66

Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه

প্রকাশক

دار الفكر العربي

সংস্করণ

الثانية

প্রকাশনার বছর

১৩৯৮ AH

(ثانيهما) - أن الليث في عرضه المسائل التي خالف فيها مالكاً رضي الله عنهما يبين آراء الصحابة والتابعين المختلفة، ثم يختار من بينها ما يراه رأي الكثرة، واعتناقه لا يعد شذوذاً، وهذا يدل على أن الدراسة في ذلك الوقت كانت تشمل دراسة آراء الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار، ويوازن الدارس بينها، ويختار منها ما يكون أصلح للناس، واعتنقته الكثرة.

والشافعي رضي الله عنه كان معنيّاً بدراسة الفقهاء الذين سبقوه، أو عاصروه ونقدوها نقداً يتصل بالرواية والدراية، ويختار من بينها ما يتفق مع نزعته، ولا يكون منافياً للروايات الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

٤٠ - وإن شئت أن تسمي عصر الشافعي عصر المناظرات الفقهية المثمرة فسمه، وإن شئت أن تقول إن الفقه الإسلامي الذي استنبط كان مديناً لهذه المناظرات المخلصة الشريفة في غايتها فقل. وقد انبعثت فيها مسائل كانت موضوع النظر، ومدار البحث، وكانت القطب الذي تدور حوله الاتجاهات المختلفة للفقهاء ثم كانت المناظرات سجلاً للأدلة الفقهية، والأصول التي استمدت منها الآراء المختلفة في الفروع، وذلك أن الفقهاء عندما دونوا كتبهم كانوا - إلا قليلاً منهم - يدونون الفروع وأحكامها من غير ذكر أدلتها، والأصول التي بنيت عليها، فكانوا يذكرون الحادثة الجزئية، والحكم الشرعي الذي ارتأوه لها من غير أن يبينوا شيئاً سوى ذلك، ولكن عندما تصطدم الآراء في المناظرات الفقهية يدلي كل واحد بحجته، ويبين المسلك الذي سلكه، فالمناظرات إذن كانت هي المنبعث الذي انبعثت منه الأصول المذهبية.

ولما دون الشافعي مذهبه، أو أملاه، أو روي عنه، جاء لابساً ثوب المناظرات، لأنه كان ثمرة لكثير منها، وكان ذكره مقترناً بأدلته، ولعل الشافعي رضي الله عنه، وقد كان العالم الجلي في هذه المناظرات قد انتفع أبلغ ما يكون الانتفاع منها في وضع أصول الفقه، فقد أنضجت المناظرات

66