الولاية في النكاح
الولاية في النكاح
প্রকাশক
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤٢٣ هـ/٢٠٠٢ م
প্রকাশনার স্থান
المملكة العربية السعودية
জনগুলি
ـ[الولاية في النكاح]ـ
أصل الكتاب: رسالة (ماجستير) - الجامعة الاسلامية، ١٤٠٣ هـ
المؤلف: عوض بن رجاء بن فريج العوفي
الناشر: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية
الطبعة: الأولى، ١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]
অজানা পৃষ্ঠা
المجلد الأول
مقدمة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون، ﷺ وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فإنّ الفقه في دين الله من أعظم وأجلِّ نعم الله على عبده، وَحَسْبُ طالب الفقه بشرى قول المصطفى ﷺ "من يرد الله به خيرًا يفقّهه في الدين". متفق عليه١.
_________
١ قال البخاري ﵀: "حدثنا سعيد بن عفير، قال: حدثنا ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: قال حميد بن عبد الرحمن سمعت معاوية ﵁ خطيبًا يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "من يرد الله به خيرًا يفقّهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمةً على أمر الله لا يضرّهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله". انتهى.
(البخاري ١/١٦٤ مع فتح الباري) كتاب العلم باب من يرد الله به خيرًا يفقّهه في الدين. وفي مواضع أخر من الصّحيح، وقد نبّه محققه على أطرافه في هذه الموضع.
ورواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الإمارة (١٣/٦٧ مع شرح النووي) "باب لا تزال طائفة من أمَّتي ظاهرين لا يضرُّهم من خالفهم".
1 / 7
فأنعم بها من بشرى! وأنعم بها من أمنية لطالب العلم! أن يكون من أهلها.
ولقد كان من فضل الله تعالى على كاتب هذه السطور أن يكون أحد طلاّب الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.، في "شعبة الفقه" من كلية الشريعة، ورغم معرفته -مسبقًا- بعجزه وتقصيره، إلا أن رجاءه في الله عظيم أن يكون من قوم لا يشقى جليسهم.
ولما كان منهج الدراسات العليا بهذه الجامعة مبنيًّا على نظام كتابة الرسائل العلميّة في فروع التخصص للحصول على درجة "الماجستير، فالدكتوراه"، فقد جال بخاطري بعض مسائل الفقه التي لم يكن بعضها- عندي- بأولى من بعض، فعرضتها على ذوي النّصح والخبرة، فكان موضوع "الولاية في النِّكاح" أحظاها قبولًا، وأسعدها بالحثِّ والتشجيع على الكتابة فيه.
وقد وافق أنَّ لي مع هذا الموضوع- خاصة - ذكرى أحتفظ بها عن كتابين منهجيين صحباني أربع سنين، هي مدة دراستي في كلية الشريعة بهذه الجامعة، وهذان الكتابان هما: بداية المجتهد لابن رشد الحفيد، وسبل
1 / 8
السلام للمحدّث الأمير الصنعاني، وفي كلٍّ منهما وجهتان متعارضتان في تقرير الرَّاجح في هذه المسألة، فقد ذهب الأول إلى أنَّه لا يوجد لهذه المسألة دليل ظاهر الدلالة فضلًا عن أن يكون هناك نص في الموضوع، وتعقبه الثَّاني واصفًا بعض كلامه بالضعف والسقوط، وأجاب عن بعضه باختصار يقتضيه المقام١.
فكان في النفس ما فيها؛ لاستبانة وجه الحقِّ في هذه المسألة الهامّة في حياة كلّ مسلم؛ لتعلُّقها بصَّحة أو بطلان العقد الذي عليه بناء الأسرة المسلمة.
ومما زادني عزمًا على الكتابة فيه أنّ كلَّ ما أمكنني الوقوف عليه في مكتباتنا- ممّا كتب حديثًا في الأحوال الشخصية٢- تجمع على أنَّ الولاية في النِّكاح شرط في حقِّ العاجزين من الصِّغار والمجانين، دون الحرائر المكلّفات من النِّساء، ولسان حالهم يردّد ما قاله ابن رشد الحفيد، إن لم يصرّحوا بذلك، فكان السؤال الذي يطلب جوابًا: أحقيقة ما يقول هؤلاء؟ أم أنه أثر من آثار التغيير الاجتماعي للأخذ بالذي هو أدنى وترك الذي هو خير؟
_________
١ انظر: بداية المجتهد (٢/٧ وما بعدها)، وسبل السلام (٣/ ١٢١) .
٢ انظر المراد بهذا الاصطلاح (ص ٢٧ ت ١) .
1 / 9
لهذا استخرت الله تعالى في الكتابة في هذا الموضوع، طالما أنَّه لزامًا على طالب الدراسات العليا كتابة بحث في فرع تخصصه، مستمدًّا من الله العون والتوفيق.
وذلك لأنَّ وراء هذا الموضوع قيمًا عاليةً من الشهامة والإباء، والحصانة والحياء، والعفاف والوفاء، وغير ذلك من صفات الفضيلة والكمال، التي يعرفها الرجال والنساء، ممّا تصان به الأعراض، وتحفظ به الأنساب، ممّا ميَّز الله به أهل الإسلام على غيرهم، وجعله عنوانًا لعزِّهم، وظهورهم، وميزة لأبناء الإسلام الأوفياء حين يتخلَّى عنها الأدعياء.
ولأنَّ رياح التغيير الاجتماعي التي هبَّت على ديار الإسلام من الغرب الحاقد، والشرق الملحد، بالأفكار الغريبة المسمومة، قد تركت في كثير من البيوت الإسلامية تساؤلات عن أمور كانت من قبل من المسلَّمات، فشكَّكت فيما لا يقبل التشكيك، وهوَّنت مما لا يستهان به، فعرف بعض النّاس ما كانوا ينكرون، وتنكَّروا لما كانوا يعرفون، وظهرت علامات استفهام مظلمة أمام التمسك بالفضيلة، أو الخوف من التردِّي في الرذيلة؟.
وخاصّة إذا كان الأمر مما يتميَّز به الرِّجال على النِّساء، فالمساواة بين الذكور والإناث في الإرث والنِّكاح والطلاق قد أصبح مطلبًا، وحجاب المرأة وحياؤها قد أصبح تأخُّرًا وبلادة، بل توحّشًا! وقرارها في
1 / 10
بيتها أصبح إقامةً جبرًا! إلى غير ذلك من الأفكار التي تهدّ الفضيلة هدًّا، وتدعو إلى الرذيلة عمدًا، والمستهدف بها أولًا وآخرًا هي: الأسرة المسلمة.
ومن تلك التساؤلات المريبة ما يدور حول ثبوت الولاية في النِّكاح على الحرَّة المكلّفة، والتقليل من أهمّيتها في حياة المسلمين الاجتماعية، ولم تكن تلك التساؤلات المريبة، والنعوت المشبوهة من أعداء الإسلام والفضيلة، لم تكن لتثير اهتمامي بهذا الموضوع لولا أنة قد أصبح لها صداها في كثير من المجتمعات الإسلامية، وكثيرًا ما يتعلّل أولئك أو يتستَّرون تحت مظلّة الخلاف الفقهيّ، جاهلين أو متجاهلين أنَّ الخلاف الفقهيّ لم يكن مبرِّرًا للتهاون في أمر مجمع على فضيلته وأهميَّته في حياة المسلمين الاجتماعية المتميِّزة بأصالتها وكمالها، فالفضائل في منأى عن الخلاف، ودرء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، والناصح لنفسه ولمجتمعه هو من يلتزم بالفضائل، ويدعو إليها في أسمى معانيها، لا من يهوِّن من شأنها وكأنَّه موكَّل بإزالتها.
لهذا كان اهتمامي كلُّه منصبًّا على تتبُّع آثار من سلف ودليلهم، ممن لم يكن الخلاف بينهم لهوى في أنفسهم، وإنما طلبًا للحقِّ بدليله، بعلم لوجه الله طلبوه، وبصدق نيَّة لله أخلصوها، فحرصت على تتبُّع آثارهم، في مصادرها الأصليَّة، باذلًا جهدي في فهم نصوصهم وتوثيق أدلتهم، معتذرًا عما كتب حديثًا حول هذا الموضوع؛ لأنَّني لم أجد - فيما عثرت عليه- ما يمكن أن يبنى عليه غيره؛ لذلك لم أجد الطريق أمامي ممهَّدًا - كما صوّره لي بعض الناصحين- وإنَّما وجدته يحتاج إلى خبرة
1 / 11
بمسالكه، وعزم على تجشّم صعابه، وكلّها مما يقصر دونها عزمي، وتقلّ بها معرفتي، ولكن على العامل بذل جهده، وصدق توكّله، وعلى الله عونه.
وقد التزمت في هذا البحث بالمنهج التالي:
أولًا: اعتماد المذاهب الأربعة في هذه الرسالة؛ لاعتمادها عند أهل الحقِّ من المسلمين، ولندرة ما يفوت أنصارها من الحقِّ المبين، ومع هذا فإنَّني أذكر بعض أقوال أهل الظاهر وغيرهم من العلماء المشهورين إذا كان قولهم مما اشتهر ذكره في كتب الخلاف.
ثانيًا: بيان مدلول عناوين مباحثه من حيث اللّغة، والشرع أو الاصطلاح.
ثالثًا: إذا كانت المسألة محلَّ اتفاق فأذكر أظهر أدلّتها وتوجيهًا مختصرًا لها مع ذكر عمدة مصادرها وكفى.
وأمّا إن كانت محلَّ خلاف فأحرِّر موضع الخلاف أولًا، ثم أذكر الأقوال فيها إجمالًا، ثم أتبعها بالتفصيل بذكر كلِّ قول وعزوه لأشهر قائليه من مختلف المذاهب، ثم دليل كلِّ قول ومناقشة كلِّ دليل- حين يوجد ما يدعو إلى المناقشة- ثم بيان الرَّاجح في خاتمة تلك المسألة ما أمكن.
وقد أعدل عن ذكر كلِّ قول مع مثيله إلى ذكر كلِّ مذهب من المذاهب الأربعة استقلالًا، وبيان ما فيه من تفصيل وتوجيه، -وهذا قليل
1 / 12
في هذه الرسالة- وإنَّما أعدل إلى ذلك حين يكون هذا المنهج أكثر اختصارًا ووضوحًا ممّا يغني عن كثرة التقاسيم بلا جدوى حقيقية منها، وحينئذ أذكر المذاهب الأربعة على ترتيبها الزمني.
رابعًا: العمدة في عزو كلّ قول وتوجيهه هو كتب المذاهب الأربعة المعتبرة عند أصحابها أولًا، ثم الكتب المساعدة من كتب الخلاف والتفسير وشروح الحديث ثانيًا، محاولًا قدر الإمكان اختيار أحسنها توجيهًا وتحريرًا.
خامسًا: توثيق الأدلّة -ما أمكن- وهذا -في نظري- من أهمّ مميّزات هذه الرسالة، وأحبّ عمل لي فيها، فإن كان الدليل من الكتاب العزيز فهو غنيّ عن التوثيق، فالبحث في دلالته لا في ثبوته، وإنما أذكر اسم السورة ورقم الآية للأمن من تحريفها، ولسهولة الرجوع إليها.
وأمَّا إن كان الدليل من الأحاديث النبويَّة أو الآثار المرويّة عن الصحابة فقد التزمت فيها بقاعدة "الحكم فرع عن دليله"، والبحث في توثيقها ذو وجهين هما:
١- توثيق نسبته إلى من خرّجه.
٢- توثيق إسناده.
فأمَّا الوجه الأوَّل: وهو توثيق نسبة الحديث أو الأثر إلى من خرّجه من الأئمة فأرجو أن يكون قد تم على أحسن حال، وكان عملي فيه على النحو التالي:
1 / 13
أ- استيفاء تخريج الحديث أو الأثر إذا ورد للاستدلال أصالة، ولو كان في الصحيحين أو أحدهما؛ لتوحيد التخريج أولًا، ولما في تعدّد طرق التخريج من القوة التي ينجبر بها الضعيف، ويقوى بها القويّ، وأما إن كان ورود الحديث أو الأثر استشهادًا أو استطرادًا فأكتفي بما يدل على ثبوته مع الإحالة على تخريجه في كتب التخريج المعروفة إن وجد فيها.
ب- الرجوع إلى المصدر الأصليّ لعزوه إليه بدون وساطة ما أمكن.
ج- أصرّح بنسبة اللفظ المختار منها إلى من خرّجه؛ لاختلاف الألفاظ وتعذُّر ذكرها، ولسهولة الرجوع إلى اللفظ في مصدره.
د- أذكر في حواشي الرسالة الجزء والصفحة، ثم الكتاب فالباب؛ لسهولة مراجعته حين تختلف الأجزاء والصفحات؛ لاختلاف طبعاتها. والمصادر المعتمدة في هذا التخريج هي: موطأ الإمام مالك، ومسند الإمام أحمد، وصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، وجامع الترمذي، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجه، وسنن الدارمي، والمنتقى لابن الجارود، وشرح معاني الآثار للطحاوي، وسنن الدارقطني، ومستدرك الحاكم، والسنن الكبرى للبيهقي، وقد أضيف إليها شيئًا من مصنّف عبد الرزاق، وسنن سعيد بن منصور، ومسند الطيالسيّ، وموارد الظمآن إلى صحيح ابن حبان.
1 / 14
هـ- أذيِّل هذا التخريج بالإحالة أيضًا على كتب تخريج أدلّة المذاهب -إن وجد الحديث أو الأثر في شيء منها- كنصب الرَّاية للزيلعي في أدلّة مذهب الحنفية، والتلخيص الحبير لابن حجر العسقلاني في أدلّة مذهب الشافعية، وإرواء الغليل للألباني في أدلّة مذهب الحنابلة.
وأمَّا الوجه الثَّاني من توثيق الأدلَّة -وهو توثيق أسانيدها- فقد كان عملي فيه بقدر ما تستوعبه المباحث الفقهية من معرفة صحّة الدّليل بأيسر طريق، فإنّ بسط القول في توثيق جميع رواة الإسناد يتطلّب إفراد أكثر الأسانيد برسالة مستقلّة، ولهذا كان عملي فيه على النحو التالي:
أ- إن كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما فإسناده غنيٌّ عن
التصحيح، إلا إذا كانت له علّة مشهورة، فأذكرها مع الجواب عنها، مثل ما جاء في حديث ابن عبّاس ﵄ مرفوعًا "الأيمّ أحق بنفسها من وليّها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها". فقد رواه الإمام مسلم وغيره بهذا اللفظ، وبلفظ آخر عن سفيان بن عيينة بزيادة "والبكر يستأذنها أبوها"، ولهذا طعن في هذه الزيادة من أثبت للأب إجبار البكر.
ب- وإن كان الحديث خارجًا عن الصحيحين فالبحث في بيان علله من حيث الرفعُ والوقف والوصل والقطع والإرسال أو ضعف راويه خاصةً إذا كانت العلّة مشهورة ويتوقف عليها بيان الرَّاجح.
ج- ترجمة موجزة لمن دعت الحاجة إلى معرفتهم من رجال الإسناد - محلّ البحث- وقد جاريت في التعريف بهم الحافظ ابن حجر في
1 / 15
"تقريب التهذيب" فنقلت عبارته مع تصرّف يسير باختصارها أو حلّ رموزها باللَّفظ الصريح، ثم أحيل على "تهذيب التهذيب" لمن رغب المزيد، وقد أضيف إليهما "ميزان الاعتدال" للذهبي، أو "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم لزيادة فيهما، وأعتمدهما عندما لا أجد للرّاوي ترجمة في "التقريب" و"التهذيب".
د- أحاول- قدر الإمكان- إبداء رأيي في صحّة الإسناد، أو ضعفه، بما سيراه القارئ لهذه الرسالة بعون الله تعالى.
سادسًا: المصطلحات والرموز:
لقد حاولت قدر الإمكان إخلاء هذه الرسالة من المصطلحات والرموز التي كثيرًا ما شَغَلَتِ الذّهن، وأوقعت في الوهم، وصدّت عن المراد، حتى كانت جنايتها على بعض الكتب لا تقارن بفائدة الاختصار المقصودة منها، إلا أنه ورد في تخريج أحاديث هذه الرسالة بعض المصطلحات التي جاريت فيها غيري، لأن شهرتها أو وضوحها تغني القارئ عن تكرار المراد منها ومن ذلك:
أ- "رواه الستة": أو "حديثه عند أصحاب الكتب الستة":
فالمراد بذلك: البخاري ومسلم في صحيحيهما، وأبو داود في
سننه، والترمذي في جامعه، والنسائي في سننه، وابن ماجه في سننه.
ب- "متفق عليه": أي عند البخاري ومسلم.
1 / 16
ج- "رواه الأربعة": هم أصحاب الكتب الستة عدا البخاري ومسلم.
د- الاستغناء بذكر شهرة أصحاب تلك الكتب عن التصريح باسم الكتاب الحقيقي.
هـ- أذكر في هوامش الرسالة الجزء والصفحة ثم الكتاب فالباب، إلأ أنني كثيرًا ما أحذف لفظ "كتاب" وأختصر اسم الشرح المصاحب له لوضوحه، وإليك مثالًا يتضح به المراد بالمصطلحين الأخيرين:
فمثلًا قولي: "الترمذي: (٤/ ٢٢٦ تحفة) نكاح، باب ما جاء في الولي": أي رواه الترمذي في جامعه، الجزء الرابع في الصفحة السادسة والعشرين بعد المائتين مع شرحه تحفة الأحوذي للمحدِّث (المباركفوري) في "كتاب النِّكاح، باب ما جاء في الوليّ".
وحيث ورد اسم الحافظ مطلقًا، فالمراد به "الإمام الحافظ أحمدبن علي بن حجر العسقلاني صاحب فتح الباري".
1 / 17
خطة البحث:
وأمّا خطّة البحث في هذه الرسالة فهي تتكون من: مقدِّمة وتسعة فصول:
وقد اشتملت المقدِّمة على: الافتتاحية، وسبب الاختيار، وأهميَّة الموضوع، ومنهج البحث.
وأمَّا الفصول التسعة فهي كالتالي:
الفصل الأول: تمهيد، ويتكون من أربعة مباحث:
المبحث الأول: في معنى الولاية.
المبحث الثاني: في معنى النِّكاح.
المبحث الثالث: في مشروعية النِّكاح وحكمته.
المبحث الرابع: في مشروعيّة الولاية في النِّكاح وحكمتها.
الفصل الثّاني: في الولاية في النِّكاح على الحرّة المكلَّفة:
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: تمهيد في بيان الأسباب الموجبة للولاية على النفس عمومًا.
المبحث الثاني: بيان مذاهب الفقهاء وأدلَّتها في ولاية النِّكاح على الحرَّة المكلّفة.
الفصل الثالث: في استئذان الوليّ للحرة المكلّفة في نكاحها.
وفيه مبحثان وخاتمة:
1 / 18
المبحث الأول: في استئذان البكر البالغ.
المبحث الثَّاني: في استئذان الثيّب البالغ.
والخاتمة: إذا أُنكحت من يعتبر إذنها بدون إذنها فما الحكم؟
الفصل الرابع: في الولاية على الصغار في النِّكاح:
ويشتمل على ثلاثة مباحث.
المبحث الأول: في ثبوت الولاية على الصغار في النِّكاح.
المبحث الثَّاني: في إنكاح الصغار أنفسهم.
المبحث الثَّالث: في تزويج الأولياء للصغار.
الفصل الخامس: الولاية في النِّكاح على المجانين.
ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: في ثبوت الولاية على المجانين في النِّكاح.
المبحث الثَّاني: في تزويج الأولياء لهم.
الفصل السادس: الولاية في النِّكاح على السفيه:
ويشتمل على أربعة مباحث:
المبحث الأول: في معنى السّفه لغة واصطلاحًا.
المبحث الثَّاني: في المقصود بالسفيه في هذا المبحث.
المبحث الثَّالث: الولاية على السّفيه في ماله.
المبحث الرَّابع: الولاية على السفيه في نكاحه.
الفصل السابع: في الولاية على الأرقاء في النِّكاح.
ويشتمل على خمسة مباحث:
1 / 19
المبحث الأول: في ثبوت الولاية عليهم في النِّكاح.
المبحث الثَّاني: في تزويج الأسياد أرقاءهم.
المبحث الثَّالث: في تزويج الأرقاء لأنفسهم.
المبحث الرَّابع: في إجبار الأرقاء على النِّكاح.
المبحث الخامس: في خيار الأمة إذا أعتقت تحت زوج.
الفصل الثامن: في أسباب الولاية في النِّكاح.
ويشتمل على تمهيد وسبعة مباحث:
فالتمهيد: في بيان المقصود بأسباب الولاية في هذا الفصل.
والمبحث الأول: في سبب الولاية بالقرابة.
والمبحث الثاني: في سبب الولاية بالولاء.
والمبحث الثالث: في سبب الولاية بالإمامة أو "السلطنة".
والمبحث الرابع: في سبب الولاية بالكفالة.
والمبحث الخامس: في سبب الولاية بالإسلام.
والمبحث السادس: في سبب الولاية بالوكالة عن الوليّ.
والمبحث السابع: في سبب الولاية بالوصيّة من الوليّ.
الفصل التاسع: في شروط الوليّ في النِّكاح.
ويشتمل على تمهيد وثمانية مباحث:
التمهيد: في بيان المراد بشروط الوليّ في النِّكاح، وتعريف لكلّ
من الشرط والمانع.
1 / 20
والمبحث الأول: في اشتراط الذّكوريّة في ولي النِّكاح.
والمبحث الثاني: في اشتراط البلوغ.
والمبحث الثالث: في اشتراط العقل.
والمبحث الرابع: في اشتراط الحرّية.
والمبحث الخامس: في اشتراط الإسلام.
والمبحث السادس: في اشتراط العدالة.
والمبحث السابع: في اشتراط الرّشد.
والمبحث الثامن: في اشتراط عدم الإحرام بحج أوعمرة.
الفهارس: وقد ألحقت بهذه الرسالة ثمانية فهارس، هي:
الفهرس الأوَّل: للآيات القرآنية الكريمة مرتبة على السور فالآيات.
الفهرس الثَّاني: للأحاديث النبويّة مرتّبة على الحروف مع الإحالة على صفحة التخريج.
الفهرس الثّالث: للآثار عن الصحابة.
الفهرس الرابع: للأبيات الشِّعريّة.
الفهرس الخامس: لغريب اللغة والمصطلحات العلميّة.
الفهرس السّادس: للأعلام الذين أمكن التعريف بهم على ترتيب الحروف.
الفهرس السّابع: للمصادر والمراجع مرتبة على أسامي الفنون ثم الحروف.
الفهرس الثامن: للموضوعات.
1 / 21
شكر وتقدير.
إنَّ الشكر لله ﷿ أولًا وآخرًا، فله الحمد كلُّه، وله الشكر كلُّه، لا نحصي نعمه، ولا نحصى ثناء عليه، ما أراده كان، وما لم يرده غير كائن، خلق الإنسان من عدم، وعلّمه ما لم يعلم، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة، فله الحمد والمنَّة.
ثم الشكر والتقدير والعرفان بالجميل لذوي الفضل والإحسان من علماء إجلاء، وإخوة أوفياء، كانت لهم أياد بيضٌ لم تبخل على هذه الرسالة بلمسات صدق ووفاء، فتحسّست منها مواطن ضعف فقوّته، وخطأ فأصلحته، ونقصًا فأتمَّته، وأخصّ منهم بالذكر فضيلة الدكتور/ محمد عبد الرحمن مندور- رئيس شعبة الفقه بقسم الدراسات العليا بالجامعة الذي أشرف على هذه الرسالة منذ أول لحظاتها، وفي مختلف أطوارها، فأمدَّها بعلمه وتوجيهه وخبرته الطويلة حتى بلغت غايتها، واطمأنت نفسه لتقديمها للحكم لها أوعليها، فجزاه الله عنِّي خير الجزاء، وجزى الله عني خيرًا تلك البقية الباقية من أفاضل العلماء، وكرام الزملاء، الذين آنسوني بحسن التوجيه، وصدق المودّة، ولئن أمسكت عن ذكرهم فليس غضًّا من أقدارهم، ولا زهدًا في معروفهم، ولكنه إكرام لهم بما يحبّون، فجزاهم الله عنِّي خير الجزاء.
والحمد لله أولًا وآخرًا، والصّلاة والسّلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
1 / 22
الفصل الأول: تمهيد في معنى الولاية والنكاح وحكمة مشروعيتهما
المبحث الأوَّل: معنى الولاية
الوِلاية -بكسر الواو- هي الخِطَّة١، والإمارة، والسُّلطان٢. والوِلاية٣ - بكسر الواو وفتحها- النصرة٤.
قال سيبوبه: الوَلاية "أي بالفتح" المصدر، والوِلاية "أي بالكسر" الاسم مثل الإمارة والنِّقابة، لأنَّه اسم لما توليته وقمت به، فإذا أرادوا المصدر فتحوا٥.
وقال ابن الأثير: "وكأنَّ الوِلاية "أي بالكسر" تشعر بالتَّدبير والقدرة
_________
١ بكسر الخاء المعجمة وتشديد الطاء المهملة- وهي الأرض يختطها المرء لنفسه ليعلم أنه قد اختارها وتحجّرها للبناء فيها ونحوه.
انظر مادة "خطّ" الصحاح (٣/١١٢٣)، مقاييس اللغة (٢/١٥٤)، اللسان (٧/٢٨٨) .
٢ أصل مادة (سلط) يدل على معنى القوة والقهر، ولذلك سمي الوالي سلطانًا.
انظر مادة (سلط) . مقاييس اللغة (٣/٩٥)، الصحاح (٣/١١٣٣)، اللسان (٧/ ٣٢١) .
٣ انظر مادة ولي الصحاح (٦/ ٢٥٣٠)، اللسان (١٥/٤٠٧) القاموس (٤/٤٠٤)، التاج (١٠/٣٩٩)، المصباح المنير (٢/٦٧٢) .
٤ نفس المصادر والصفحات.
٥ الصحاح، واللسان، والتاج، نفس الصفحات.
1 / 24
والفعل، وما لم يجتمع ذلك فيها لم ينطلق عليه اسم الوالي"١.
وقال ابن فارس وغيره: "كلُّ من قام بأمر شخص فهو وليّه"٢.
وعلى هذا فالوِلاية بمعناها العام: هي سلطة يملك بها الإنسان القيام على شؤون غيره. وهي لا تكون سلطة شرعية: إلا إذا كانت رعاية لمصالح غيره بمقتضى الشرع.
وعلى هذا يمكن تعريفها شرعًا بأنّها: سلطة شرعيَّة يملك بها القادر على التصرف رعاية شؤون غيره.
فيدخل في هذا التعريف الولاية العامة، أعني ولاية السّلطان على الأمّة، فإنه نائب عنهم شرعًا لرعاية مصالحهم بمقتضى شريعة ربهم.
ويدخل في هذا التعريف أيضًا: أنواع الولايات الخاصة كوِلاية الرجل على أولاده لتربيتهم، وتزويجهم، وحفظ أموالهم.
والذي يهمُّنا في هذا المبحث إنَّما هو تعريف الولاية في النِّكاح في اصطلاح الفقهاء، إلا أنَّني لم أجد تعريفًا يمكن الاعتماد عليه، بل كلُّ
_________
١ النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (٥/٢٢٧)، وعنه ابن منظور في اللسان (١٥/٤٠٧) .
٢ مقاييس اللغة لابن فارس (٦/ ١٤١) . وانظر مادة ولي في: الصحاح (٦/٢٥٢٩)، واللسان (١٥/ ٤٠٩)، وتاج العروس (١٠/٣٩٩)، ومفردات الراغب (٥٣٣)، والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير (٥/٢٢٨) .
1 / 25
ما وجدته هو قول بعض الحنفيَّة "إن الولاية هي: تنفيذ القول على الغير شاء أم أبى"١.
واعترض على هذا التعريف بأنّه قاصر على ولاية الإجبار دون ولاية الاختيار٢.
والمقصود بولاية الإجبار هي: التي لا اعتبار فيها لإذن الموليِّ٣ عليه، فيزوّجه وليّه شاء أم أبى.
وأمّا وِلاية الاختيار فهي بعكسها: وهي التي يعتبر فيها إذن الموليّ عليه، فلا يزوجه وليّه حتى يستأذنه.
ومع أنَّ هذا التعريف غير مانع أيضًا، فهو شامل للولاية عمومًا أي على النفس والمال٤. وعلى هذا التعريف جرى كلّ من كتب٥ في
_________
١ انظر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٣/٥٥)، والبحر الرائق (٣/١١٧) .
٢ انظر حاشية ابن عابدين (٣/٥٥)، والأحوال الشخصية لأحمد الحصري (أول صفحة) .
٣ المولى -بفتح الميم وإسكان الواو وكسر اللام وتشديد الياء- ويقال أيضًا: بضم الميم وفتح الواو وتشديد اللام المفتوحة- مثل المصلَّى عليه. قاله النووي في تهذيب الأسماء واللغات (٢/١٩٦ من القسم الثاني) .
٤ انظر حاشية ابن عابدين (٣/٥٥) .
٥ انظر مثلًا: الأحوال الشخصية لأحمد الحصري (أول صفحة)، والأحوال الشخصية لمحمد أبي زهرة (١٢٢)، والزواج والطلاق في الشريعة الإسلامية والقانون (١٤٣) للدكتور بدران أبو العينين، والأحوال الشخصية لمحمد زكريا البرديسي (١٠٥)، وأحكام الأسرة في الإسلام لمحمد مصطفى شلبي (٢٥٣) .
1 / 26