وهذه غَمْرةٌ (^١) لا يَخلُص منها إلَّا العالمُ الوافي بشواهد الشَّريعة، ولا أحصر ذلك في العلم بالفروع، فإنَّ كثيرًا من أحوال المحقِّقين من الصُّوفيَّة (^٢) لا يفي بتمييز حقِّه من باطِلِه علمُ الفروع، بل لا بدَّ معه (^٣) من معرفة القواعد الأصوليَّة، والتَّمييز بين الواجب والجائز، والمستحيل عقلًا والمستحيل عادة.
وهو مقامٌ خَطِر؛ إذ القادح في مُحِقِّ (^٤) الصُّوفيَّة داخلٌ في حديث: «من عادى لي وليًّا فقد بارزني بالمحاربة» (^٥)، والتَّارك لإنكار الباطل ممَّا سمعه من بعضهم تاركٌ للأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر.
[(٣) الجهل بمراتب العلوم]:
* ومن ذلك: الكلامُ بسبب الجهل بمراتب العلوم، فيُحتاج إليه في المتأخِّرين أكثر (^٦)، فقد انتشرت علومٌ للأوائل، وفيها حقٌّ
(^١) غَمْرة الشَّيء: شِدَّتُه ومُنْهَمَكُه «تاج العروس» (غ م ر).
(^٢) في م: «فإنَّ كثيرًا من الصُّوفيَّة».
(^٣) «معه» زيادة من «م»، وفي «الاقتراح»: «مع ذلك».
(^٤) في م: «محقِّق».
(^٥) أخرجه ابن ماجه (٣٩٨٩) من حديث معاذ ﵁ بلفظ: «وإنَّ من عادى لله وليًّا؛ فقد بارز الله بالمحاربة»، وأصله عند البخاريِّ (٦٥٠٢) من حديث أبي هريرة ﵁ بلفظ: «فقد آذنتُه بالحرب»، وانظر: «جامع العلوم والحكم» (٢/ ٣٣٠).
(^٦) والمتقدِّمون قد استراحوا من هذا الوجه؛ لعدم شيوع هذه الأمور في زمانهم «الاقتراح» (ص ٣٠٠).