31 -
ومتى شارك النوع أو الجنس كلي آخر أعم من ذلك النوع أو من ذلك الجنس، وكان يليق أن يؤخذ في جواب أي شيء هو في حاله لا في ذاته، فإن ذلك الكلي يسمى عرضا لذلك الجنس أو لذلك النوع. وهذان صنفان. أحدهما يحمل على النوع أو على الجنس حملا مطلقا، فلذلك يسمى العرض غير المفارق والعرض اللازم. والآخر يحمل على النوع أو على الجنس حملا غير مطلق، فلذلك يسمى العرض المفارق. ومثال الصنف الأول قولنا الأسود إذا حملناه على القار، فإن كل قار أسود. ومثال الثاني قولنا الأسود والأبيض، إذا حملناه على الإنسان، وكذلك القيام والقعود والمشي وأشباه ذلك، فإن جميع هذه يحمل على الإنسان، وكذلك القيام والقعود والمشي وأشباه ذلك، فإن جميع هذه يحمل على الإنسان حملا غير مطلق. وجميع الأعراض - المفارق منها وغير المفارق - يمكن أن يفاد به تميير الشيء عن الشيء في أحواله، ويليق أن تؤخذ في جواب المسألة عن الأمر أي شيء هو في حاله. فمن هذه ما قد يليق به مع ذلك أن يجاب به في جواب كيف هو، مثل قولنا صالح أو طالح، ومنها ما لا يليق أن يجاب به في جواب كيف هو، مثل قولينا الذي يتكلم والقائم أو القاعد. والأعراض المفارقة منها ما شأنه أن يحمل على شخص ما دائما، مثل الفطوسة والزرقة، ومنها ما شأنه أن يحمل عليه حينا ولا يحمل عليه حينا، مثل القيام والقعود وما أشبه ذلك. فالأول يسمى العرض اللازم لشخص ما والثاني يسمى المفارق لشخص ما. وهذا الثاني هو الذي تختلف به أحوال الشخص دائما وتتبدل تبدلا غير محدود. وكل واحد من هذين قد يستعمل في إفادة تمييز شخص عن شخص، فتسمى لذلك فصولا، لا على التحقيق لكن على طريق التشبيه بالفصول الذاتية. فما كان منها شأنه أن يلزم شخصا واحدا بعينه دائما فذلك أبلغ في إفادة التمييز، وهذا ربما سماه قوم لهذا السبب فصولا خاصة. وما كان منها ليس شأنه أن يلزم الشخص دائما فذلك دون الأول في إفادة التمييز، فيسميه بعض الناس الفصول العامة، إذ كانت أحوال الشخص تتبدل بها تبدلا غير محدود. والذي رسم به العرض ها هنا فقد انتظم تميزه عن جميع المحمولات على النوع سوى العرض. فإن قولنا فيه إنه أعم ميزه من خاصة النوع، وقولنا أي شيء هو في حاله ميزه من الأجناس ومن الفصول.
পৃষ্ঠা ১৪