وذلك أنّ أهل الجاهلية كانوا يفعلون ذلك، إذا قتل رجل رجلا عمد ولى القتيل إلى الشّريف من قبيلة القاتل فقتله بوليّه، وترك القاتل، فنهى الله ﷿ عن ذلك عباده، وقال لرسوله، ﷺ قتل غير القاتل بالمقتول معصية وسرف، فلا تقتل به غير قاتله، وإن قتلت القاتل بالمقتول فلا تمثل به (١) .
وقال القاسمي: أي ومن قتل بغير حق - مما تقدم - ﴿فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ﴾ (الإسراء: من الآية ٣٣) الذي بينه وبينه قرابة توجب المطالبة بدمه. ﴿سُلْطَانًا﴾ (الإسراء: من الآية ٣٣) أي: تسلّطًا على القاتل في الاقتصاص منه، أو حجة يثب بها عليه، وحينئذ فلا يُسرف في القتل، أي: فلا يقتل غير القاتل، ولا اثنين والقاتل واحد، كعادة الجاهلية، كان إذا قُتل منهم واحد قتلوا به جماعة، ﴿إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾ (الإسراء: من الآية ٣٣) تعليل للنهي. يعني: حسبه أنّ الله قد نصره بأن أوجب له القصاص، فلا يستزد على ذلك (٢) .
وبهذا المثال ومن خلال ما سبق من آيات اتضح لنا منهج الوسطيَّة في الشهادة والحكم، لأن الله أمر بالعدل ونهى عن الظلم والبغي.