196

ونأتي بعد ذلك إلى النتيجة الثالثة وهي إدراك هذه الذات.

فكل شرط يذهب إليه الذاهبون لتقييد «الذات» الإلهية بصفة من الصفات المعهودة لدينا فهو شرط قائم على غير أساس.

فلا أساس للقول بأن «الله» لا تكون له صفات متعددة؛ لأنه جوهر بسيط.

ولا أساس للقول بأن الله لا يريد لأن الإرادة اختيار بين أحوال، والله منزه عن الأحوال.

ولا أساس للقول بأن الله لا يعلم الجزئيات لأنه يعلم أشرف المعقولات، وهو ذات الله.

فنحن قد جهلنا البساطة في المادة وأحكامها ونحن نلمس الأجسام ونعيش في الأجسام.

جهلنا البساطة المادية فقال الأقدمون: إن المادة كلها من النار والتراب والهواء والماء، ثم عللنا التركيب بتعدد العناصر واختلاف توليف الذرات، ثم علمنا أن الذرات كلها تنتهي إلى إشعاع وهو أبسط ما تراه العين ويلم به الخيال، وقد كانوا قديما يقولون إن الأجرام العلوية خالدة أبدية لا يعرض لها الفساد والتغير لأنها نور بسيط، فكل الأجسام إذن نور بسيط لا نعلم منه إلا أنه حركة في فضاء! ونحن قد جهلنا أحكام البساطة وصفاتها في المادة المحسوسة قرونا بعد قرون، ولا نزال نعلم أننا واهمون فيما تتصف به من الحركة والسكون، فمن أين لنا أن ندرك أحكام البساطة الإلهية قياسا على وصف لا تحيط به العقول؟

من أين لنا أن إرادة الله من قبيل إرادتنا؟ وأن علم الله من قبيل علمنا؟ وكيف يكون الوجود إن لم يكن وجودا يفعل ويخالف العدم؟ وكيف يخالف العدم إذا كان سلبا لا أثر له على سبيل الثبوت؟

هنا نعلم أن الدين لم يكن أصدق عقيدة وكفى، بل كان كذلك أصدق فلسفة حين علمنا أن الله جل وعلا

ليس كمثله شيء .

অজানা পৃষ্ঠা