ইনসাফ ফি মাসায়েল
الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين
প্রকাশক
المكتبة العصرية
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى ١٤٢٤هـ
প্রকাশনার বছর
٢٠٠٣م
জনগুলি
١ من كلام مؤلف "الإنصاف" في وصف كتابه.
1 / 5
1 / 6
١ يذكر لنا التاريخ أن أبا جعفر النحاس المصري، تلميذ الأخفش الصغير وأبي العباس المبرد والزجاج، والمتوفى سنة ٣٣٨ "أي قبل مولد المؤلف بنحو ١٦٥ عامًا" قد ألف كتابًا في اختلاف البصريين والكوفيين، وسماه" المبهج" ولعل المؤلف لم يطلع عليه، ولم يسمع به. ٢ توخيت: قصدت.
1 / 7
١ انظر في هذه المسألة: لسان العرب "س م و" وشرح موفق الدين بن يعيش على مفصل الزمخشري "ص٢٦ ط أوروبة" وكتاب "أسرار العربية" لصاحب الإنصاف "ص٣ ليدن" وأوضح المسالك لابن هشام "شرح الشاهد رقم ٥ بتحقيقنا". ٢ اقرأ كلمة "الثلاثة" بالنصب على أنها بدل من اسم الإشارة، واقرأ كلمة "الأقسام" بالنصب أيضًا على أنها بدل من الثلاثة، ولا تضف الثلاثة إلى الأقسام كما كنت تضيف لو قلت "ثلاثة الأقسام" فإن إضافة اسم العدد المقترن بأل إلى المعدود المقترن بها أيضًا مذهب كوفي يرى المحققون من النحاة أنه بمعزل عن السماع والقياس.
1 / 8
١ اعلم أولًا أن العرب قد قالوا "اسم" بكسر همزة الوصل وبضمها أيضًا، وقالوا "سم" بكسر السين وضمها أيضًا وجعل حركات الإعراب على الميم، وقالوا "سما" مقصورًا على مثال هدى وتقى وضحى، وستأتي هذه اللغات مع الشواهد التي ساقها المؤلف، ثم اعلم أن النحاة قد اختلفوا في وزن "سمو" على مذهب البصريين؛ فمنهم من قال: أصله سمو -بكسر السين وسكون الميم- ونظيره من الصحيح حمل وجذع، ومن المعتلّ قنو، فمن حذف الواو ولم يعوّض من المحذوف شيئًا أبقى السين على كسرتها التي كانت لها، ومن حذف الواو وعوّض من المحذوف همزة الوصل ألقى كسرة السين على الهمزة فصارت السين ساكنة، ومنهم من قال: أصله سمو-بضم السين وسكون الميم- ونظيره من الصحيح قُفْل وقُرْط، ومن المعتل عُضْو، فمن حذف الواو ولم يعوّض أبقى ضمه السين على حالها، ومن حذف الواو وعوض منها همزة الوصل ألقى ضمة السين على الهمزة، ثم اعلم أن جمع الاسم على "أسماء" لا يقوي أحد هذين الرأيين ولا يرشحه، وذلك لأن أفعالًا من أوزان الجموع يكون لفعل المكسور أوله الساكن ثانيه كما يكون لفعل المضموم أوله الساكن ثانيه الصحيح والمعتل في ذلك سواء، فأنت تقول: أحمال، وأجذاع، وأقناء، وأقفال، وأقراط، وأعضاء. ٢ اعلم أولًا أن العرب قد حذفوا فاء الكلمة أحيانًا، وحذفوا لام الكلمة أحيانا أخرى، وأن هذا الحذف قد يكون لعلّة تصريفية، وقد يكون اعتباطًا لا لعلّة تصريفية اقتضته ولا لسبب أوجبه إلا مجرد التخفيف، وأنهم قد يحذفون ويعوضون من المحذوف شيئًا، وقد يحذفون ولا يعوضون من المحذوف شيئًا أصلًا، فأما المحذوف لعلّة تصريفية فلا نريد أن نتعرض له لأنه مبين في كتب التصريف بعلله وأسبابه التي اقتضته، وأما الحذف لغير علّة تصريفية استوجبته فهو موضوع حديثنا =
1 / 9
= الآن؛ إذ كانت كلمة "اسم" من هذا النوع، فنقول: أما حذف الفاء لغير علة مع عدم التعويض عنها فنحو "سم" على مذهب الكوفيين الذين يقولون إن أصله "وسم" فحذفت الواو التي هي فاء الكلمة بدون علة اقتضت هذا الحذف ولم يعوض من هذا المحذوف شيء أصلًا، وأما حذف الفاء من غير علّة تصريفيّة مع التعويض عنها فنحو "اسم" على مذهب الكوفيين أيضًا، فقد حذفت الواو التي هي فاء الكلمة وعوض عنها همزة الوصل في مكانها، ونحو "لدة" للترب المساوي في السن فإن أصله ولد بدليل أنه من الولادة، و"حشة" اسم للأرض الموحشة التي لا أنيس فيها فإن أصله من الوحش، و"رقة" اسم للفضة فإن أصله واوي الفاء بدليل الورق بفتح الواو وكسر الراء بمعناه، ونحوه "جهة" اسم للمكان الذي تتوجه إليه، فإن الاشتقاق يدل على أن أصله من واوي الفاء نحو الوجهة والتوجه وتوجهت تلقاء كذا، وما أشبه ذلك. وأما ما حذفت لامه اعتباطًا ولم يعوض منها شيء فنحو غد، ويد، ودم، وأب، وأخ، وحم، ومنه "سم" عند البصريين الذين يقولون: إن أصله "سمو" فحذفت الواو ولم يعوض منها شيء، وأما ما حذفت لامه اعتباطًا وعوض منها شيء فنحو "اسم" عند البصريين أيضًا؛ فقد حذفت لامه وهو الواو وعوض منها همزة الوصل، ونظيره "ابن" فإن أصله "بنو" فحذفت لامه اعتباطًا وعوض منها همزة الوصل، ومن ذلك "سنة" و"شفة" و"عزة" و"ثبة" و"كرة" و"عضة" و"ثبة" و"إرة" وأخواتها، فقد حذفت لامات هذه الكلمات وعوض من هذه اللام تاء التأنيث في مكان المحذوف. وإنما بسطنا لك هذا الموضوع لتعلم أنه ليس هناك ضابط لا ينخرم للحذف والتعويض، ثم نقول: حاصل الوجه الأول مما رد به المؤلف على ما ذهب إليه الكوفيون أنه إذا عوض حرف من حرف لزم أن يكون حرف العوض في غير مكان الحرف المعوض منه، وللكوفيين أن يمنعوا ذلك، وأن يقولوا: لا، بل يجوز الأمران جميعًا: أن يكون العوض في مكان المعوض منه، وأن يكون حرف العوض في غير مكان الحرف المعوض منه، وقد عرفت أمثلة ذلك في محذوف الفاء وفي محذوف اللام، كما عرفت فساد قول المؤلف "كما لا يوجد في كلامهم ما حذف لامه وعوض بالهاء في آخره". ١ قد علمت أنه وجد في كلامهم ما حذف لامه وعوض بالهاء في آخره، وذلك مثل: عزة، وعضة، وإرة بكسر أوائلهنَّ وفتح ثانيهنَّ مخففًا ومثل: كرة، وقلة، وثبة بضم أوئلهنَّ وفتح ثانيهنَّ مخففًا ومثل: سنة، وشفة بفتح أولهما وثانيهما كما وجد في كلامهم ما حذفت فاؤه وعوض منها التاء في آخره نحو لدة ورقة وحشة وجهة من أسماء الأعيان، ونحو عدة وزنه وهبة وصفة وجدة من المصادر.
1 / 10
١ للكوفيين أن يدعوا أن هذه الكلمة قد حصل فيها قلب مكاني، وأنهم قالوا أول الأمر "أوسمت" على وزن أفعلت، ثم نقلوا الواو التي هي فاء الكلمة إلى موضع اللام فقالوا "أسموت" على وزن أعلفت، ثم قلبوا هذه الواو -بعد أن صارت في آخر الكلمة- ياء فصارت "أسميت" وبهذه الطريقة نفسها يجيبون عن الوجوه الآتية الثالث والرابع والخامس، وقد تنبه موفق الدين بن يعيش إلى ذلك فقال "فإن أدعى القلب فليس ذلك بالسهل؛ فلا يصار إليه وعنه مندوحة" ا. هـ. ٢ في كلام المؤلف ما يدل على أنه يشترط لقلب الواو ياء أن تكون هذه الواو ساكنة، وليس ذلك بمستقيم على إطلاقه؛ فإن الواو المتطرفة -أي الواقعة في آخر الكلمة- تنقلب ياء إذا انكسر ما قبلها، مطلقًا، أي سواء أكانت ساكنة أم متحركة بل هي لا تكون ساكنة في آخر الكلمة إلا لعارض لا دخل له في قلبها؛ وذلك، من قبل أن آخر الكلم المتمكنة هو محل الإعراب، وانظر إلى قولهم "رضي" وهو فعل ماضٍ من الرضوان، فإن أصل يائه واو مفتوحة، وانظر إلى قولهم "غزى" و"دعى" بالبناء للمفعول؛ فإن أصل يائهما الواو، بدليل قولهم: دعاه يدعوه، وغزاه يغزوه، وقد انقلبت واوهما ياء لمجرد كونها طرفًا مكسورًا ما قبلها، ثم انظر بعد ذلك إلى قولهم "الداعي، والغازي، والراضي" فإنك ستجد أن أصل هذه الياءات واو، بدليل الاشتقاق الذي أشرنا إليه، وقد انقلبت الواو في الكلمات الثلاث ياء لوقوعها في آخر الكلمة وكسر ما قبلها وأما سكون هذه الكلمات في حالة الرفع وحالة الجر فلعله أخرى، وهي استثقال الضمة والكسرة على الواو والياء، والذي يؤكد لك ذلك أن هذه الواوات تقلب ياء في حالة النصب أيضًا مع ظهور الفتحة على الواو، وعلى الياء. وإنما يشترط سكون الواو مع انكسار ما قبلها لقلبها ياء إذا كانت في وسط الكلمة نحو ميعاد وميقات وميزان، وقد بين المؤلف أصل هذه الكلمات.
1 / 11
[١] هذا البيت من الرجز المشطور، وهو لأبي حيّان الفقعسي، ومع كثرة ترديد النحاة وأهل اللغة لهذا الشاهد فإني لم أقف له على سوابق أو لواحق، وقد استشهد به ابن هشام في أوضحه"رقم ٥٨٠" والأشموني "رقم ١٢٥٢" وأنظره في اللسان أيضًا "ك ر م" وقوله "أهل" معناه مستحق وذو أهلية، و"يؤكرم" بالبناء للمجهول، وأراد يكرم. والشاهد فيه قوله "يؤكرم" فإن هذه الكلمة قد جاءت على الأصل الأصيل، لكنها مخالفة للاستعمال المُتْلَئِب، لأنهم يحذفون الهمزة من مضارع أفعل كأكرم وأورد وأوفى وذلك لأنهم استثقلوا وجود همزتين متواليتين في أول الكلمة في قولهم "أأكرم" وحملوا "نؤكرم" و"تؤكرم" و"يؤكرم" على المبدوء بهمزة المضارعة قصدًا إلى التجانس ومعاملة للأشباه معاملة واحدة، وإن لم يكن في المبدوء بالنون والياء والتاء من الثقل مثل ما في المبدوء بالهمزة، وقد عاود هذا الراجز الأصل المهجور حين اضطر لإقامة الوزن، ونظيره قول خطام المجاشعي، وانظره في اللسان "ث ف ى": لم يبقَ منْ آي بها يُحَلَّيْن" ... غيرُ خِطَامٍ ورمادٍ كِنْفَيْنِ وصَالِيَاتٍ كَكَمَا يُؤَثْفَيْن _________ ١ جملة ما يشترط لحذف الواو التي هي فاء الفعل من المضارع ثلاثة شروط: الأول: أن تكون ياء المضارعة مفتوحة، فلو كانت الياء مضمومة كما في نحو يوافق ويوائم وكما في نحو يوعد ويولد ويوزن -بالبناء للمجهول- لم تحذف الواو؛ لأن ضمة الياء تجانس الواو فتشدّ أزرها وتمنعها من تسلّط الياء عليها. والشرط الثاني: أن تكون عين الفعل مكسورة، فلو كانت العين مضمومة نحو يوجه ويوضؤ، أو كانت مفتوحة نحو يوهل، ونحو يوصل ويوعد ويوفى -بالبناء للمجهول- لم تحذف الواو؛ لأن الفتحة التي بعدها لا تجانس الياء التي قبلها فلا تتقوى بها الياء. والشرط الثالث: أن يكون وقوع الواو بين ياء مفتوحة وكسرة في فعل، فلو كان وقوع ذلك في اسم نحو يوعيد –على مثال يقطين من الوعد لم تحذف الواو.
1 / 12
١ وقد جمعوا "أسماء" على "أساميّ" بتشديد الياء وأصله على مذهب البصريين "أساميو" مثل قراطيس وعصافير، أما الياء فهي منقلبة عن حرف اللين الذي هو الألف في أسماء وقرطاس والواو في عصفور، وما الواو فهي لام الكلمة على مذهبهم، فلما اجتمعت الواو والياء في كلمة واحدة وكان السابق منهما ساكنًا قلبوا الواو ياء ثم أدغموا الياء في الياء، وربما حذفوا الياء المنقلبة عن حرف اللين وأبقوا الواو فانقلبت ياء لتطرفها إثر كسرة فقالوا "الأسامي" وتحذف هذه الياء الخفيفة في حالتي الرفع والجر، ومن ذلك قول الشاعر: ولنا أسام ما تليق بغيرنا ... ومشاهد تهتل حين ترانا
1 / 13
[٢] هذا بيت من الرجز المشطور يقوله ابن خالد القناني نسبة إلى القنان بفتح القاف هو جبل لبني أسد فيه ماء يُسَمّى العسيلة – وقد أنشده في اللسان "س م و" وأنشده ابن يعيش، وابن هشام في أوضح المسالك "رقم ٥ بتحقيقنا" و"أسماك" أراد ألهم آلك أن يسموك، و"سما" = _________ ١ ينسب العلامة رضي الدين في شرح الشافية هذا الرأي إلى حذاق الصرفيين. ٢ الصواب أن يقال "قد وليتها الواو".
1 / 14
= أي اسما "مباركًا" أي ذا بركة "آثرك" ميزك واختصك، و"إيثارك" هو مصدر مضاف إلى ضمير المخاطب، ويجوز أن يكون هذا الضمير فاعل المصدر، كم يجوز أن يكون مفعوله؛ فعلى الأول يكون المعنى: آثرك الله بهذا الاسم المبارك إيثارًا مثل إيثارك أنت الناس بالمعروف والعطاء وعلى الوجه الثاني يكون المعنى: آثرك الله بالاسم المبارك إيثارًا مثل إيثاره إيَّاك بالفضل ومكارم الأخلاق. والاستشهاد به في قوله "سما" فقد زعم المؤلف أن هذه الكلمة مقصورة مثل هُدَى وتُقَى وضحى، وعلى هذا يكون نصبها بفتحة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، كما تقول: استيقظت ضحى، واتقيت تقى، واتبعت هدى، ولكن هذا الذي ذكره المؤلف ليس بمتعين، فإنه يجوز أن تكون كلمة "سما" في هذا البيت قد جاءت على لغة من يقول "سم" بكسر السين أو ضمها وآخره صحيح مثل غد ويد ودم وأب وأخ، ويكون منصوبًا منونًا كما تقول: أزورك غدًا، واتخذت عندك يدًا، وقد أرقت دمًا، وما أشبه ذلك، ومتى جاز في هذا الشاهد هذان الوجهان لم يصلح أن يكون دليلًا على إحدى اللغتين بعينها؛ لأن الدليل متى تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال، كما يقولون، ونظير هذا البيت في احتمال اللغتين ما أنشده أبو العباس: فدعْ عنك ذكر اللهو، واعمدْ بمدحه ... لخير معد كلها حيثما انتمى لأعظمها قدرًا، وأكرمها أبًا، ... وأحسنها وجهًا، وأعلنها سما والذي يتعين أن يكون مقصورًا ما حكاه صاحب الإفصاح من قول بعضهم "ما سماك" فإنه قد أثبت الألف مع الإضافة، وذلك يفيد كونه مقصورًا؛ إذ لو كان عنده صحيح الآخر كيد وغد لقال "ما سمك" بضم الميم، فتأمل ذلك. [٣] هذه ثلاثة أبيات من الرجز المشطور أنشدها كلها صاحب اللسان "ق ر ض ب -برك- س م و" من غير عزو، وأنشد موفق الدين بن يعيش أولهما وثانيها من غير عزو أيضًا، وأنشدهما ابن جني في شرح تصريف المازني "١/ ٦٠" وتقول "قرضب الرجل فهو قرضاب" إذا أكل شيئًا يابسًا، وتقول "رجل مبترك" إذا كان معتمدًا على الشيء ملحًا فيه، يريد أنهم ظنوا في مقدم العام أنه سيكون عام رخاء، فإذا هو يكون عام شدة وجدب، يلح على أموالهم بالإفناء حتى يأتي عليها، والاستشهاد فيه بقوله "سمه" وهو يروى بكسر السين وضمها، فيكون دليلًا على أن من العرب من يقول في الاسم "سم" بحذف لامه من غير تعويض ومعاملته معاملة الصحيح الآخر كغد ويد ودم وأخ وأب، وذلك ظاهر. [٤] هذان بيتان من الرجز المشطور أنشدهما ابن منظور في اللسان "س م و"، وأنشدهما موفق =
1 / 15
= الدين بن يعيش من غير عزو، وأنشدهما ابن جني في شرح تصريف المازني "١/ ٦٠" وحكي في اللسان روايتهما عن ابن بري عن أبي زيد، وقال: إنهما لرجل من كلب، لكن الرواية هناك هكذا: أَرْسَلَ فيها بازلًا يُقَرِّمُهْ ... وهو به ينحو طريقًا يعلمُهْ باسم الذي في كل سورة سُمُهْ والاستشهاد به في قوله "سمه" وهو نظير ما ذكرناه في الشاهد السابق.
1 / 16
١ انظر في هذه المسألة: شرح الأشموني "١/ ٣٦-٤٣ بتحقيقنا" وأوضح المسالك "الشواهد ٦-٩ بتحقيقنا" وشرح التوضيح للشيخ خالد "١/ ٧٢-٧٧ بولاق" وشرح موفق الدين بن يعيش على مفصل الزمخشري "ص٦٠-٦٣ أوروبة" وشرح رضي الدين على كافية ابن الحاجب "١/ ٢٣ وما بعدها". ٢ الباء: أراد الباء التي في قولك "جاء أبوك" ومعنى كونها حرف الإعراب أن الإعراب واقع عليها، يعني أنها مرفوعة بالضمة الظاهرة التي على الباء والواو للإشباع. ٣ وقد جاء على هذه اللغة قول الشاعر: بأبه اقتدى عدي في الكرم ... ومن يشابه أبه فما ظلم وقوله الآخر: سوى أبك الأعلى وأن محمدًا ... علا على كل عالٍ يا ابن عمّ محمد
1 / 17
[٥] هذان بيتان من الرجز المشطور ينسبهما قوم إلى أبي النجم الفضل بن قدامة العجلي، وينسبهما قوم آخرون إلى رؤبة بن العجاج، وهما من شواهد الأشموني "رقم ١٦" وابن هشام في أوضح المسالك "رقم ٩" وابن عقيل "رقم ٦" وابن يعيش "ص٦٢" ولاشاهد فيه قوله "أباها" وأنت ترى أنه قد ذكر الأب بالألف ثلاث مرات في البيت الأول فأما في المرتين الأولى والثانية فلا تتعين في واحدة منهما لغة من يجيء بالأسماء الستة بالألف في الأحوال كلها، بل يجوز أن يكون الراجز قد جاء بالكلمتين على هذه اللغة، ويجوز أن يكون قد جاء بهما على اللغة المشهورة عند جمهرة العرب، وذلك لأن الكلمتين في موضع النصب لكون الأولى اسم إن والثانية معطوفة على اسم إن، وفي حالة النصب تستوي لغة التمام ولغة القصر، أما الكلمة الثالثة فتتعين فيها لغة القصر بسبب كونها في موضع الجر وقد أتي بها بالألف، والأولى أن تحمل الأولى والثانية على لغة القصر بقرينة الكلمة الثالثة؛ ليكو الكلام جاريًا على مهيع واحد.
1 / 18
١ ونظير هذا ما قالوه في امرئ وابنم؛ فإنه يقال "جاء امرؤ" بضم كل من الراء والهمزة، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ﴾ ويقال"رأيت امرأ" بفتح كل من الراء والهمزة، ومنه قول الله تعالى: ﴿مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ﴾ وقول الشاعر: إن امرأ غرّه منكن واحدة ... بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور ويقال "مررت بامرئ" بكسر كل من الراء والهمزة، ومنه قول الله جلّ ذكره: ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ وكذلك يصنعون مع "ابنم". ٢ قد حدثناك حديث صنيع العرب في "امرئ" و"ابنم" وأنهم -في ظاهر الأمر- يعربونهما من مكانين: الحرف الآخر، والحرف الذي قبل الآخر، فللكوفيين أن يقولوا: لن نسلّم أن هذا لا نظير له في كلام العرب، بل له نظير من الصحيح الآخر وهو امرؤ وابنم، فإنا رأينا العرب تعربهما من مكانين
1 / 19
١ قد حكى المؤلف هذا القول أحد قولين لأبي الحسن الأخفش، والعلامة أبو الحسن الأشموني يحكي القولين وينسبهما إلى هشام، وهو هشام بن معاوية أحد أصحاب الكسائي كما سماه المؤلف ابن الأنباري في المسألة الحادية عشرة من هذا الكتاب.
1 / 20
[٦] أنشد ابن منظور هذين البيتين في اللسان "ش ر ى" وأنشد أولهما في "ص ور" من غير عزو، وأنشدهما ابن جني في سر الصناعة "١/ ٢٩" من غير عزو أيضًا وأنشدهما الرضي، وقد شرحهما البغداديّ في الخزانة "١/ ٥٨ بولاق" ولم يعزهما، وكلهم يروي البيتين ببعض اختلاف في بعض ألفاظهما، وسننبّه عليه، وصور: جمع أصور، وهو وصف فعله صور يصور صورًا -على مثال فرح يفرح فرحًا- ومعناه المائل العين، وروى ابن منظور "وأنني حوثما يشرى الهوى بصري" وحوثما: لغة في حيثما، و"يشرى" مضارع أشراه إلى ناحية كذا بمعنى أماله، وهو بمعنى "يثني" في رواية المؤلف، يريد أنه كان دائم التلفت إلى أحبابه يوم الفراق، وأنه كان يتجه في التفاته إلى الجهة التي يسلكها أحبته، ومحلّ الاستشهاد قوله "فأنظور" فإنه أراد "فأنظر" لكنه لما كان محتاجًا إلى الواو في القافية أشبع الضمة التي على الظاء فنشأت الواو. وأقول: قال أبو الطيب المتنبي: ويطعمه التوراب قبل فطامه ... ويأكله قبل البلوغ إلى الأكل = _________ ١، ٢ حكى العلامة ابن مالك في شرح التسهيل أنك إذا قلت "هذا أبو زيد" فأصله "أبو زيد" بفتح الباء وضم الواو للإعراب، ثم أتبعت الباء للواو فضمت، فصار الباء والواو جميعًا مضمومين، ثم استثقلت الضمة على الواو فحذفت، وهذا أدق مما ذكره المؤلف؛ قالوا: لأن نقل الحركة إلى حرف متحرك غير معهود، ويقال مثل ذلك في حالة الجر. ٣ انظر الهامش ٢ في ص١١.
1 / 21
= وضبط الشرّاح قوله "التوراب" بفتح التاء وسكون الواو، ثم راحوا ينددون بها ويقولون: إنه يخترع لكلام العرب أوزانًا لم يقولوها، ولو أنهم ضبطوا الكلمة بضم التاء لوجدوا لها مساغًا ونظائر في كلام من يحتجون بكلامه ويخرجونه، فإن العرب يقولون "التراب" بضم التاء ... الغراب، ثم إذا أشبعت التاء نشأت واو مثل واو "أنظور". [٧] نسب جماعة هذا البيت إلى أبي عمرو بن العلاء، يقوله للفرزدق الشاعر، وكان الفرزدق قد هجاه ثم اعتذر له، والبيت من شواهد الأشموني "رقم ٤٤" و"زبان" بفتح الزاي وتشديد الباء اسم رجل، وقد ذكر المجد في القاموس جماعة ممن تسموا بهذا الاسم منهم أبو عمرو بن العلاء المازني النحوي اللغوي المقرئ قيل، هذا اسمه، وقيل: بل لقبه واسمه العريان أو يحيى، والاسشتهاد به في قوله "لم تهجو" فإن حق العربية عليه أن يقول" لم تهج" بحذف الواو التي هي لام الفعل، لأن الفعل المضارع المعتل اللام يجزم بحذف لامه، وللعلماء في تخريج مثل ذلك رأيان: أولهما أن هذه الواو هي لام الفعل التي يحذفها جمهرة العرب من المضارع في حالة الجزم، ولم يحذفها هذا الشاعر اكتفاء بحذف الحركة كما يصنع في الفعل الصحيح الآخر، والرأي الثاني هو الذي ذكره المؤلف هنا، وتلخيصه من الواو التي هي لام الكلمة قد حذفت، وأما هذه الواو فإنها واو أخرى نشأت عن إشباع ضمة الجيم، نظير الواو في "أنظور" في الشاهد السابق، وانظر الشاهدين ١١ و١٧. [٨] هذا بيت من الرجز المشطور، وقد أنشد ابن منظور في اللسان "ق ر ن ف ل" رجزين كل واحد منهما يشتمل على هذا البيت مع مغايرة طفيفة، أما أول الرجزين فقول الراجز: وا، بأبي ثغرك ذاك المعسول ... كأن في أنيابه القرنفول وأما الثاني فقول الآخر: خود أناة كالمهاة عطبول ... كأن في أنيابها القرنفول و"القرنفول" هو القرنفل الذي ورد في قول امرئ القيس: إذا التفت نحوي تضوَّع ريحها ... نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل يريد الراجز أن يصف ثغر هذه الجارية الناعمة التي يتغزل فيها بأنه طيب الريح جميل النكهة، ومحل الاستشهاد فيه قوله "القرنفول" فإن أصل الكلمة "القرنفل" فلما اضطر إلى الواو لإقامة الوزن الذي بنى عليه رجزه أشبع ضمة الفاء فنشأت الواو عن هذا الإشباع.
1 / 22
[٩] هذا البيت من كلام ابن هرمة، واسمه إبراهيم بن علي، شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، وهو من كلمة يرثي فيها ابنه، وقد أنشده ابن منظور "ن ز ح" ونسبه إليه، وأنشده ابن جني في سر الصناعة "١/ ٢٩" وقال قبل إنشاده "وأنشدنا أبو علي لابن هرمة يرثي ابنه" ا. هـ، و"منتزاح" مصدر ميمي فعله "انتزح ينتزح" أي بعد وتقول "أنت بمنتزح من كذا" تريد أنت ببعد منه، أو أنت في مكان بعيد منه، والاستشهاد بالبيت في قوله "بمنتزاح" فإن أصله "بمنتزح" لكنه لما اضطر لإقامة وزن البيت أشبع فتحة الزاي فنشأت من هذا الإشباع ألف. [١٠] هذان بيتان من الرجز المشطور، وقد أنشدهما ابن منظور "ك ل ل" من غير عزو. و"الكلكال" والكلكل: الصدر من كل شيء، وقيل: هو باطن الزور، وقيل: هو ما بين الترقوتين، وقوله "يا ناقتا" هو ناقة مضاف لياء المتكلم، وقد قلب الكسرة التي قبل الياء فتحة ثم قلب الياء ألفًا، وقد جاء في لسان العرب "يا ناقتي" على الأصل، والاستشهاد بالبيت في قوله "الكلكال" فإن أصله "الكلكل" كما هو الوارد في قول امرئ القيس: فقلت له لما تمطي بصلبه ... وأردف أعجازًا وناء بكلكل لكن الراجز لما اضطر أشبع فتحة الكاف الثانية فنشأت عن هذا الإشباع ألف، كما أن راجزًا آخر -وهو منظور بن مرثد الأسدي- اضطر إلى تضعيف اللام الأخيرة فقال: كأن مهواها على الكلكل ... موضع كفي راهب يصلي [١١] هذان بيتان من الرجز المشطور، وقد أنشدهما ابن منظور "ر ض ى" من غير عزو، وقوله "لا ترضاها" معناه لا تتطلب رضاها، وقوله "لا تملق" أصله لا تتملق، فحذف إحدى التاءين، ومعناه لا تتكلف الملق بها، والاستشهاد به في قوله "ولا ترضاها" فقد كان من حق العربية عليه أن يقول "ولا ترضها" فيكون الفعل المضارع مجزومًا بلا الناهية، وعلامة جزمه حذف الألف، وللعلماء في هذه الألف قولان: أحدهما: أن هذه الألف هي لام الكلمة التي كان يجب عليه حذفها للجازم، لكنه اكتفي بحذف الحركة كما يكتفي بحذف الحركة في الفعل الصحيح الآخر، والقول الثاني: أن لام الفعل قد حذفت كما هو مقتضى الجزم، وهذه الألف ناشئة عن إشباع فتحة الضاد، فالفعل مجزوم بحذف الألف والفتحة قبلها دليل عليها، وقد ذكرنا هذين الرأيين في شرح الشاهد "رقم ٧" وانظر أيضًا الشاهد١٧. ونظير هذين البيتين قول عبد يغوث بن وقاص الحارثي: وتضحك مني شيخة عبشمية ... كأن لم تري قبلي أسيرًا يمانيًا =
1 / 23
= فإن قوله "كأن لم تري" يجري فيه الرأيان اللذان ذكرناهما، ويزيد هذا البيت وجهًا ثالثًا، وحاصله أن قوله "تري" بفتح التاء والراء وسكون الياء، وهذه الياء هي ياء المؤنثة المخاطب، وليست لام الكلمة ولا ألف إشباع، وكأنه بعد أن ذكر ضحكها منه التفت إليها فقال مخاطبًا لها: كأنك لم تري قبل هذه المرة أسيرًا يمانيًا. [١٢] هذا البيت -كما قال المؤلف- لعنترة بن شداد العبسي، من قصيدته المعلقة المشهورة، وهو من شواهد الرضي، وقد شرحه البغدادي في الخزانة "١/ ٥٩" وقوله "ينباع" معناه ينبع، تقول "نبع الماء، والعرق، ونحوهما، ينبع" من باب فتح يفتح، ويأتي أيضًا من بابي نصر وضرب -إذا خرج، والذفرى بكسر الذال سكون الفاء- العظم الذي خلف الأذن، و"غضوب" هي الناقة و"جسرة" الطويلة العظيمة الجسم، و"زيافة" هي السريعة السير، و"الفنيق" الفحل المكرم الذي لا يؤذي لكرامته على أهله، و"المكدم" الفحل القوي، وقالوا "بعير مكدم" يريدون أنه غليظ شديد، وقالوا أيضًا "قدح مكدم" يريدون أن زجاجه غليظ، والاستشهاد به في قوله "ينباع" فإن أصله -على ما قال المؤلف- ينبع، مثل يقطع ويفتح، فلما اضطر لإقامة الوزن أشبع فتحة الباء فنشأت عن هذا الإشباع ألف، وعلى هذا يكون وزن ينباع يفعال، وهذا أحد وجهين للنحاة في هذه الكلمة، والثاني أن الياء ياء المضارعة كما في الرأي الأول، لكن النون التي بعدها ليست أصلًا، ولكنها زائدة، والحروف الأصلية هي الباء وما بعدها، وأصل هذه الألف ياء، فقلبت ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فوزن ينباع على هذا ينفعل، مثل ينقاد وينداح، وهذا بعيد لا يقره الاشتقاق ولا المعنى المراد ونظير هذه الشواهد التي أثرها المؤلف لإشباع الفتحة حتى تنشأ ألف قول الراجز: أعوذ بالله من العقراب ... الشائلات عقد الأذناب أراد "العقرب" فأشبع فتحة الراء فنشأت ألف، ومثله قول الراجز الآخر وأنشده ابن منظور "د ر هـ م". لو أن عندي مائتي درهام ... لجاز في آفاقها خاتامي أراد "مائتي درهم" فأشبع فتحه الهاء فنشأت ألف، ومثل ذلك في قوله "خاتامي" فإنه أراد "خاتمي" فأشبع فتحة التاء فتولدت ألف، ونظيره قول الراجز الآخر، وأنشده ابن منظور أيضًا "خ ت م" لبعض بني عقيل: لئن كان ما حدثته اليوم صادقًا ... صم في نهار القيظ للشمس باديا أوأركب حمارًا بين سرج وفروة ... وأعر من الخاتام صغرى شماليا أراد أن يقول "وأعر من الخاتم" فأشبع فتحة التاء فتولدت من ذلك الإشباع ألف. [١٣] هذا البيت من كلام الفرزدق همام بن غالب، وقد أنشد ابن منظور "ص ر ف - د ر هـ م" =
1 / 24