ألفية السيوطي نظم الدرر في علم الأثر - ت القاسم
ألفية السيوطي نظم الدرر في علم الأثر - ت القاسم
তদারক
د عبد المحسن بن محمد القاسم
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤٤٢ هـ - ٢٠٢١ م
জনগুলি
بسم الله الرحمن الرحيم
المُقدِّمة
الحمد للَّه ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بعد:
فإنَّ الله أنزل كتابَه نورًا وهدىً للعالمين، وجاءت السُّنَّة النَّبويَّة مُفسِّرَةً ومبيِّنةً له، ودالَّةً عليه، ومُعبِّرةً عنه، فحفظ الصَّحابةُ ﵃ السُّنَّة، وبذلوا في ذلك أوقاتَهم، وتلقَّى عنهم التَّابعون وساروا بِسَيْرهم.
ثم مِنْ بعدِهم صَنَّفَ العلماءُ في مصطلَح الحديث؛ في أنواعٍ منه سَطَرُوها ضِمنَ كتبهم، وأفردوا بعضها في كتبٍ متفرِّقَة، ثم جمعوا ما تفرَّق في بطون الكتبِ ورتَّبوها وزادوا عليها؛ فكان القاضي الحسنُ بنُ عبد الرَّحمن الرَّامَهُرْمُزِيُّ ﵀ (ت ٣٦٠ هـ) أوَّلَ مَنْ أفردَ علمَ أصولِ الحديث بالتَّصنيف، في كتاب سمَّاه: «المُحَدِّث الفاصل بين الرَّاوي والواعي».
ثم تلاه الحافظُ أبو عبد اللَّه الحاكم النَّيسابوريُّ (ت ٤٠٥ هـ)، فصنَّف كتابًا خفيفًا يشتملُ على أنواعِ علم الحديث بمحاسن فيه لم يُسبَق إليها، سالكًا في ذلك الاختصار، دون الإطناب والإكثار، وسماه: «معرفة علوم الحديث وكمِّيَّة أجناسِه».
1 / 5
ثم نقَّح الحافظُ أبو عمرٍو عثمانُ الشَّهرزُورِيُّ المشهورُ بابن الصَّلاح ﵀ (ت ٦٤٣ هـ) كتابَ الحاكم، وهذَّبه واستدرَك ما فاته، واعتنى بتصانيف الخطيب البغداديِّ ﵀ (ت ٤٦٣ هـ)، فجمع شتاتَ مقاصدِها، وضَمَّ إليها من غيرِها نُخَبَ فوائدِها، في مُصَنَّف سمَّاه: «معرفة أنواع علوم الحديث»، فاجتمعَ في كتابه ما تَفَرَّقَ في غيرِه؛ فعَكَفَ النَّاسُ عليهِ وساروا بسيرِه، وحاموا في حِماه، ما بين شارحٍ له ومُختَصِر، ومُستدرِك عليه ومُقتَصِر.
ثم نَظَمَ الحافظ أبو الفضل زين الدين عبد الرَّحيم بن الحسين العراقيُّ ﵀ (ت ٨٠٦ هـ) ما حواه كتابُ الحافظِ ابن الصَّلاح مع إيضاحاتٍ له، وزياداتٍ واستدراكاتٍ، في أرجوزةٍ حوت ألفَ بيت وبيتين (١٠٠٢)، سمَّاها: «التَّبصِرةَ والتَّذكِرَةَ فِي علوم الحديث»، فتسابَق أهلُ العلم إليها ما بين حافظ لها وشارح، وقد نَشَرْتُها مُحَقَّقَةً على نسخٍ خَطِّيَّةٍ نفيسة.
ثم انبرى الحافظُ السُّيوطيُّ ﵀ (ت ٩١١ هـ) فجمع علومَ مَنْ سبقه وزاد عليهم، في أرجوزةٍ نَظَمَها في خمسة أيام حوت (٩٩٥) بيتًا، سمَّاها: «نَظْمَ الدُّرَرِ فِي عِلْمِ الأَثَرِ»، قال ناظمُها واصفًا لها: «احتوت على جميعِ علومِ ابنِ الصَّلاحِ وزوائدِ ألفيَّة العراقي، وزادَت بِضِعْفِ ذلك» (^١)، بألفاظ جَزْلَةٍ مُتَّسِقَةٍ سَهلَةٍ موجزة، قال عنها ناظمُها معدِّدًا
_________
(^١) البحر الذي زخر في شرح ألفية الأثر (١/ ٢٢٣).
1 / 6
محاسنَها: «معَ ما حوتْهُ مِنْ سَلَاسَةِ النَّظْمِ، وخَلَصَت من الحَشْوِ والتَّعْقِيدِ».
وأثنَى عليهَا ناظمُها بقوله: «بَلَغَت بذلك مَحَلًّا لا تُسَام (^١) فيه ولا تُسامَى، وفاقَت مُزَوَّرات (^٢) هذا الفن جَمْعًا (^٣) ومنظوماتِه نظامًا»، وقال عنها صاحب الرِّسالة المستطرفة: «حاذَى بها ألفيَّةَ العراقي، وزادَ عليها نكتًا غزيرةً وفوائدَ جمَّةً» (^٤).
وقد اعتنَى بها العلماءُ حفظًا وشرحًا، وصارت مِنَ المتون المعتمَدةِ في علم المصطلَح؛ ولأجلِ ذلك حَقَّقْتُهَا ضمن المتون الإضافيَّة من سلسلة (مُتُونِ طَالِبِ العِلْمِ)، على جملةٍ من نُسَخِهَا الخَطِّيَّة النَّفيسة، لتظهَر كما وضعها ناظمُها، وميَّزتُ زياداتِه على ألفيَّة العراقي بلون أحمر، فمن جَمَعَ بين نسختِنا هذه ونسختِنا من ألفية العراقي؛ فقد تميَّز لديه مسائل مقدمة ابن الصِّلاح، وزيادات العراقيِّ عليه، وزيادات السُّيوطيِّ على العراقيِّ؛ فلا يفوته - بإذن اللَّه - شيء من مسائل هذا الفنِّ.
وقد أثبتُّ في هذه النُّسخَةِ حواشيَ التَّحقيق المتضمِّنة لفروقِ النُّسَخِ، والتَّعلِيق عليها، وتخريج الأحاديث، وعزو الأقوال، وبيان ما
_________
(^١) في الأصل: «لا قِسام»، والظاهر أنه تصحيف.
(^٢) أي: المتون والكتب التي أحسن فيها أصحابُها.
(^٣) في المطبوع: «جميعًا»، والتصويب من نسختين خطيتين.
(^٤) الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة (ص ٢١٥).
1 / 7
يجب بيانه، وأفردتُ للحفَّاظ نسخةً أخرى مجرّدةً من جميع ما ذكرتُ.
أسأل اللَّه أن ينفع بها، ويجعل عملنا فيها خالصًا لوجهه الكريم.
وصلَّى اللَّه وسلَّم على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
د. عبد المحسن بن محمد القاسم
إمام وخطيب المسجد النبوي
فرغت منه في السادس والعشرين من شهر صفر من عام ألف وأربع مئة واثنين وأربعين من الهجرة
1 / 8
مَنهجِي في التَّحقيق
١. رَمَزتُ للنُّسخِ بِالحُروفِ الأَبْجديَّة بِحسبِ تَاريخِها؛ الأَقْدم فالأَقْدم.
٢. أثبتُّ النَّصَّ على ما اشتهر من قواعد الإملاء المعاصر، ولم أُشِر إلى اختلاف النُّسخ فِي ذَلِك؛ كطريقةِ كتابةِ الهَمَزَات، ورسمِ التَّاءِ مَفتوحة أو مَربوطة، ونحو ذَلك.
٣. أثبتُّ في الحاشية الفُروقَ الواقعة بينَ النُّسَخ، وأشرتُ إِلى كلِّ ما يَنكسِر به وزن الأبيات عروضِيًّا.
٤. نبَّهتُ على ما كانَ مِنْ قبيل الوهَم أو التَّصحيف الظَّاهر؛ مكتفيًا بذلك عن ذكر المثبت من بقيَّة النُّسخ.
٥. إذا كان في إحدى النُّسخ كلمة غير واضحةٍ وتحتمل الخطأ أو التفرد، وتحتمل الصوابَ وموافقةَ بقية النُّسخ؛ فإني أحملها على الصَّواب الموافق لبقية النسخ، ولا أُنبِّه على ذلك.
٦. إذا ضُبِطت كلمة في بعض النُّسخ ضبطًا صحيحًا وأُهْملت في البقيَّة، معَ عدم وجودِ خلافٍ بين النُّسخ المَضْبوطة؛ فإنِّي أُثْبت الضَّبط الموجود دون إشارةٍ إِلى النُّسخ المهملة، وإذا اختلفت النُّسخ في الضبط أذكرُ خلافها، وأتركُ ذكر النُّسخ غيرِ المضبوطة.
1 / 9
٧. إذا كان الاختلافُ بين النُّسَخ في إثباتِ كلمةٍ أوحذفِها وكان المعنى يَسْتَقِيمُ على الوَجْهَيْن؛ فإنِّي أَذْكُرُ في الحاشية الكلمةَ الَّتي لَمْ تَرِدْ في بعض النُّسَخِ بين قوسين مُزدوجَيْن هكذا: «» وأقول: ليست في كذا، وأما إذا كان المعنى لا يستقيم بحذفها؛ فأقول بعد ذكر الكلمة بين قوسين مُزدوجَيْن: سقطت من كذا.
٨. راعيتُ في وصفِ اختلافِ ضَبطِ الكلمات: تَمييزَ علامة البناء وما يرجع إلى البِنيةِ الصَّرفية للكلمة؛ عن علامات الإعراب غالبًا.
٩. أثبتُّ جميع بلاغات وقيودِ القراءة والمقابلةِ الواردة في حواشي النُّسَخ.
١٠. استعملتُ علامات التَّرقيم لتوضيح أبيات النظم، وتيسير فهم معانيه، وجعلتُ كلَّ باب في رأس الصفحة التي ورد فيها.
١١. اقتصرتُ في ضبط الكلمات التي يجوز فيها وجهان أو أكثر على الأقوى أو الأشهر.
١٢. رجَّحت بين فروق النُّسَخ على النَّحوِ الآتي:
أ- أنقل ما يدلُّ على الرَّاجح من شروح الألفيَّة، وأوَّلها: القدر المطبوع من شرح النَّاظم (البحر الذي زخر في شرح ألفية الأثر)، ثم القدر الموجود من (استقصاء الأثر بمنظومة علم الأثر) لمحمد حجازي القلقشندي، ثم (منهج ذوي النظر في شرح منظومة الأثر) للشيخ محمد محفوظ التَّرمَسي، واستفدتُ من مراجعة تعليق الشَّيخ أحمد شاكر، وشرح الشَّيخ محمد محيي الدِّين عبد الحميد، وشرح الشيخ محمد علي
1 / 10
آدم الإتيوبي (إسعاف ذوي الوطر)، وطريقتي أن أنقل عبارة الشُّراح وغيرهم إذا دعت الحاجة لذلك في التَّرجيح، وإلا فأكتفي بالإحالة إلى موافقتها لفروق النسخ بعبارة مفهِمة.
ب- نقلتُ من كلام الشُّرَّاح ما يوافق بعض الفروق المرجوحة لبيان وجهها، وأنها فرق معتبَر وليس وهمًا من أوهام النُّسَّاخ.
ج- إذا لم أجد فيما تقدَّم ما يرجِّح بين الفروق؛ فإنِّي أراجع مظنَّة الترجيح من مصادره؛ ككتب اللُّغة، أو النَّحو، أو مصطلح الحديث، أو التراجم، وغيرها.
د- أكتفي بما اتَّفقت عليه أغلب النُّسخ إذا كانت الفروق غير مؤثِّرة، أو لم أجد في المصادر ما يبيِّن الرَّاجح منها.
١٣. أثبتُّ في المتن الأبيات الزائدة في بعض النُّسخ أو في حواشيها؛ وذلك لأنَّ النَّاظم ذكر في قيد فراغه أنَّه ألحق أبياتا بالنَّظم بعد فراغه من كتابته.
١٤. ميَّزتُ بالحُمْرة زيادات السُّيوطيِّ في نظمه على ألفيَّة العراقيِّ، وهي كذلك مميَّزة في النُّسخ الخطِّية، ونصَّ محمد حجازي القلقشنديّ في شرحه على أنَّ التَّمييز من النَّاظم (^١).
وأمَّا عناوين الأبواب التي زادها النَّاظم فهي بالحُمْرة دون تغميق بخلاف غيرها فهي بلون أحمر غامق.
_________
(^١) قال محمد حجازي القلقشندي ﵀ في استقصاء الأثر (٢/ أ): «ومتى قلتُ: قال المؤلف كأصله؛ فالمراد به ما لم يكتبه المؤلف بالأحمر، أو زاد المؤلف، أو ممَّا زاده أو نحو ذلك؛ فهو الذي ميَّزه بخطِّه بالأحمر فليُتَأمَّل».
1 / 11
١٥. وثَّقتُ الأقوَال التِي يذكُرها النَّاظِم بعزوِها إلى أصحَابها مِنْ كُتُبهم، أو مِمَّنْ نقلها عنهم، وإذا دَعت الحاجَة إلى نَقلِ عباراتهم بنصِّها فَعَلتُ ذلك؛ لمزيد البيانِ والإيضاح.
١٦. تَرجمتُ للأعلامِ المذكورينَ في النَّظم إذا كانوا غيرَ مشهورين، واقتصرتُ في تراجم الرُّواة المذكورين في (التَّقريب) لابن حجر على ما ورد فيه غالبًا.
١٧. خرَّجتُ الأحاديث التي أشار إليها النَّاظم، وبيَّنت وجه التَّمثيل بها بما يناسب المقام.
١٨. بيَّنتُ أسماءَ الكتب التي أشار إليها النَّاظم مع نسبتها لمصنِّفيها، وكذلك الكتب التي ذكر أسماء مصنِّفيها، مع بيان المطبوع منها قدر الإمكان.
١٩. بيَّنتُ المقصود مِمَّا يخفى إدراكه في بعض عبارات النَّظم، وذلك بالرُّجوع إلى شرح النَّاظم وغيره.
٢٠. جعلتُ لِلكتابِ نُسْخَتين:
أ- النُّسْخةُ الأُولى: وهي النُّسخة المُتضمِّنة لِحَواشي التَّحقيق؛ مِنْ الفُروقِ بين النُّسخ، والتَّرجيح بينها، والتَّعليق على ما يحتاج إلى تعليق، وهي هذه النُّسخة.
ب- النُّسْخة الثَّانية: نُسخةٌ مُجردةٌ من جَميع الحَواشي المثبتة في النسخة الأولى، وهي أنسب للحفظ.
1 / 12
اسمُ الكتَاب
اعتمدتُ الاسمَ الذي نصَّ عليه النَّاظم ﵀ في أكثر من مصنَّف من مصنَّفاته؛ حيث سمَّى هذه الألفيَّة: «نظم الدُّرَر في علمِ الأَثَر»، وذلك في ترجمته لنفسه في «حسن المحاضرة» (^١)، حيث قال معدِّدًا مؤلفاته: «الألفِيَّةُ، وتُسَمَّى نظم الدُّرَر في علمِ الأثر»، ونصَّ عليه أيضًا في شرحه المُسمَّى «البحر الذي زخر في شرح ألفيَّة الأثر» (^٢)، حيث قال في أوَّله: «فإني نظمتُ في علم الحديث ألفيَّةً سمَّيتُها: نظمَ الدُّرَر في علم الأثر».
وهذا الاسمُ هو الوارد في أغلب النُسخ الخطِّيَّة المعتمدة في التَّحقيق، وهي: (ب، ج، هـ، و)، وورد في نسخة (ز) بلفظ مقارب: «ألفية الدُّرر في علم الأثر».
وبهذا الاسم ذكر حاجي خليفة هذه المنظومة في كشف الظنون (^٣).
واشتُهِرت هذه المنظومة باسم: «ألفيَّة السُّيوطيِّ في علم الحديث» كما في النسخ (ب، ج، هـ)؛ وبذلك أشار إليها الكِتَّاني في الرِّسالة المُستَطرَفة (^٤)، وذكرها الشارح محمد محفوظ التَّرمَسي باسم «ألفيَّة المصطلح» (^٥).
_________
(^١) (١/ ٣٤٠).
(^٢) (١/ ٢٢٣).
(^٣) (٢/ ١٩٦٣).
(^٤) (ص ٥).
(^٥) منهج ذوي النظر شرح منظومة الأثر (ص ٣).
1 / 13
فلأجل هذا جمعتُ في تسمية الكتاب بين الاسم الَّذي وضعه النَّاظم: «نظم الدُّرَر في علمِ الأثر»، والاسم الَّذي اشتهرت به: «ألفيَّة السُّيوطيِّ في المصطلح».
1 / 14
ترجَمة النَّاظِم (^١)
اسمُه ونسبُه:
هو: جلال الدِّين، أبو الفضل عبد الرَّحمن بن كمال الدِّين أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن عثمان المصريُّ، الأُسْيُوطيُّ، الطُّولونيُّ، الشَّافعيُّ.
وهو منسوب إلى مدينة أُسْيُوط (^٢).
مولدُه، ونشأتُه العِلميَّة، ورحلاتُه:
وُلِد السُّيوطيُّ ﵀ في مُستهَلِّ رجب سنة تسع وأربعين وثمان مئة (٨٤٩ هـ).
ونشأ في بيت علمٍ وفضل، أحضره والده وهو صغيرٌ مجلس الحافظ ابن حجر فشملته إجازته.
_________
(^١) انظر لترجمته: حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة (١/ ٣٣٥)، والتحدث بنعمة اللَّه تعالى كلاهما للسيوطي (ص ٥)، والضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسَّخاوي (٤/ ٦٥)، وبهجة العابدين لعبد القادر الشاذلي (ص ٢٢)، وبدائع الزهور في وقائع الدهور لمحمد بن إياس الحنفي (٤/ ٨٣)، ودرة الحجال فى أسماء الرّجال للمكناسي (٣/ ٩٢)، والنور السافر عن أخبار القرن العاشر للعيدروس (ص ٥١)، وشذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد (١٠/ ٧٤)، وسلم الوصول إلى طبقات الفحول لحاجي خليفة (٢/ ٢٤٨)، والبدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع للشوكاني (١/ ٣٢٨).
(^٢) قال السيوطي ﵀ في لبِّ الألباب بتحرير الأنساب (ص ١٥): «الأسيوطي بضمِّ أوَّله والتَّحتِيَّة، وسكون السين، إلى أُسْيوط، ويقال: سُيُوط، بلد بصعيد مصر. قلتُ: فيها خمسة أوجه؛ ضمُّ الهمزة وكسرها، وإسقاطها وتثليث السِّين المُهمَلَة».
1 / 15
وتُوُفِّي والده وعمره خمس سنواتٍ وسبعةُ أشهر، وأوصى به أبوه إلى الشيخ كمال الدِّين بن الهُمام، وقد أحسن القيام به، فقد حفظ القرآن ولمَّا يبلغ الثَّامنة من عمره، ثم حفظ المتون، ثم حين بلغ الخامسة عشرة بدأ يلازم الشيوخ كعلم الدِّين البُلْقيني، وتقيِّ الدِّين الشُّمُنِّي، والشَّارمساحي وغيرهم.
وقد رحل إلى الشَّام والحجاز واليمن والهند والمغرب والتَّكرور، وحجَّ سنة (٨٦٩ هـ)، وشرب من ماء زمزم بنيَّة أن يصل في الفقه إلى رتبة الشيخ سراج الدِّين البُلْقِيني، وفي الحديث إلى رتبة الحافظ ابن حجر.
وتصدَّر للإفتاء من مستهلِّ سنة (٨٧١ هـ)، وعقَد مجالِس الإملاء للحديثِ من مستهلِّ سنة (٨٧٢ هـ).
أبرزُ شيوخه (^١):
تتلمذ السُّيوطيُّ ﵀ على نُخبةٍ من أبرز علماء عصره؛ ومنهم:
١. الشَّيخ شهاب الدين الشَّارمساحي (ت ٨٦٥ هـ)، فرضيُّ زمانه، حيث أخذ عنه علم الفرائض.
٢. الشَّيخ علم الدِّين البُلْقيني (ت ٨٦٨ هـ)، أخذ عنه الفقه.
٣. الشَّيخ شرف الدِّين المُناوي (ت ٨٧١ هـ)، أخذ عنه الفقه أيضًا.
_________
(^١) ينظر: سلم الوصول (١/ ١٦٥)، وحسن المحاضرة (١/ ٤٤٥، ٤٧٥، ٥٤٩).
1 / 16
٤. الشَّيخ تقيُّ الدِّين الشُّمُنِّي (ت ٨٧٢ هـ)، أخذ عنه الحديث والعربيَّة.
٥. الشَّيخ مُحيِي الدِّين الكافيجي (ت ٨٧٩ هـ)، أخذ عنه التَّفسير والأصول والعربيَّة وغيرها.
وقد تتلمذ أيضًا على غيرهم، وعدَّ السيوطي في «حسن المحاضرة» شيوخه في الرواية فبلغوا نحو ١٥٠ شيخًا.
وألَّف السُّيوطيُّ ﵀ في التَّرجمة لشيوخه خمسة كتب؛ وهي:
١. «حاطب ليل وجارف سيل».
٢. «زاد المسير في الفهرست الصغير».
٣. «أنشاب الكثب في أنساب الكتب».
٤. «المنتقى وهو المعجم الصغير».
٥. «المنجم في المعجم».
أبرزُ تلاميذه:
تصدى السُّيوطيُّ ﵀ للتَّدريس مبكِّرًا، وذلك سنة (٨٦٦ هـ)، فكان لذلك أكبر الأثر في كثرة تلاميذه، وقد تتلمذ عليه كوكبة من أبرز العلماء؛ منهم:
١. المؤرِّخ أبو البركات محمد بن أحمد بن إياس الجَرْكسي الحنفي (ت ٩٣٠ هـ) (^١).
_________
(^١) بدائع الزهور (٤/ ٨٣).
1 / 17
٢. شمس الدِّين محمد بن يوسف الشامي الصَّالحي الدمشقي (ت ٩٤٢ هـ) (^١).
٣. شمس الدِّين أبو الحسن محمد بن علي الدَّاودي، صاحب طبقات المفسِّرِين (ت ٩٤٥ هـ) (^٢).
٤. شمس الدِّين محمد بن علي بن طولون (ت ٩٥٣ هـ) (^٣).
٥. شمس الدِّين محمد بن عبد الرحمن العلقمي (ت ٩٦١ هـ) (^٤).
أشهرُ مؤلَّفاته:
ترك السُّيوطيُّ ﵀ تراثًا حافلًا؛ إذ كان من أبرز العلماء المشتهرين بكثرة التَّصنيف، فسارت تصانيفه في الأقطار، وبلغت أقصى البلدان والأمصار؛ ومن أشهرها:
١. «الإتقان في علوم القرآن».
٢. «تدريب الرَّاوي شرح تقريب النَّواوي».
٣. «الجامع الكبير»، المعروف بـ «جمع الجوامع».
٤. «الجامع الصغير».
٥. «الدرُّ المنثور في التفسير بالمأثور».
_________
(^١) شذرات الذهب (١٠/ ٣٧٠).
(^٢) شذرات الذهب (١٠/ ٣٧٥)، والكواكب السائرة (٢/ ٧٢).
(^٣) الكواكب السائرة (٢/ ٥١)، وشذرات الذهب (١٠/ ٤٢٨).
(^٤) شذرات الذهب (١٠/ ٤٩٠)، وسلم الوصول (٣/ ٢٩٧).
1 / 18
٦. «مرقاة الصُّعود إلى سنن أبي داود».
وغيرها كثير، وقد سمَّى السُّيوطيُّ في كتابه: «التَّحدُّثُ بنعمة اللَّه»: (٤٣٠) مؤلَّفًا من مؤلَّفاته، وأوصلها عبد القادر الشاذلي إلى (٥٦١) مصنَّفا، وبلغ بها أحمد الخازندار ومحمد الشيباني نحو (٩٨٠) مصنَّفًا (^١).
ثناءُ العلماء عليه:
أثنى كثير من العلماء على السُّيوطيِّ ﵀، وأشادوا بعلمه ودينه.
قال تلميذه المؤرِّخ ابن إياس رحمهما الله: «كان عالمًا فاضلًا، بارعًا في الحديث الشَّريف وغير ذلك من العلوم، وكان كثير الاطِّلاع، نادرةً في عصره، بقيَّة السَّلف وعمدة الخلف» (^٢).
وقال تلميذه شمس الدِّين الداودي رحمهما الله: «عاينتُ الشَّيخ وقد كتب في يوم واحد ثلاثة كراريس تأليفًا وتحريرًا، وكان مع ذلك يملي الحديث، ويجيب عن المُتعارِض منه بأجوبةٍ حسنة» (^٣).
وقال ابن العماد الحنبلي ﵀: «المُسنِد المُحقِّق المُدقِّق، صاحب المؤلَّفات الفائقة النَّافعة».
_________
(^١) انظر: التحدث بنعمة اللَّه للناظم (ص ١٠٥ - ١٣٦)، وبهجة العابدين لعبد القادر الشاذلي (ص ٢٥٥)، ودليل مخطوطات السيوطي وأماكن وجودها (ص ٣١).
(^٢) بدائع الزهور (٤/ ٨٣).
(^٣) شذرات الذهب (١٠/ ٧٥).
1 / 19
وقال أيضًا: «وكان أعلم أهل زمانه بعلم الحديث وفنونه؛ رجالًا، وغريبًا، ومتنًا، وسندًا، واستنباطًا للأحكام منه» (^١).
وقال العلَّامة الشَّوكاني ﵀: «الإمام الكبير صاحب التَّصانيف» (^٢).
وفاته:
تُوُفِّي السُّيوطي ﵀ يوم الخميس تاسع جمادى الأولى سنة (٩١١ هـ) في منزله بروضة المقياس.
_________
(^١) شذرات الذهب (١٠/ ٧٥).
(^٢) البدر الطالع (١/ ٣٢٨).
1 / 20
النُّسَخُ المُعْتَمَدَةُ في التَّحْقِيقِ
اعْتَمَدْتُ فِي تَحْقِيقِ المَتْنِ على سبعِ نُسَخٍ خطِّية، وَهَذِهِ النُّسَخُ حَسَبَ تَارِيخِ نَسْخِهَا كما يأتي:
النُّسْخَةُ الأُولَى: ورَمَزْتُ لها بـ «أ»، وهي محفوظة بمكتبة مكة المكرَّمة، برقم (٨٩).
عَدَدُ لوحَاتِها: (٢٥) لوحة.
تَارِيخُ النَّسْخِ: (٥) من ذي القعدة سنة (٨٨١ هـ).
نَاسِخُهَا: لم يُذكر.
نَوْعُ الخَطِّ: نسخي واضح.
خصائصها:
١. نسخة تامَّة.
٢. كثير من كلماتها مشكولة.
٣. مُيِّزت الأبواب، وزيادات السُّيوطيِّ على العراقي بالحُمرة.
٤. عليها تصحيحات، وبيان لفروق النُّسخ الأخرى.
النُّسخة الثَّانية: ورَمَزْتُ لها بـ «ب»، وهي محفوظة بمكتبة بشير آغا، ضمن مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة، برقم (٥٤٧/ ٩٨).
1 / 21
عدد لوحاتها: (٣٦) لوحة.
تاريخ النَّسخ: (١٢) من شعبان سنة (٨٨٣ هـ).
ناسخها: لم يُذكر.
نوع الخط: نسخي معتاد.
خصائصها:
١. نُسْخَةٌ تَامَّةٌ.
٢. مقروءة على المُصَنِّف وعليها خطُّه.
٣. مَيَّزَ ناسخها الأبوابَ، وزيادات السُّيوطيِّ على العراقي بالحُمْرَةِ.
٤. عليها تصحيحات، وبيان لفروق النُّسخ الأخرى.
النُّسخة الثَّالثة: ورَمَزْتُ لها بـ «ج»، وهي من محفوظات المكتبة الأحمدية بحلب - سوريا -، برقم (٣٥).
عدد لوحاتها: (٨٣) لوحة.
تاريخ النَّسخ: (٢٢) من جمادى الأولى سنة (٨٨٥ هـ).
ناسخها: عبد الرَّحْمَن بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ، ابن الخطيب (^١).
_________
(^١) هو: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن علي القاهري الشَّافِعيُّ، يُعرَف بابن الخطيب، أخذ عن الأمين الأقصرائي، والتَّقي الحصني، وقرأ على السَّخاوي مقدِّمة ابن الصَّلاح وشرحه على تقريب النَّووي، وكان يتردَّد على السُّيوطي. الضوء اللَّامع (٤/ ٨٤).
1 / 22
نوع الخط: نسخي معتاد.
خصائصها:
١. نسخة تامَّة.
٢. ناسخها تلميذ النَّاظم.
٣. مَيَّزَ ناسخها الأبوابَ، وزيادات السُّيوطيِّ على العراقي بالحُمْرَةِ.
٤. عليها تصحيحات وبيان لفروق النُّسخ الأخرى.
٥. عليها تعليقات كثيرة في بيان معاني الأبيات
النُّسخة الرَّابعة: ورَمَزْتُ لها بـ «د»، وهي محفوظة بمكتبة دار الكتب المصرية، برقم (٢٨/ مصطلح تيمور).
عدد لوحاتها: (٧٠) لوحة.
تاريخ النَّسخ: (١٣) من شوال سنة (٨٨٥ هـ).
ناسخها: نظام الدين جرامرد الحنفي الناصري.
نوع الخط: نسخي معتاد.
خصائصها:
١. نسخة جيِّدة، لكن فيها نقص من أولها؛ حيث تبدأ من قول المُصنِّف: «الصحيح»؛ فسقطت منها المقدِّمة كاملة، وبابُ: «حدِّ الحديث وأقسامه»؛ بمقدار ثلاثة عشر بيتًا.
1 / 23
٢. بعض أبياتها مشكولة.
٣. مَيَّزَ ناسخها الأبوابَ وزيادات السُّيوطيِّ على العراقي بالحُمْرَةِ.
٤. قرأها النَّاسخ على النَّاظِم، وكتب له الإجازة بخطِّه.
٥. عليها بلاغات وبيان لفروق النُّسخ الأخرى.
1 / 24