وكثيرا ما يسمع أخاه يغمغم ويطلب الماء في الليل، فيظل ساكنا على مضض، ولا يتحرك حتى توقظ الضجة أباه فيقوم ويسقيه.
ولكنه ما كاد يسمعه هذه المرة حتى هدهد عليه، وهو يقول: حاضر.
ثم قام في حماس زائد، وملأ له الكوب، وعاد به وحده في الظلام.
وقبل أن يغلق عينيه اعتدل كمن تذكر شيئا، ومد يديه وراح يحبك الغطاء حول أخيه، كما يفعل أبوه تماما، وتأكد أن قدميه ملفوفتان في «البطانية»، ورأسه معدول فوق المخدة.
ثم أخذه في حضنه.
ونام.
الناس
كان في بلدنا «طرفة»، لم تكن كبيرة ولا عالية أو ذات سيقان وفروع، كانت ضئيلة الحجم، قصيرة قميئة ورقها كورق العبل رفيع وأسطواني، ولونها أخضر قاتم، ولا تعرف ربيعا أو خريفا؛ فهي تورق على الدوام، ولا تعرف ضعفا ولا قوة، فهي لا تنمو ولا تصغر، ولم يزد حجمها أو ينقص طوال أجيال.
ولا يدري أحد كيف نبتت تلك الشجرة في بلدنا؛ إذ إن شجر الطرف نادر الوجود في الأرض الطمي، فهو لا ينمو إلا في مناطق المستنقعات. وكذلك لا يدري أحد لماذا اختارت ناحيتنا بالذات.
كل ما نعلمه أن أهل بلدنا اعتقدوا فيها، ونظرا لواحدانيتها حف بها نوع من التقديس، وآمن الناس أن لا بد وراء وجودها سر باتع وكبير.
অজানা পৃষ্ঠা