وأما المنشىء لهذه الصناعة والمثبت لها في كتاب والجاعل إليها سبيلا بها يمكن اقتناؤها من يقصد إليها وتعلمها بقول فهو أرسطاطاليس وحده. والذي يظن به أنه أثبت من هذه الصناعة قبله في كتاب فإنما نظر ذلك في أجزاء من هذه الصناعة يسيرة منها المقولات، فإنها يظن بها أن الذين أنشؤوها أولا هم آل فوثاغورس. فإن الذي أثبتها منهم هو رجل يعرف بأرخوطس، وزعموا أنه كان قبل زمن أرسطاطاليس وأفلاطن. وكذلك يظن بأشياء من أمور الجدل ومن السوفسطائية ومن الخطابة والشعر أنها أنشئت قبله. فاقول: أما الكتاب المنسوب إلى أرخوطسن فإن ثامسطيوس قال إنه تبين من أمر هذه الكتاب أنه إنما وضع بعد زمن أرسطاطاليس، لأن من آل فوثاغورس رجلان كل واحد منهما يسميان بأرخوطس أحدهما كان قبل زمن أرسطاطاليس والآخر بعده، وكلاهما من شيعة فوثاغورس، والواضع منهما للمقولات هو الذي كان بعد زمن أرسطاطاليس. وأنا أقول أيضا قد تبين من أمر أرخوطس الذي كان قبل أرسطاطاليس. وأنا أقول أيضا قد تبين من أمر أرخوطس الذي كان قبل أرسطاطاليس أنه قد كان يروم أيضا القول فيما هو داخل في صناعة المنطق. فإن أرسطاطاليس لما عدد في المقالة السابعة من كتاب ما بعد الطبيعيات أصناف الحدود وبلغ أكمل أصنافها قال هذا القول: وأمثال هذه الحدود من التي كان يرتضيها أرخوطس. وكذلك قد تبين من أمر قوم آخرين أنهم كانوا يتعاطون القول في أشياء مما هي داخلة في هذه الصناعة، مثل القسمة والحدود، مثل ما بن من قبل كسانقراطيس وأكثر ذلك أفلاطن، وذلك ليس على طريق الصناعة لكن على أنها أجزاء ما من الصناعة قد شعر بها. وبالجملة فإن ما أثبت من أمر الأشياء التي هي داخلة في صناعة المنطقة قبل أرسطاطاليس هو أحد الأمرين: إما الأفعال الكائنة عن الصناعة لا على أنها بصناعة لكن بالدربة والقوة الحادثة عن طول مزاولة أفعال الصناعة، إذ كان اتفق لهم أن زاولوها من غير أن تكون عندهم القوانين التي بها تكون الأفعال، مثل قوة افروطاغورس على السوفسطائية وثراسوماخوس على الخطابة وأوميرس على الشعر، وكما أثبتت الخطب أنفسها والأشعار أنفسها ليس على القوانين التي إذا استعملها الإنسان أنشأ أمثال تلك الخطب والأشعار. وإما أن يكون ما أثبت منها في كتاب جزءا ما من الصناعة إلا أنه يسير، مثل ما كتب في الشعراء أصناف أوزان ألفاظه، ومن الخطب أشياء مأثورة، وكذلك من الجدل. فأما أن تكون هذه الصناعة وهذه الأشياء على النظام الذي ينبغي أن تكون عليه الصنائع قد كانت قبل ذلك فلا، لكن إنما هو لأرسطاطاليس وحده.
64 -
وأما أنحاء التعليم فإنه يستعمل في هذه الصناعة جميعها إلا ما قلنا إن أرسطاطاليس يتجنبه بالجملة.
65 -
فقد أتى هذا القول على الأقاويل التي بها يسهل الشروع في صناعة المنطق. فينبغي الآن أن نشرع فيها ونبتدىء بالنظر في الكتاب الذي يشتمل على أول أجزاء هذه الصناعة وهو كتاب المقولات.
والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته.
পৃষ্ঠা ২৮