الرقاع وغيرها، مما كتب عليه القرآن على عهد رسول الله ﷺ، ثم نسخ ما كتب فيها إلى صفحات مجتمعة، مع مراعاة ترتيب الآيات في السور، حسب توقيف رسول الله ﷺ، لتكون هذه الصفحات محفوظة في دار الخلافة، مرجعا للمسلمين في معرفة آيات القرآن وسوره، وحفظا لكتاب الله تعالى من الضياع، أو الزيادة أو النقصان.
٢ - سبب القيام بهذا الجمع:
إنّ السبب الحامل على هذا العمل الذي أمر به أبو بكر ﵁: هو ما كان من مقتل عدد من قرّاء القرآن وحفّاظه في موقعة اليمامة، التي دارت فيها رحى الحرب بين المسلمين وأهل الردة، من أتباع مسيلمة الكذّاب.
وكان عدد هؤلاء الحفّاظ ينوف على السبعين، من أجلّهم سالم مولى أبي حذيفة ﵁. ولقد هال ذلك المسلمين وأفزعهم، وخافوا على القرآن كتاب الله المنزل من الضياع بموت الحفّاظ ومقتلهم، وكان أشدّهم خوفا وأكثرهم ارتياعا عمر الفاروق ﵁، الذي هرع إلى أبي بكر ﵁ محذّرا ومنبّها، وأشار عليه أن يتدارك دين الله تعالى، ويأمر بجمع القرآن، ويحفظه بين دفتين، قبل أن يموت أشياخ القرآن والحفّاظ، فيضيع على الناس شيء من كتاب الله ﷿.
٣ - قرار أبي بكر ﵁ وتنفيذه:
تردّد أبو بكر ﵁ بادئ الأمر في اقتراح عمر ﵁، لما كان يأخذ به نفسه من الوقوف عند حدود ما كان عليه رسول الله ﷺ، وكان يقول:
كيف أفعل شيئا ما فعله رسول الله ﷺ؟! ولكن عمر ﵁ ما زال يراجعه في ذلك، ويبيّن له وجه المصلحة بهذا العمل، وأنه يراد به خير الأمة وحفظ الدين، حتى شرح الله تعالى صدره لذلك، وتجلّت له الحكمة وتبيّن وجه المصلحة.