأطراف فائدة مع الاختصار التام، وقد جعله لأطراف " الكتب الستة " و" موطأ مالك ".
ومن صُوَرِ فهرسة الأحاديث في العصور المبكرة أيضًا، تجميعها في دواوين كبيرة تضم مجموعة من المصادر الأصلية على أساس التصنيف الموضوعي مع حذف المُكَرَّرِ مِنْهَا، ومن أولى هذه المحاولات ما فعله الحافظ الحُمَيْدِيُّ أبي عبد الله محمد بن أبي نصر الأندلسي (٤٨٨ هـ) في كتابه " الجمع بين الصحيحين ".
ثم تبع ذلك محاولات متعددة لتجميع السُنَّةِ على صعيد واحد في مصنفات مستوعبة بعد انتهاء عهود الرواية والتدوين كان من أهمها: " التجريد للصحاح الستة " لِرُزَيْن بن معاوية العبدري الأندلسي (٥٣٥ هـ)، و" جامع الأصول في أحاديث الرسول " لابن الأثير الجزري (٦٠٦ هـ)، و" مجمع الزوائد ومنبع الفوائد " للحافظ نور الدين الهيثمي
1 / 23