54

الوجيز في فقه الإمام الشافعي

الوجيز في فقه الإمام الشافعي

সম্পাদক

علي معوض وعادل عبد الموجود

প্রকাশক

شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم

সংস্করণের সংখ্যা

الأولى

প্রকাশনার বছর

১৪১৮ AH

প্রকাশনার স্থান

بيروت

زعم ابْنُ السُّبْكِيِّ في ((طبقات الشافعيَّةِ))؛ أن الإمامَ الغَزَّالِيِّ لم يصنِّف في عَلْمِ الكلامِ كتاباً مستقلاً؛ حيث يقول:

(ولم أرَ لَهُ مُصَنَّفاً في أصول الدِّينِ بَعْدَ شدَّة الفَحصْ، إلاَّ أنْ يَكُونَ ((قَوَاعِدَ العَقَائد))، وعقائد صغرى، وأما كتابٌ مستقلٌّ علَى قاعدة المتكلَمِّين، فلم أرَهُ.)

غيرَ أنَّ ما اذَّعَاهُ ابْنُ السُّبْكِيِّ لا يعضِّده دليلٌ؛ لأن عدم رؤيته مصنَّفاً قائماً بذاتِهِ في علْم الكَلام عن الغزّاليِّ ليس مقياساً للحكْمِ على انتفاءِ مؤلّفاته - رضي الله عنه - في هذا الفن؛ إذْ عدم الوِجْدَانِ لا يَدُلُّ على عَدَمِ الوُجُود.

وحقيقةُ القَوْل في هذه القضيَّة؛ أنَّ الإمامَ الغَزَّالِيَّ - رضي الله عنه - ألّف في علْمِ الكلامِ بِعْضَ الكتُبِ، وقدْ صرَّح هو بنفْسِهِ بذلك، وشهدَ به كثيرٌ من المؤرِّخين والمتزْجِمين له.

يقولُ الإمامُ الغَزَّالِيُّ في كتابه (جَوَاهِرِ القُرْآن)؛ متحدِّثاً عن علم الكلامِ: وهذا العلْمُ قد شَرَحْناه على طبَقَتَيْن، سمَّينا الطبَقَةَ القريبة منها ((الرسَالَة القُدْسِيَّة))، والطبقةَ التي فوقها (الاقْتِصَادَ في الاعْتِقَادِ).

وكتابُ ((الاقْتِصَاد في الاعْتِقَاد)) هذا - كتابٌ مستقلٌّ، وقائمٌ بذاته في الحديث عنْ علم الكلامِ، وهو منْ أعْمقِ وأَشْمَلِ ما كُتِبَ في الفنِّ.

كما أنَّ كثيراً من مباحثِ عِلْمِ الكلام ومسائِلِهِ جاءَتْ متناثرةً خلالَ كتبه ومؤلّفاته المختلفَةِ في الأصُول، والفَلْسَفَة، والجَدَلِ، وغيرها من الفُنُون.

أضِفْ إلَى ذلك أنَّ هذه المُؤَلَّفَاتِ جاءَتْ مليئةً بالذَّبِّ عن عقيدة جماعة الأشاعِرَة، ودَمْغ خصومِهِمْ، بَلَوَازِمٍ مُسَلَّماتهم، وهي الطريقةُ المفَضَّلة عند الإمامِ الغَزَّلِيِّ - رضي الله عنه.

وأخيراً، فقدْ روى أصْحابُ التّاريخِ والتراجمِ كثيراً منْ صَوَلاَت الغزَّالِيِّ وجوَلاَتِهِ من الرَّدِّ على أربابِ المذاهِبِ والنِّحَلِ، وإبْطَالِ دعاوِیهِمْ.

كلُّ هذه الأدلّةِ تعضّدٍ ما ذهَبْنا إلَيْهِ، من رُسُوخ قَدَمِ هذا العالِمِ الجَليلِ في عِلْمِ الكَلَامِ، وورود المصنِّفات التي شرحت هذا العلم، وأرْسَتْ مسَائلَهُ، وأَسَّسَتْ مبادئَهُ عنْه - رحمه الله تعالَى - ونفع المُسْلمِين بعلمِهِ.

ثانياً: جُهُودُ الغَزَّالِيِّ في الفَلْسَفَةِ:

وقبل الخَوْضِ في جُهُود الغَزَّاليِّ، وإسهاماتِهِ في دراسَةِ الفلْسَفَة والتأليف فيها، نتكلّم بشَيْء من الإِيجَازِ عن مفهومٍ هذا الفَنِّ من الدراسَاتِ الإنْسَانِيَّة.

ومن العَسِيرِ تعريفُ الفَلْسَفَة تعريفاً واحداً يرضَىْ عنْه كلُّ الفلاسفَةِ؛ وذلك لأنَّ معنى الفلسفة يختلف باختلافِ العُصُور، بلْ إنه في داخِلِ العَصْرِ الواحِدِ نجدُ معانِيَ عديدةً لهذه الكلمةِ، وتتعدَّد

54