والواصلات هي أصناف. فمنها الحروف التي نستعملها للتعريف، مثل ألف ولام التعريف، ومثل قولنا الذي وأشباهه. ومنها الحروف التي متى قرنت بالإسم دلت على أن المسمى قد نودي باسمه ودعي، مثل يا ويا أيها. ومنها الحروف التي تقرن بالإسم فتدل على أن الحكم الواقع على المسمى هو حكم واقع على جميع أجزاء المسمى، وهو مثل قولنا كل. ومنها ما يدل أنه حكم على شيء من أجزائه
6 -
والواسطة هي كل ما قرن باسم ما فيدل على أن المسمى به منسوب إلى آخر وقد نسب إليه شيء آخر، مثل من وعن وإلى وعلى وما أشبه ذلك.
7 -
والحواشي هي أصناف كثيرة. منها الحروف التي تقرن بالشيء فتدل على أن ذلك الشيء ثابت الوجود وموثوق بصحته، مثل قولنا إن مشددة النون. ومثال ذلك قولنا إن الله واحد وإن العالم متناه. فلذلك ربما سمي وجود الشيء إنيته، ويسمى ذات الشيء إنيته. وكذلك أيضا جوهر الشيء يسمى إنيته. فإنا كثيرا ما نستعمل قولنا إنية الشيء بدل قولنا جوهر الشيء، فنرى أنه لا فرق بين أن نقول ما جوهر هذا الثوب وبين أن نقول ما إنيته. لكن هذه ليست مشهورة مثل تلك عند الجمهور، وأصحاب العلوم يستعملونها كثيرا. ومنها ما إذا قرن بالشيء دل على أنه قد نفي، مثل ليس ولا. ومنها ما إذا قرن بالشيء دل على أنه قد أثبت، مثل قولنا نعم. وليس يخفى علينا أن قولنا ليس يرتبه كثير من أصحاب النحو في الكلم لا في الحروف، وكذلك كثير مما سنعده في الحروف يرتبه كثير من النحويين لا في الحروف لكن إما في الإسم وإما في الكلم. ونحن إنما نرتب هذه الأشياء بحسب الأنفع في الصناعة التي نحن بسبيلها. ومنها ما إذا قرن بالشيء دل على أنه مشكوك فيه، مثل قولنا ليت شعري. ومنها ما إذا قرن بالشيء دل على أنه قد حدس حدسا، مثل قولنا كأن ويشبه أن يكون ولعل وعسى. ومنها ما إذا قرن بالشيء دل على أنه مطلوب معرفة مقداره، مثل قولنا كم. فإنا إذا قلنا كم هذا الشيء فإنا إنما ندل بهذا الحرف على أن الشيء مطلوب عندنا معرفة مقداره. ومنها ما يدل على أنه مطلوب معرفة زمان وجوده، مثل قولنا متى. ومنها ما إذا قرن بالشيء دل على أنه مطلوب معرفة مكانه، مثل قولنا أين.
والمقصود من كل ما طلب معرفته هو معرفة ما قصد بالطلب. فمتى طلب معرفة مقدار الشيء فغاية الطلب هي الوقوف على مقداره. وكذلك المطلوب زمانه فإن غاية الطلب هي الوقوف على زمان الشيء. وكذلك ما طلب معرفة مكانه، فغاية الطلب هي الوقوف على مكانه. وكل مسألة طلب بها معرفة شيء من عند إنسان فأنها توجب على المسؤول أن يجيب بأمر يفيد به السائل معرفة الشيء الذي هو مقصوده بمسألته. فمتى كانت المسألة عن مقدار الشيء أوجبت على المسؤول أن يجيب بأمر يفيد به السائل معرفة مقدار الأمر الذي طلبه بالمسألة. وكذلك متى كانت المسألة عن مكان الشيء، فإنها توجب على المسؤول أن يجيب بأمر يفيد به السائل معرفة مكانه. وكذلك متى كانت المسألة عن زمان الشيء.
والأمر الذي يستعمله المجيب في إفادة السائل مطلوبه يسمى باسم الحروف التي يستعملها السائل في الطلب أو باسم مشتق من اسم الحروف التي يستعملها السائل. والأمر الذي يستعمله المجيب في إفادة مقدار الشيء يسمى كمية، وهي مشتق من الحرف الذي يستعمله السائل عن مقدار الشيء. والذي يستعمله المجيب في إفادة زمان الشيء يسمى متى، وهو اسم ليس مشتقا من الحرف المستعمل في الطلب، لكن نقل إليه الحرف بعينه فسمي به. والأمر الذي يستعمله المجيب في إفادة مكان الشيء فإنه يسمى أين، وهو مسمى باسم الحرف الذي يستعمله السائل على جهة النقل لا على جهة الاشتقاق.
পৃষ্ঠা ২