55

فالله الذي يخلص عباده هذا الخلاص أو ذاك هو «ذات» على كلتا الحالتين يتشبث بها العابد أو يستسلم لقضائها فتسهر عليه وإن غفل عنها.

ويتسمى هذا الإله بثلاثة أسماء على حسب فعله في الوجود، فهو «برهما» حين يكون الموجد الخالق، وهو فشنو حين يكون الواقي المحافظ، وهو سيفا حين يكون المهلك الهادم، ولا نهاية للتداخل ولا للترجيح بين هذه الأسماء والوظائف والأفعال، على تباين النحل والملل والأجيال.

أما الفريق الثاني فالحقيقة الأبدية عنده معنى ليس له قوام من «الذات» الواعية، وإنما هو قانون يقضي بتلازم الآثار والمؤثرات، ويقابل الاعتقاد بالقضاء والقدر عند المؤمنين بالأديان الكتابية، ونعني بها الإسرائيلية والمسيحية والإسلام.

إلا أنه قضاء يسري على الآلهة كما يسري على البشر، ويتغلغل في طبائع الخالقين كما يتغلغل في طبائع المخلوقات، وحكمه الذي لا مرد له هو حكم التغير الدائم والفناء، وحكم الإعادة والإبداء.

ولا نحسب أن أحدا من الأقدمين بلغ في إعظام الأكوان المادية مبلغ البراهمة، سواء في تقدير السعة أو تقدير القدم أو تقدير البقاء، فإن أناسا من الأقدمين لم يجاوزوا بعمر الأكوان المادية بضعة آلاف سنة، وأناسا منهم جعلوا لها خلقا واحدا وفناء واحدا خلال أجل مقدور من القرون، ولكن البراهمة جعلوا لها أربعة أعمار تساوي اثني عشر ألف سنة إلهية وأربعة ملايين وثلثمائة وعشرين ألف سنة شمسية، وبعض المتأخرين يضاعفها ألف ضعف ويقولون جميعا إنها دورة واحدة من دورات الوجود، وإن هذه الدورة هي يوم يقظة يقابله ليل هجوع، ينقضي بين كل دورة فنيت وكل دورة آخذة في الابتداء.

والقانون الأبدي

Karma

يقلب هذه الأدوار فيبدئها ويحفظها ويفنيها ثم يختم هذا النهار بليل من ليالي الهجوع، ثم يعود فيطلع النهار كرة أخرى دواليك إلى غير انتهاء؛ لأنه لا انتهاء للزمان.

ويتضاءل الإنسان الفاني كلما تعاظم هذا الفناء الخالد أو هذا الخلود الذي يتجدد بالفناء، فليس للإنسان حساب كبير في هذه الحسبة الأبدية؛ لأنه «رقم» ضئيل يغرق في طوفان الأرقام التي لا يحيط بها العد والإحصاء.

وعلى هذه القاعدة قامت البوذية التي بشر بها البوذا جوتاما قبل الميلاد المسيحي بحوالي خمسة قرون.

অজানা পৃষ্ঠা