الكتاب المختص
النصيحة المختصة
তদারক
الدكتور عبد الستار أبو غدة
প্রকাশক
دار الأقصى
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤١٢ هـ - ١٩٩١ م
প্রকাশনার স্থান
القاهرة
জনগুলি
النصيحة المختصة
لابن الحبَّال البعلّى
أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن علي بن حاتم
(٦٧٢ - ٧٤٤ هـ)
من أصحاب ابن تيمية
تنشر عن المخطوطة الوحيدة بخط ابن المؤلف
تحقيق
الدكتور/ عبد الستار أبو غدة
نشر
دار الأقصى
1 / 1
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
١٤١٢ هـ - ١٩٩١ م
نشر
دار الأقصى
٣٧ ش بهاء الدين بالدراسة
هاتف ٩٢٩١٥٣ - القاهرة
1 / 2
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله، والرضا عن أصحابه، والسلف الصالح المتبعين لهم بإحسان.
وبعد، فإن المؤلفات الكثيرة المتنوعة في علوم الدين لم تغن عن كتابات خاصة يختار فيها الكاتب ثمار تلك العلوم والقطوف الدانية منها، متخففا من المنهج التأليفي أو الاستيعاب لمسائل العلم الذي يود أن يطرقه، بل يمر بتلك المسائل مرور النحلة التي ألهمت أن تأكل من الثمرات وهي تسلك سبل ربها ذللا، فإذا بتلك الكتاب -على وجازتها- تغدو كشراب مختلف الألوان فيه الشفاء من أدواء الاعتقاد أو السلوك لما فيه من نداءات.
1 / 3
خالصة للنهوض من الغفلة التي ترين على القلوب بما تكسب الجوارح من آثام، وما تنساق إليه النفوس من عادات مجافية للشرع وبدع محدثة لا تروج إلا على حساب طمس الحقائق واندثار معالم السنة وهدي النبوة.
وهذه الكتابات الرشيقة الآخذة من كل علم بطرف، تظهر في صور عديدة:
منها: أسلوب تقييد الخواطر فيما يشبه كتابة المذاكرات النافعة للآخرين، كصيد الخاطر لابن الجوزي.
ومنها: طريقة تجميع الفوائد، كبدائع الفوائد لابن القيم.
ومنها: منهج كتب الحسبة وهي كثيرة معروفة .. وبعضها لم يحمل بين طيات اسمه كلمة (الحسبة) مع أنه من أهم كتبها، كمعيد النعم ومبيد النقم للسبكي.
ومنها: كتب الوصايا، والنصائح والعظات.
ومن الوصايا ما يذكر في الكتابات الديوانية كالعهود.
1 / 4
والتقاليد والتفاويض والمراسم قال ابن فضل الله العمري في كتاب «التعريف بالمصطلح الشريف» ممهدا لما أورده منها بحسب المراتب وأصحاب المناصب والمهن: "وهذا باب كبير، وللقلم فيه سبح طويل" واستغرق بيانه للنماذج المختلفة من ص ١٢٩ - ١٨٥.
وهذه النصيحة المختصة التي بين أيدينا هي من هذا القبيل، فقد آلت إليّ مخطوطتها في نسختها الأولى (وربما الوحيدة حسب علمي) لأنها بخط ابن المؤلف ولعله كتبها ليحملها شخص غريب فلا يعرف أمرها ولا تذكر في عداد مؤلفات صاحبها.
وهذا ما تبين بعد البحث والتتبع في فهارس المخطوطات المتاحة ودواوين التراث وعلى رأسها أعمال بروکلمان وسزكين.
لقد حرصت على إخراج هذه (النصيحة) من طيّ الخفاء، لما وجدته فيها من استجماع ما أشرت إليه من صفات تميزت به أمثال هذه الوصايا الوجيزة عن المؤلفات المطولة المبوبة .. وأشفقت أن تضيع بعد ما احتجبت عن
1 / 5
الضوء قرونا كثيرة .. فقمت بتحقيق نصها وتهيئته للنشر بصورة لا تحرمها ما هي عليه من وجازة ورشاقة، ولم أر مسوغا للتعليق المسهب عليها حتى لا تخرج عن طبيعتها التي أرادها عليها كاتبها .. فلم أزد عن توثيق النص، وتخريج الآيات والأحاديث والآثار، وإيضاح بعض ما يعسر فهمه، بالقدر الضروري، سعيا إلى تيسير الانتفاع بها على نطاق واسع.
وفيما يلي نبذة عن المؤلف والمخطوطة
1 / 6
(المؤلف)
ابن الحبال البعلي
لم يمكن العثور إلا على ترجمة موجزة جدا للمؤلف أوردها الحافظ ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة فقال: "إبراهيم بن عبد الرحيم بن علي بن حاتم البعلبكي، أبو إسحاق بن الحبال.
ولد في رمضان سنة ٦٧٢ هـ، وسمع من التاج عبد الخالق، وأبي الحسين اليونيني، وغيرهما، ومات سنة ٧٤٤ (^١) ".
ولم يترجم له ابن رجب الحنبلي في ذيل طبقات الحنابلة مع أنه غطى تلك الفترة، ولا صاحب شذرات الذهب ولا ابن الوردي في تتمة المختصر.
والبعلي والبعلبكي وجهان في النسبة إلى (بعلبك) لأنها
_________
(^١) الدرر الكامنة لابن حجر ١/ ٣٩ ط/ ٢.
1 / 7
علم مركب مزجي.
والشهرة بابن الحبال امتدت إليه من أحد أجداده، وهي إما لبيع الحبال أو صناعتها، ولم يذكروا في ترجمته مزاولة هذه المهنة، ولا أشاروا إلى احتراف أبيه لها. مع أن المؤرخين يهتمون ببيان المهن والصناعات وسبب النسبة إليها أو الاشتهار بها ..
وقد أشار في أثناء كلامه إلى تلقيه وصية بليغة من شيخه ابن تيمية عام ٧٠٣ هـ يحذره فيها من طلب حظوظ الدنيا، ورضا الناس والركون إلى شكرهم فيما يؤدي لسخط الله تعالى، ثم يقول إنه وجد لهذه الوصية ثمرات عجيبة، ويبدو أن هذا وراء انجماعه عن الناس وبعده عن أسباب الظهور والشهرة .. ولهذا لم نجد في ترجمته المحدودة بيانات عن علاقاته الاجتماعية، بل عن مشايخه إلا النفر القلة المصرح بهم، مع عدم الشك في اشتغاله على علماء عصره في العلوم المختلفة كما جرت العادة في تلك العصور التي حَفِلَت بنوابغ يرحل إليهم من الآفاق، فقد كان في عصره إلى جانب ابن تيمية أمثال ابن الشيرازي، والشهاب
1 / 8
النابلسي، والمجد التونسي، وابن أبي الفتح وأبو بكر بن عبد الدائم، وغيرهم.
وكذلك الحال في تلاميذه فلم يذكر منهم أحد إلا ذلك التلميذ المبهم اسمه وهو الذي وجه إليه هذه النصيحة، ويدل على من وراءه قول المؤلف: "غير أني فهمت من أحوالك الباطنة والظاهرة ما أكد عندي أن أدخل معك في طرف من التفصيل".
فهذا التوصيف يشير إلى تميزه عن بقية تلاميذه .. كما أن من أخص تلاميذه ولده (أحمد) الذي نسخ هذه المخطوطة وقد نسخها في طرابلس الشام، ولعله كان في إحدى رحلاته وحده أو مع والده.
أما أثار المؤلف الأخرى فهي في حيز المجهول إلى أن يتم العثور على ترجمة مفصلة لسيرة حياته، لكن أسلوبه القوي واستحضاره الذكي في هذه النصيحة يدل على خبرة وممارسة للتأليف مما لم يصل إلينا علمه.
***
1 / 9
الكتاب
موضوع الكتاب:
بالإضافة إلى ما سبق في التقديم عن موضوع هذا الكتاب تجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب يندرج موضوعه تحت علم التربية (التصوف أو السلوك) أو علم الآداب الشرعية أو علم الأخلاق وما وصل إلينا من هذا النوع إما علم لم يوجه إلى شخص معين، وإما کتب خصيصا ليوجه من والد إلى ولده أو من أستاذ إلى تلميذه، أو صاحب إلى صديقه.
ويغلب على النوع العام من ذلك أن يحتوي على أبواب متكاملة ويشتمل على المقولات الممثلة لهذا الفن في حين لا يهدف بعضها إلى مراعاة علم من هذه العلوم، بل يرمي إلى تحريك الهمم ويؤدي دور الحافز إلى مراجعة مقولات تلك العلوم، ويأخذ مظهر الاختصار والطرافة وهذا هو منهج (الوصايا الخاصة) .. ومن تلك الوصايا،
1 / 10
رسالة "أيها الولد" للغزالي، و"لفتة الكبد إلى نصيحة الولد" لابن الجوزي، والوصايا المتعددة الكثيرة التي كتبها ابن تيمية وبعضها كان إجابة لمن سأله أن يوصيه .. كما ذكر تلميذه ومؤرخ حياته الشمس بن عبد الهادي، وعدة صفحات بعضها كراريس، كوصيته لابن المهاجري (^١) فضلا عن الوصايا والعظات التي ترد مسرودة في سير علماء السلف، وتكون وجاها أو مراسلة .. وللأوزاعي الكثير من هذه النمط مما أورده أبو نعيم عند ترجمته له في الحلية (^٢).
هذا وإن كثيرا مما أفرده العلماء من وصايا مختصة قد اندثر، لأنها كانت تأخذ شكل الرسائل الإخوانية فإذا بلغت محلها (وهو الشخص الموصى بها) فإما أن يكتب لها الذيوع لنهوضه بشأنها وتسببه في تداولها، وإما أن توأد
_________
(^١) العقود الدرية من سيرة شيخ الإسلام ابن تيمية، لابن عبد الهادي ٥٧.
(^٢) حلية الأولياء، لأبي نعيم ٦/ ١٣٦
1 / 11
عنده وتُقبَر بين أوراقه المتداخلة، وتغيب في (الدشت) الذي لا يخلو منه بيت العالم، ولم يكن من المألوف أن يعني کاتب الوصية بالاحتفاظ منها بنسخة قبل إرسالها، بل ربما حصل ذلك بمبادرة من تلاميذه الذين يسارعون إلى تدوينها قبل أن تأخذ طريقها إلى الموصى بها.
وقد ذكروا في سيرة ابن تيمية (وهو كثير الإسهام في باب الوصايا) أنه كان يسأل عن مسألة، فيكتب جوابها للسائل وهو غريب عن البلد - فإن حضر من يبيضه (ويحتفظ بنسخة منه) وإلا أخذ السائل خطه ورحل (^١) .. وكان هذا آخر العهد بذلك الأثر العلمي الذي قد يفارق صاحبه إلى غير لقاء، إذا لم يتح فيما بعد الاستنساخ عن هذه المخطوطة الوحيدة ليشتهر أمرها ويضوع نشرها بدلا من أن يضيق نفعها أو يضيع أثرها.
_________
(^١) العقود الدرية ٦٥، ثم يقول: فإن وجد من نقله من خطه وإلا لم يشتهر ولم يعرف.
1 / 12
المخطوطة
هذه المخطوطة في حيازتي، وهي تقع في (١٣) صفحة، ومقاسها ٢٠*١٥ ومسطرتها (١٥) سطرا، وهي مكتوبة بخط واضح تداخل فيه نوع النسخ بالفارسي، وبعض الكلمات مشکولة.
والنسخة مليئة بالتصحيحات بقلم مماثل إلحاقا لسقط أو تصحيحا عند المقابلة، وليس فيها هوامش، لكن في بعض حواشيها إشارة الاستدراك لما سقط عند النسخ أو وقع فيه سهو.
وقد كتبت عام ٧٥٩ في طرابلس الشام بيد ابن المؤلف وهو أحمد بن إبراهيم، ويظن أنه من طلبة العلم وإن لم نجد له ترجمة تبين نصيبه منه. أما تاريخ تأليفها فيعرف من بيان جاء في أواخرها حيث قال إنه تلقى نصيحة من ابن تيمية عام ٧٠٣ ثم قال: "ولقد وجدت
1 / 15
-والله- في مدة العمر لهذه الوصية ثمرات عجيبة"، مما يدل على أن ذلك وقع بعد هذا التاريخ ثم هو يدعو لابن تيمية بالتأييد أي كان ذلك في حياته وقد توفي ٧٢٨ فيكون قد ألفها عام ٧٢٧ تقريبا وقد تأخر نسخها ثلاثين عاما بعد نسختها الأولى.
الدكتور عبد الستار عبد الكريم
أبو غده
1 / 16
صورة الصفحة الأولى من المخطوطة الوحيدة
1 / 17
صورة إحدى صفحات المخطوطة، وفيها ذكر شيخ
المؤلف (ابن تيمية)
1 / 18
صورة الصفحة الأخيرة من المخطوطة الوحيدة
1 / 19
بسم الله الرحمن الرحيم
ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل، الحمد لله نستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد، أيها الأخ العزيز، أعاننا الله وإياك على حفظ قلوبنا وجوارحنا، فإن "الدين النصيحة" كما ثبت في الحديث الصحيح (^١)، وقد علمت ما أوثره لك من الخير
_________
(^١) حديث "الدين النصيحة" قلنا: لمن؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"، أخرجه مسلم في صحيحه ١/ ٥٣
عن تميم الداري وأبو داود وأحمد والبزار والبخاري في تاريخه ورواه في صحيحه معلقا ١/ ٢٢ وهذا الحديث جعله بعض العلماء ربع الإسلام، لأنه أحد أربعة أحاديث يدور عليها الإسلام.
1 / 23
وأرجوه لك من تمام الأمر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأبواب النصائح متعددة، والأمر بلزوم حقائق التقوى كلمة جامعة، غير أنني فهمت من أحوالك الباطنة والظاهرة ما أكد عندي أن أدخل معك في طرف من التفصيل، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، ومنه نسأل أن يوفقنا جميعا لاقتفاء منهج الدليل ﷺ وأن يحمينا من كل ما يوجب الخسارة في الدنيا والآخرة، إنه جواد کريم.
***
1 / 24
أما أولا:
فإن من أعز الأشياء قلبَك ووقتَك، فإذا لم تحفظ قلبك عن الاشتغال بالخطوط الفانية، وتستعمل وقتك فيما يوجب لك الترقي بقوة الله إلى الدرجات العالية، ضاعت فوائدك وفاتت مقاصدك. وفي الحديث النبوي المعروف قوله ﷺ: "اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك، ودنياك قبل آخرتك (^١) "، وفي
_________
(^١) يلحظ هنا مخالفة السياق الروايات المعروفة في كتب الحديث ففي معظمها البدء بالحياة فالصحة فالفراغ فالشباب وخامسها: "غناك قبل فقرك"، ولم يرو "دنياك قبل آخرتك" فالظاهر اعتماده على الذاكرة وقد خانته هاهنا. والحديث أخرجه النسائي عن عمرو بن ميمون مرسلا، وأبو نعيم كذلك في الحلية ٤/ ١٤٨، والحاكم ٤/ ٣٠٦ وفيه البدء بالشباب وصححه ووافقه الذهبي واعترضهما المناوي لضعف جعفر بن برقان وقال أخرجه أحمد في الزهد وحسن العراقي إسناده (فيض القدير ٢/ ١٦).
1 / 25