الإعلام في إيضاح ما خفي على الإمام
الإعلام في إيضاح ما خفي على الإمام
প্রকাশক
مكتبة السنة
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م
প্রকাশনার স্থান
القاهرة - مصر
জনগুলি
أبو عبد الله فهد بن عبد الله السنيد
الإعلام
في إيضاح ما خفي على الإمام
تعقبات حديثية
على
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
مع نقولات في الرجال
لسماحة العلامة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
1 / 1
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا.
أما بعد: فإن الله ﷿ ابتعث محمدًا رسوله ﷺ إلى الناس كافة، وأنزل عليه الكتاب تبيانًا لكل شيء، وجعله موضع الإبانة عنه، فقال تعالى: ﴿وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم﴾ [النحل: ٤٤]، وقال تعالى: ﴿وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه﴾ [النحل: ٦٤]، فقام بذلك صلوات الله وسلامه عليه خير قيام، فما قبضه الله تعالى إليه حتى جعل أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ولم يزل الحديث النبوي صافيًا نقيًا لا يعتريه الكذب، ولا يتناوله التحريف والتلفيق، حتى وقع ما وقع من الفتن والبدع والجهل، فألصقت بالسنة أحاديث ليست منها، ولكن -ولله الحمد والمنة- قد تكفل الله ﷿ بحفظ دينه وشريعته بقوله تعالى: ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ [الحجر: ٩] فقيض الله ﷾ الصحابة والتابعين ومن بعدهم من السلف الصالح بحفظ السنة ; تارة بالتثبت في
1 / 3
الرواية كما جاء عن عمر بن الخطاب ﵁ وغيره من الصحابة، وتارة بالسؤال عن الإسناد، وتارة بذكر أحوال الرواة وبيان من يؤخذ عنه الدين ومن لا يؤخذ عنه، وتارة بوضع ضوابط عامة يعرف بها الحديث الموضوع وغيره.
روى ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل (١/ ٣) عن أبيه قال أخبرني عبدة بن سليمان قال: قيل لابن المبارك هذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: يعيش لها الجهابذة.
وروى مسلم في مقدمة صحيحه (١/ ٨٤ نووي) عن ابن سيرين قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا: سمُّوا لنا رجالكم فيُنظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، ويُنظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم.
وروى (١/ ٨٤) من طريق أيوب وهشام هو ابن حسان عن محمد بن سيرين قال: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، وروى (١/ ٨٧) عن عبد الله بن المبارك قوله: الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء. وقوله (١/ ٨٨): بيننا وبين القوم القوائم - يعني الإسناد.
وقال علي بن شقيق سمعت عبد الله بن المبارك يقول على رءوس الناس: دعوا حديث عمرو بن ثابت فإنه كان يسب السلف.
وقال مسلم أيضًا في مقدمة صحيحه (١/ ١١) حدثني عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي قال كتبت إلى شعبة أسأله عن أبي شيبة قاضي واسط فكتب إلىّ لا تكتب عنه شيئًا ومَزِّقْ كتابي. ومن هؤلاء
1 / 4
الذين قيضهم الله لحفظ سنة ﷺ في هذا العصر المحدِّث العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله فإني لا أعلم أحدًا خدم السنة في هذا العصر مثل ما خدمها هذا الشيخ الجليل؛ فقد ألف الكتب في تمييز صحيح السنة من سقيمها، وحقق مؤلفات لغيره، فأقبل الناس على اقتنائها وقراءتها، فانتفعوا بها. فجزاه الله عن الإسلام خير الجزاء وجعل ذلك في ميزان حسناته.
وإنني أحد هؤلاء الذين انتفعوا بكتبه، وكان الفضل الأول لشيخنا العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله، فقد كان له معرفة بالرجال، وعناية بالأسانيد، وحسبك أن تعلم أن الكتب الستة ومسند الإمام أحمد وسنن الدارمي وصحيح ابن حبان، وغيرها من الكتب التي تعتني بذكر الأسانيد كتفسير ابن كثير تُقرأ على شيخنا حفظه الله في أثناء الدروس ; فأصبحت أحب سماع الأسانيد، ولا أمل من تكرارها - ولله الحمد؛ مما ساعدني على فهم الكتب التي تعتني بالأسانيد، والكلام عليها ومنها كتب الشيخ ناصر حفظه الله.
وبما أن الشيخ أكثر من الكلام على الأحاديث تصحيحًا وتضعيفًا كان من الطبيعي أن يقع منه الخطأ، قال عبد الله بن المبارك: من ذا سلم من الوهم. وقال ابن معين: لست أعجب ممن يحدث فيخطئ إنما أعجب ممن يحدث فيصيب (لسان الميزان ١/ ١٧) وأختم هذه المقدمة بكلمة قالها الحافظ ابن رجب في كتابة القواعد في مقدمته- قال ﵀: "ويأبى الله العصمة لكتاب
1 / 5
غير كتابه والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه".
ولقد كان يمر بي أثناء قراءتي لكتب الشيخ حفظه الله بعض الأحاديث التي يصححها وهي ضعيفة أو يكون الحديث صحيحًا ولكن فيه بعض التعقبات، ولعل الشيخ حفظه الله عندما يقرأ البحث يتعقبه كله أو أكثره وسميته "الإعلام في إيضاح ما خفي على الإمام"
وضمنتها نقولات لسماحة المفتي العام الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز -حفظه الله-.
والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يغفر لي ولوالدي ولمشايخي ولجميع المسلمين إنه سميع قريب.
وهذا أوان الشروع في المقصود والله المستعان.
كتبه
أبو عبد الله فهد بن عبد الله السنيد
الرياض في: ١٦/ ٩/١٤١٤هـ
1 / 6
بسم الله الرحمن الرحيم
١ - قال الشيخ ناصر حفظه الله في الصحيحة (٧٧٢) على حديث: «اتركوا الحبشة ما تركوكم فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة»، رواه أبو داود وعنه الخطيب في التاريخ والحاكم وأحمد من طريق زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ قال: فذكره، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
قلت: وقد وهما، فإن زهيرًا هذا فيه ضعف .... وموسى بن جبير فيه جهالة. قال: ابن القطان: لا تعرف حاله. وقال ابن حبان في الثقات: كان يخطئ ويخالف. وقال الحافظ: مستور. اهـ
كلام الشيخ.
قلت: هذا الكلام فيه ملاحظات:
الأولى: قوله وعنه الخطيب، الصواب: أن يُقال ومن طريقه الخطيب لأن الخطيب لم يدرك أبا داود.
الثانية: ظاهر كلام الشيخ أن الجميع صرحوا باسم صحابي الحديث وليس الأمر كذلك فقد رواه الإمام أحمد بإبهام اسم الصحابي.
الثالثة: إن زهير بن محمد ليس ضعيفًا مطلقًا، بل هو ضعيف
1 / 7
إذا روى عنه أهل الشام فقط. قال الأثرم عن أحمد: في رواية الشاميين عن زهير يروون عنه مناكير. ثم قال: أما رواية أصحابنا فمستقيمة عبد الرحمن بن مهدي وأبي عامر، وأما أحاديث أبي حفص ذاك التنيسي عنه فتلك بواطيل موضوعه أو نحو هذا. فأما بواطيل فقد قاله، وقال البخاري: ما روى عنه أهل الشام فإنه مناكير وما روى عنه أهل البصرة فإنه صحيح. وقال النسائي: ليس به بأس، وعند عمرو بن أبي سلمة التنيسي عنه مناكير. فما قاله هؤلاء الأئمة هو خلاصة القول في زهير، وهنا روى عنه من نص عليهما الإمام أحمد فقد رواه أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن زهير به ورواه الباقون من طريق أبي عامر العقدي فانحصرت العلة في جهالة موسى بن جبير على ما قاله ابن القطان وتابعه الحافظ.
أما الذهبي فقال في الكاشف: ثقة. ثم ذكر الشيخ ناصر له شاهدًا بلفظ: «دعوا الحبشة ما ودعوكم واتركوا الترك ما تركوكم» وقال: أخرجه أبو داود من طريق السيباني عن أبي سكينة رجل من المحررين عن رجل من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم عن النبي ﷺ أنه قال فذكره، وأخرجه النسائي في حديث طويل.
قلت: وهذا إسناد لا بأس به في الشواهد رجاله كلهم ثقات غير أبي سكينة هذا، قال الحافظ في التقريب: قيل اسمه محلم مختلف في صحبته. قلت: إذا لم تثبت صحبته فهو تابعي مستور روى عنه ثلاثة فالحديث شاهد حسن للشطر الأول من حديث الترجمة. اهـ كلام الشيخ.
1 / 8
قلت: روى أبو داود هذا الحديث عن عيسى بن محمد الرملي أخبرنا ضمرة عن السيباني به (١١/ ٤٠٩ عون) ورواه النسائي (٦/ ٤٣) عن عيسى بن يونس حدثنا ضمرة به فمدار الحديث على ضمرة به، وضمرة هو ابن ربيعة الفلسطيني ثقة إنما أُنكر عليه حديث رواه عن الثوري عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مرفوعًا: «من ملك ذا رحم محرم فهو عتيق» أنكره الإمام أحمد ورده ردًا شديدًا وقال: لو قال إن هذا كذب لما كان مخطئًا. وقال الذهبي في الميزان: مشهور ما فيه مغمز ... تفرد ضمرة عن الثوري عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: «من ملك ذا رحم محرم عتق». أخرجه النسائي.
فالحديث بهذا الشاهد حسن كما قال الشيخ حفظه الله، أما تخريب الكعبة فهو ثابت في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة»، وقد ذكر ذلك الشيخ حفظه الله في آخر كلامه على الحديث.
تنبيه أول: السيباني بالسين المهملة هو يحيى بن أبي عمرو وهو ثقة، بل قال أحمد: ثقة ثقة. ووقع في ترجمة أبي سكينة وكذا في ترجمة ضمرة من التهذيب بالشين المعجمة وهو تصحيف.
تنبيه ثان: أبو سكينة قال الحافظ في الإصابة: مصغر، وقيل بفتح أوله.
***
1 / 9
٢ - وقال الشيخ أيضًا في الصحيحة (٧٧٣) على حديث «اتخذوا الغنم فإن فيها بركة»، رواه أبو بكر المقرئ في الفوائد والخطيب من طريقين عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة أن رسول الله ﷺ قال لأم هانئ فذكره، وهذا سند صحيح على شرط الشيخين، ورواه ابن ماجه من طريق ثالثة عن هشام بن عروة عن أبيه عن أم هانئ أن النبي ﷺ قال لها: «اتخذي غنمًا فإن فيها بركة». اهـ كلام الشيخ.
قلت: إنما رواه الخطيب عن أم هانئ فقد رواه من طريق أبي معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن أم هانئ، وتابعه وكيع عن هشام به عند ابن ماجه كما تقدم في كلام الشيخ. ولم أقف على رواية أبي بكر المقرئ لأنظر هل هو من مسند عائشة، أو أم هانئ؛ فإن كان من مسند عائشة كما هو صريح كلام الشيخ فلعل الراوي وهم فسلك الجادة لأن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة سند مشهور ويكون الصحيح أن الحديث من مسند أم هانئ لاجتماع وكيع وأبي معاوية على ذلك، وقد روى أحمد في مسنده (٦/ ٣٤٢): ثنا إبراهيم بن خالد حدثني رباح عن معمر عن أبي عثمان الجحشي عن موسى أو فلان بن عبد الرحمن ابن أبي ربيعة عن أم هانئ قال لها النبي ﷺ: «اتخذي غنمًا يا أم هانئ فإنها تروح بخير وتغدو بخير»، فهذه الطريق وقد ذكرها الشيخ وإن كان فيها مجهولان وهما أبو عثمان وشيخه إلا أنها تؤيد في الجملة أن الحديث من مسند أم هانئ.
***
1 / 10
تنبيه: - طريق أبي معاوية أخرجها الإمام أحمد في مسنده (٦/ ٤٢٤) فقال: حدثنا أبو معاوية حدثنا هشام بن عروة به بلفظه الترجمة.
قال الشيخ حفظه الله: وله طريق رابعة عند الخطيب عن حفص بن عمر ويعرف بالكَفْر حدثنا هشام بن عروة ولفظه: «يا أم هانئ اتخذي غنمًا فإنها تغدو وتروح بخير» أورده في ترجمة حفص هذا ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا اهـ. كلام الشيخ.
قلت: بل قال الخطيب أنبأنا الماليني -وكتبته من أصله- أنبأنا عبد الله بن عدي قال: حفص بن عمر بن حكيم لقبه الكَبْر حديث عن عمرو بن قيس الملائي عن عطاء عن ابن عباس أحاديث بواطيل قلت: وهو في الكامل لابن عدي (٢/ ٣٨٧) في أول ترجمة حفص المذكور، وقال في آخر ترجمته بعد أن ساق له ثلاثة أحاديث رواها عن عمرو بن قيس عن عطاء عن ابن عباس قال: وهذه الأحاديث بهذا الإسناد مناكير لا يرويها إلا حفص بن عمر بن حكيم هذا وهو مجهول ولا أعلم أحدًا عنه غير علي بن حرب ولا أعرف له أحاديث غير هذا. اهـ. وقلت: ونستفيد من ترجمته في تاريخ بغداد (٨/ ٢٠٢) راويًا آخر وهو محمد بن غالب التمتام ونستفيد أيضًا حديثًا رابعًا وهو هذا الحديث الذي نحن بصدده والله أعلم.
تنبيه أول: طريق حفص بن عمر هذه من مسند عائشة لا أم هانئ.
***
1 / 11
تنبيه ثان: قوله الكفر ويقال الكبر بالباء كذا في التاريخ.
وقال الحافظ ابن حجر في كتابه " نزهة الألباب في الألقاب " (٢/ ١١٣): الكبر حفص بن عمر بن حكيم بن هشام بن عروة ويقال له الكفر بالفاء، وكافة مفتوحة. وقال في تبصير المنتبه (٣/ ١١٨٢): كبر بالفتح وسكون الموحدة لقب حفص بن عمر شيخ لتمتام حدثه عن هشام بن عروة. اهـ
****
٣ - وقال أيضًا حفظه الله (٩٠٦) بعد أن ذكر حديث «أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله ﷿ سرور يدخله على مسلم أو يكشف عنه كربة أو يقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد (يعني مسجد المدينة) شهرًا، ومن كف غضبة ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام [وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل]» أخرجه الطبراني ... إلى أن قال لكن قد جاء بإسناد خير من هذا فرواه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج وأبو إسحاق المزكي في الفوائد المنتخبة ببعضه وابن عساكر من طرق عن بكر بن خنيس عن عبد الله بن دينار عن بعض أصحاب النبي ﷺ: (كذا قال ابن أبي الدنيا وقال الآخران عن عبد الله بن عمر قال قيل يا رسول الله من أحب الناس
1 / 12
إلى الله ... . . "وفيه الزيادة " أي قوله: وإن سوء الخلق إلخ " قلت: وهذا إسناد حسن فإن بكر بن خنيس صدوق له أغلاط كما قال الحافظ، وعبد الله بن دينار ثقة من رجال الشيخين فثبت الحديث والحمد لله تعالى. اهـ.
قلت: ليس إسناده بحسن؛ فإن بكر بن خنيس ضعفه جمهور الأئمة كأبي حاتم والنسائي والفلاس ويعقوب بن شيبة، بل قال الدارقطني وغيره: متروك، واقتصر الذهبي في ديوان الضعفاء والمتروكين على قول الدارقطني. وقال في الكاشف: واهٍ. (١)
ويشهد لبعضه ما رواه مسلم في صحيحه (١٦/ ١٣٤ نووي) ثنا قتيبة ابن سعيد ثنا ليث عن عقيل عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله ﷺ قال: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة» وثبت في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري: أن الرسول ﷺ قال: «اشفعوا فلتؤجروا» والنصوص في هذا المعنى كثرة وانظر مجمع الزوائد (٨/ ١٩٠).
...
٤ - وقال أيضًا (٥٦٤) على حديث: «إن الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا» أخرجه البخاري والترمذي وأحمد عن محمد بن
_________
(١) ثم رأيت الشيخ حفظه الله قد ضعفه ونقل قولي الذهبي فانظر الضعيفة (١٤٧٤٥ (.
1 / 13
أبي يعقوب عن عبد الرحمن بن أبي نُعم أن رجلًا سأل ابن عمر [وأنا جالس] عن دم البعوض يصيب الثوب؟ [فقال له: ممن أنت؟ قال من أهل العراق] فقال ابن عمر: [ها] انظروا إلى هذا يسأل عن دم البعوض وقد قتلوا ابن رسول الله ﷺ، سمعت رسول الله ﷺ يقول - فذكره. والزيادات لأحمد والسياق للترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح. اهـ. قلت: قال البخاري في صحيحه (١٠/ ٤٢٦ فتح) ثنا موسى بن إسماعيل ثنا مهدي ثنا ابن أبي يعقوب عن ابن أبي نُعم قال: "كنت شاهدًا لابن عمر وسأله رجل عن دم البعوض فقال: ممن أنت؟ قال من أهل العراق قال: انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن النبي ﷺ وسمعت النبي ﷺ يقول: «هما ريحانتاي من الدنيا». فأنت ترى أن الزيادة الأولى والثانية في البخاري إلا أن الأولى بمعناها.
...
٥ــ وقال أيضًا (١٠٨٨) في الصحيحة على حديث: «أشقى الأولين عاقر الناقة، وأشقى الآخرين الذي يطعنك يا عليّ وأشار إلى حيث يطعن» . . وأما حديث عمار فيرويه محمد بن إسحاق حدثني يزيد بن محمد بن خُثيم المحاربي عن محمد بن كعب القرظي عن محمد بن خُثيم أبي يزيد عنه مرفوعًا به، أخرجه أحمد والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وهو من أوهامهما؛ فإن محمد بن خثيم وابنه يزيد لم يخرج مسلم عنهما
1 / 14
شيئًا، ثم إنهما في عداد المجهولين: وثقهما ابن حبان، وقال ابن معين في يزيد: ليس به بأس. وأما إعلاله بالانقطاع بين أبي يزيد وعمار فلا وجه له خلافًا لقول الهيثمي رواه أحمد والطبراني والبزار باختصار ورجال الجميع موثقون إلا أن التابعي لم يسمع من عمار. اهـ.
قلت: قول الشيخ وثقهما ابن حبان عندي أن العبارة غير محررة فإن ابن حبان يذكر الراوي في كتابه الثقات فأحيانًا يصرح بتوثيقه كأن يقول مستقيم الحديث أو كان متقنًا وأحيانًا -وهو الأغلب- يكتفي بمجرد ذكره في ثقاته ويزيد بن محمد بن خيثم وأبوه اقتصر على مجرد ذكرهما في ثقاته فلو قلنا فيهما وثقهما ابن حبان لم يكن هناك فرق بين من ينص على توثيقه وبين من يقتصر على مجرد ذكره في كتابه الثقات. وابن حبان إذا نص على توثيق راوٍ فإن توثيقه لا يقل عن توثيق غيره من الأئمة، وأما إذا اقتصر على مجرد ذكره في كتابه الثقات ففيه خلل. وانظر لذلك كتاب" التنكيل" للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي صفحة ٦٦٩.
وقول الشيخ: وأما إعلاله بالانقطاع إلى آخر كلامه فإن الهيثمي تبع في ذلك الإمام البخاري ﵀ فقد قال في التاريخ الكبير (١/ ٧١) بعد أن ذكر سند الحديث: وهذا إسناد لا يعرف سماع يزيد بن محمد ولا محمد بن كعب من ابن خثيم ولا ابن خثيم من عمار. قلت: وكونه وُلد (أي محمد بن خثيم) على عهد النبي ﷺ
1 / 15
كما ذكره البخاري والبغوي وغيرهما لا يلزم من ذلك أن يكون سمع من عمار فالإدراك شيء والسماع شيء آخر. قال ابن أبي حاتم في كتابه المراسيل في ترجمة أبي وائل: قلت لأبي: أبو وائل سمع من أبي الدرداء؟ قال: أدركه ولا يحكى سماع شيء، أبو الدرداء كان بالشام وأبو وائل كان بالكوفة.
ومن شواهد حديث الترجمة ما رواه الإمام أحمد في مسنده (٢٣/ ١٦٣ الفتح الرباني): ثنا وكيع ثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن سَبُع قال: سمعت عليًا ﵁ يقول: لتخضبن هذه من هذا فما ينتظر بي الأشقى! قالوا: يا أمير المؤمنين فأخبرنا به نبير. . . . . . (١٦). قال إذًا تالله تقتلون بي غير قاتلي. قالوا: فاستخلف علينا. . الحديث. وهذا سند رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح إلا عبد الله بن سَبُع، وهو بفتح المهملة وضم الموحدة، ويقال سبيع مصغر، تفرد بالرواية عنه سالم بن أبي الجعد كما قال الذهبي في الميزان، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الحافظ: مقبول. وذكر الدارقطني في العلل (٣/ ٢٦٤) الاختلاف فيه على الأعمش وقال: الصواب قول عبد الله بن داود (وهو الخُريبي) ومن تابعه عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن سَبُع وقوله ﵁ إن صح عنه: إذًا تالله تقتلون بي غير قاتلي من كمال تصديقه بخبر النبي ﷺ إذْ قاتل عليّ لا يُقتل أو يموت حتى يقتل عليًا - رضي الله
1 / 16
عنه -، ومن ذلك قول النبي ﷺ لعمر ﵁ لما استأذنه في قتل ابن صياد: «دعه فإن يكن الذي تخاف لن تستطيع قتله» رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود ﵁، ورواه البخاري ومسلم عن ابن عمر بلفظ: «إن يكن هو لا تسلط عليه، وإن لم يكن هو فلا خير لك في قتله»، وفي مسلم «يكنه» في الموضعين.
...
٦ - ذكر الشيخ حفظه الله في الصحيحة (١١٨١) حديث: «أدخل الله ﷿ الجنة رجلًا كان سهلًا مشتريًا وبائعًا وقاضيًا ومقتضيًا» وذكر لفظًا آخر: «غفر الله لرجل ممن كان قبلكم كان سهلًا إذا باع سهلًا إذا اشترى سهلًا إذا اقتضى» وعزاهما لأحمد وغيره.
وفات الشيخ حفظه الله أن البخاري أخرجه في صحيحه (٤/ ٣٠٦ فتح) فقال: ثنا علي بن عياش ثنا أبو غسان محمد بن مطرف قال: حدثني محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله ﵄ أن رسول الله ﷺ قال: «رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى» (١).
...
٧ - وذكر الشيخ حديث رقم (١٠١٦): «لا تصلوا إلى قبر ولا تصلوا على قبر» من طريقين عن عكرمة عن ابن عباس وحسنه،
_________
(١) ولقد استدرك ذلك الشيخ -حفظه الله- في الطبعة الثانية على نفسه ذلك. انظر استدراك رقم (١٧٨/ ٧).
1 / 17
وقال للحديث شاهدان من حديث أبي سعيد وأنس، وهما مخرجان في كتابي تحذير الساجد فالحديث صحيح والحمد لله على توفيقه.
قلت: فات الشيخ حفظه الله ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي مرثد الغنوي قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» (١).
٨ - وقال الشيخ (١٢٥٨) على حديث «إذا اشتكيت فضع يدك حيث تشتكي وقل: بسم الله وبالله أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد من وجعي هذا ثم ارفع يدك ثم أعر ذلك وترًا».
أخرجه الترمذي والحاكم والضياء في المختارة عن محمد بن سالم ثنا ثابت البناني قال: قال لي يا محمد (فذكره) فإن أنس بن مالك حدثني أن رسول الله ﷺ حدثه بذلك. وقال الترمذي: حديث حسن غريب، ومحمد بن سالم شيخ مصري. قلت: وقال الضياء: "سئل أبو حاتم عنه فقال لا بأس به". وذكره ابن حبان في الثقات فالحديث صحيح الإسناد، وكذلك قال الحاكم ووافقه الذهبي. اهـ.
قلت: ما نقله عن أبي حاتم ثابت في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٧/ ٢٧٣ وأما بالنسبة للحديث فروى مسلم في
_________
(١) بالرجوع إلى تحذير الساجد ص/٣١ تبين أن الشيخ -حفظه الله- ذكر حديث أبي مرثد الغنوي شاهدًا لحديثي أبي سعيد وأنس في شطره الأول فقط.
1 / 18
صحيحة (١٤/ ١٨٩ نووي) عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه شكا إلى رسول الله ﷺ وجعًا يجده في جسده منذ أسلم فقال له رسول الله ﷺ: «ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثًا وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر».
...
٩ - وقال الشيخ في تحقيقه الكلم الطيب (صفحة: ٣٤) بعد أن ضَعَّف حديث أنس مرفوعًا: «من قال حين يصبح أو يمسي اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك - الحديث»، ثم رأيت هذا الدعاء في المستدرك عن أبي هريرة نحوه غير مقيد بالصباح والمساء وسنده جيد. اهـ.
قلت: هذا الحديث الذي قال فيه الشيخ إن سنده جيد كلفني شيخنا الفاضل عبد العزيز بن باز أن أحضر سنده لينظر فيه فأحضرت سنده وتكلمت عليه وقُرأ على شيخنا حفظه الله وإليك هذا البحث مع بعض التعديل: -
قال الحاكم في المستدرك (١/ ٥٢٣): ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أبو عبد الله أحمد بن يحيى الحجري ثنا زيد بن الحباب ثنا حميد بن مهران ثنا عطاء عن أبي هريرة ﵁ قال: ثنا سليمان الفارسي ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «من قال اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وحملة عرشك وأشهد من في
1 / 19
السموات ومن في الأرض أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأشهد أن محمدًا عبدك ورسولك من قالها مرة أعتق الله ثلثه من النار ومن قالها مرتين أعتق الله ثلثيه من النار ومن قالها ثلاثًا أعتق الله كله من النار»، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، ورواه ابن عدي في الكامل ٢/ ٢٧٤ من طريق أحمد بن يحيى الصوفي ثنا زيد بن الحباب حدثني حميد المكي به.
قلت: عطاء هو ابن أبي رباح، وحميد هو المكي كما وقع عند ابن عدي، وهو مولى ابن علقمة، قال البخاري: روى عنه زيد بن الحباب ثلاثة أحاديث زعم أنه سمع عطاء عن أبي هريرة عن سلمان عن النبي ﷺ، وحديثين آخرين لا يتابع فيهما. قال المزي في تهذيب الكمال: يعني حديث سلمان في الدعاء: «من قال اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك. .» الحديث. وقال ابن عدي بعد أن خرج الحديث: وحميد المكي لم ينسب ولم يذكر أبوه، وحديثه هذا المقدار الذي ذكره البخاري لا يتابع عليه كما قال. وقال الذهبي في الكاشف: لين. وقال الحافظ في التقريب: مجهول. فقول الشيخ ناصر إن سنده جيد إنما هو بالنظر إلى ما وقع عند الحاكم بأن حميد هو ابن مهران وهو ثقة، وثقة ابن معين، وقال أبو داود والنسائي: ليس به بأس. وقال مسلم بن إبراهيم: كان صدوقًا.
وقال الحافظ في التقريب: ثقة.
إلا أن ما وقع عند الحاكم خطأ من وجهين: -
1 / 20
الأول: - ليس لحميد بن مهران رواية عن عطاء، ولا لزيد بن الحباب رواية عنه.
الثاني: - أن حميد بن مهران ليس مكيًا، وصرح ابن عدي في حديثه أنه المكي، وذكر البخاري في التاريخ الصغير ٢/ ١٢٣ هذا الحديث في ترجمة المكي مولى ابن علقمة وتبعه صاحب تهذيب الكمال وغيره. فالسند ضعيف، وقول الشيخ عن أبي هريرة وهم آخر لأن أبا هريرة يرويه عن سلمان ﵁ فالحديث من مسند سلمان لا من مسند أبي هريرة، والله أعلم.
هذا ما قُرئ على شيخنا حفظه الله، ثم رأيت الطبراني رواه في الكبير ٦/ ٢٢٠ من طريق الساجي ثنا أحمد بن يحيى الصوفي به، ورواه أيضًا من طريق أخرى فقال: ثنا محمد بن راشد الأصبهاني ثنا إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي ثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال: حدثني سلمان مرفوعًا به نحوه، وفيه: «وأكفر من أبى ذلك من الأولين والآخرين»، وهذا سند لا يصح؛ إبراهيم بن عبد الله بن خالد قال ابن حبان: يسرق الحديث، ويروي عن الثقات ما ليس من حديثهم. وقال الحاكم: أحاديثه موضوعة. وقال الذهبي: هذا رجل كذاب. كذا في الميزان. وقال في ديوان الضعفاء والمتروكين: متروك متهم. قلت: فقول البخاري المتقدم في حميد المكي أنه روى ما لا يتابع عليه لأن هذه المتابعة لا يفرح
1 / 21