الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية لدى تلاميذه
الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية لدى تلاميذه
প্রকাশক
دار عطاءات العلم (الرياض)
সংস্করণের সংখ্যা
الثالثة
প্রকাশনার বছর
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
প্রকাশনার স্থান
دار ابن حزم (بيروت)
জনগুলি
اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية الفقهية
لدى تلاميذه
جمع وإعداد
سامي بن محمد بن جاد الله
1 / 1
مقدمة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن من أبرز علماء المسلمين الذين عرفهم التاريخ شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ تعالى، ومن أهم العلوم التي برز فيها الشيخ علم الفقه، وقد حفظ الله ﷿ لنا الكثير من ثروته الفقهية، وذلك عبر نوعين من المصادر:
الأول: المصادر الأصلية، والمقصود بها المؤلفات والرسائل والفتاوى التي كتبها شيخ الإسلام، فقد اعتنى النساخ بكتابتها، واعتنى أهل العلم وطلابه باقتنائها والمحافظة عليها، حتى ظهرت الطباعة فتسابق الناشرون إلى طبعها ونشرها، وهذا أمر معلوم لا يحتاج إلى إسهاب في بيانه.
الثاني: المصادر الفرعية، وهي المؤلفات والكتب التي نقلت لنا شيئا من فقه هذا الإمام، وهي كثيرة بحمد الله، ويأتي على رأس هذا النوع كتب تلاميذ الشيخ، فقد حوت هذه الكتب الكثير من فقه الشيخ واختياراته، ولكن لما كانت هذه الأقوال متفرقة مبثوثة في بطون هذه الكتب غفل عنها الكثير من طلبة العلم، وحتى مَن عَلِم بها ربما صعب عليه مراجعتها والبحث فيها عن هذه الاختيارات والفوائد.
1 / 5
ومن هنا نشأت فكرة جمع كل ما وصل إلينا مما نقل عن الشيخ في كتب تلاميذه من اختيارات وفوائد فقهية، وترتيبها حسب أبواب الفقه ليسهل تناولها والوقوف على البغية منها (^١).
منهج العمل:
تم العمل في هذا المشروع وفق المنهج التالي:
١ - جرد الكتب المطبوعة لتلاميذ الشيخ، واستخراج نقولهم الفقهية عن الشيخ، وجل هذه النقول هي اختيارات فقهية للشيخ، وبعضها فوائد فقهية أخرى كتوضيح نص، أو قول، أو حكاية إجماع، أو نفي العلم بالخلاف، أو إثبات الخلاف، أو تخريج قول، ونحو ذلك، وأدرجت هذه الفوائد في هذا المجموع وإن كانت لا تدخل ضمن مسمى الاختيارات تتميما للفائدة.
٢ - نسخ النصوص التي تحتوي على نقل عن الشيخ، ويكتفى بالقدر الذي يحصل به فهم النص، وتدوين اسم المصدر بعد نهاية النص.
٣ - اعتمدت في بعض المصادر على أكثر من طبعة لمزيد العناية بضبط النص، وفي هذه الحالة أذكر موضع النص في الطبعة الأولى بعد اسم المصدر مباشرة، وبعده بين قوسين الموضع في الطبعة الثانية، مثال:
_________
(^١) سبق الكلام عن أعمال العلماء في جمع اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمة تحقيق «اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية» لابن عبد الهادي (ص ٦ - ٨)، كما سبق فيه الإشارة إلى السبب في عدم تأليف الشيخ لكتاب يذكر فيه اختياراته الفقهية في سائر الأبواب (ص ٦).
1 / 6
[الفروع ٦/ ٢٩٠ (١٠/ ٣٥٩)] (^١).
٤ - أشير إلى حذف الكلام بوضع ثلاث نقاط (...) في مكان الحذف.
٥ - ترتيب المسائل حسب الأبواب، وجعلت أبواب كتاب «الفروع» لابن مفلح هي الأصل في تبويب المسائل الفقهية.
٦ - وضع عنوان جانبي لكل نص يشير إلى المسألة التي تضمنها.
٧ - وضع رقم متسلسل لكل مسألة.
٨ - عند وجود أكثر من نص في مسألة واحدة تذكر جميع النصوص تحت عنوان واحد، وترتب النصوص حسب وفيات النقلة، فإن كان الناقل قد ذكر النص في أكثر من موضع فيقدم المختصر ثم المبسوط، حتى يكون شارحا وموضحا له.
٩ - عند وجود أكثر من مسألة في نص واحد، توضع عناوين المسائل متتالية ثم ينقل تحتها النص كاملا، هذا إذا كانت المسائل تندرج تحت باب واحد، أما إذا كانت تندرج تحت أكثر من باب، فتذكر في أنسب المواضع سواء كان متقدما أو متأخرا، ويحال على ذلك الموضع في بقية المواضع.
_________
(^١) تم استخراج نصوص «الفروع» من طبعة الشيخ رشيد رضا، ثم أثناء العمل فيه صدرت طبعة مؤسسة الرسالة بإشراف الشيخ عبد الله التركي حفظه الله، فقمت بمقابلة تلك النصوص على هذه الطبعة، وأشرت إلى ما بينهما من الفروق مع الترجيح عند الحاجة، ورمزت للطبعة الأولى بـ (ط ١)، والثانية بـ (ط ٢)، وبقيت بعض المواضع محل إشكال حتى وقفت على نسخة خطية للفروع (النسخة الأزهرية) فقمت بمقابلة المواضع المشكلة عليها، وأشرت إلى ذلك في الحاشية.
1 / 7
١٠ - مراجعة كل مسألة في المصادر الأصلية المطبوعة من كتب شيخ الإسلام، وما وقف عليه في شيء منها فإنه يشار إلى اسم المصدر مع الجزء والصفحة في الحاشية، وما أهمل عزوه فذلك علامة على عدم الوقوف عليه في شيء من المصادر الأصلية، وإذا كان بعض المنقول موجودا في مصدر ما، أو كان هناك بعض الاختلاف بين المنقول وما هو موجود في المصادر الأصلية، فتصدر الإحالة بكلمة: (انظر).
١١ - إذا دعت الحاجة إلى نقل نص كلام شيخ الإسلام في الحاشية فإني أنقله بحروفه.
١٢ - مراجعة كل مسألة في كتاب «الاختيارات» للبعلي، فما وقف عليه منها فيه ذكر موضعها في الحاشية، والغرض من ذلك أمران:
١. تمييز المسائل الزائدة في هذا الجامع على ما في كتاب البعلي.
٢. الاستفادة من هذا الجامع في توثيق المسائل التي نقلها البعلي، حيث أن المصادر الأصلية لهذا الجامع أعلى سندا منه.
١٣ - إذا وجد في بعض المصادر التي يرجع إليها في تحرير المسائل المنقولة ما يفيد في فهم كلام شيخ الإسلام فإنه ينقل في الحاشية، وجل النقول في ذلك كانت من «حاشيتا الفروع» لابن قندس، وابن نصر الله، ومن «تصحيح الفروع» و«الإنصاف» كلاهما للمرداوي.
* * * * *
1 / 8
الموارد:
موارد هذا المجموع هي كتب تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية المطبوعة، وقد حرصت على استقصائها حسب الجهد والطاقة، وهذه ترجمة مختصرة لكل واحد من تلاميذ الشيخ الذين لهم كتب مطبوعة، تتضمن نبذة مختصرة عن حياته، وصلته بالشيخ وثناءه عليه، ومؤلفاته التي نقل فيها عن الشيخ، ومنهجه وموارده في النقل عنه، أما التعريف بطبعات هذه الكتب فمحله فهرس المصادر.
١ - الطوفي (ت: ٧١٦):
هو سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم الطوفي، الصرصري، ثم البغدادي، الفقيه، الأصولي، الحنبلي.
ولد سنة بضع وسبعين وستمائة.
وقد أخذ عن شيخ الإسلام في دمشق، قال ابن رجب: «... ثم سافر إلى دمشق سنة أربع وسبعمائة، فسمع بها الحديث من القاضي تقي الدين سليمان بن حمزة وغيره، ولقي الشيخ تقي الدين بن تيمية».
وأما عقيدته فيقول عنه ابن رجب: «... وكان مع ذلك شيعيا منحرفا في الاعتقاد عن السنة حتى إنه قال في نفسه:
حنبلي رافضي أشعري ... ظاهري هذه إحدى العبر»
وقد أطال ابن رجب ﵀ في بيان انحرافه.
وللطوفي شرح لقصيدة شيخ الإسلام ابن تيمية في القدر، وقد حقق
1 / 9
رسالة علمية في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية (^١).
وله قصيدة في مدح الشيخ وذم أعداءه، ذكر أبياتا منها ابن عبد الهادي في «العقود الدرية» (٢٥٤ - ٢٥٥)، ومما قال فيها:
يا أهل تيمية العالين مرتبة ... ومنصبا فرع الأفلاك تبيانا
جواهر الكون أنتم غير أنكم ... في معشر أشربوا في العقل نقصانا
لا يعرفون لكم فضلا ولو عقلوا ... لصيروا لكم الأجفان أوطانا
يا من حوى من علوم الخلق ما قصرت ... عنه الأوائل مذ كانوا إلى الآنا
إني لأقسم والإسلام معتقدي ... وإنني من ذوي الإيمان أيمانا
لم ألق قبلك إنسانا أسر به ... فلا برحت لعين المجد إنسانا
ويقال في حق الطوفي كما قال الألوسي في «جلاء العينين» (٥٠) ــ عندما ترجم لجملة من تلاميذ الشيخ، ومنهم الطوفي ــ: «وإنما ذكرته لشهرة أقواله والاطلاع على غريب حاله، وإلا فهو ليس من تلاميذ الشيخ المختصين، بل من جملة الملاقين الآخذين».
(تنبيه) جاء في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية من كتاب «ذيل الطبقات» لابن رجب (٤/ ٤٩٤): «قرأ في العربية أياما على سليمان بن عبد القوي» وهذه العبارة فيها خطأ، فكلمة (سليمان) إما أنها مقحمة أو مصحفة.
والصواب أن شيخ الإسلام ابن تيمية قرأ على محمد بن عبد القوي بن
_________
(^١) انظر: «القصيدة التائية في القدر لشيخ الإسلام ابن تيمية» شرح وتحقيق: الشيخ محمد الحمد (ص ٦٣).
1 / 10
بدران المقدسي المرداوي، المتوفى سنة (٦٩٩)، وهو المقصود في كلام ابن رجب السابق، ويدل على ذلك عدة أمور منها:
١ - أن ابن رجب قال في ترجمة محمد بن عبد القوي (٤/ ٣٠٩): «وممن قرأ عليه العربية الشيخ تقي الدين»، ولم يذكر هذا في ترجمة سليمان بن عبد القوي الطوفي.
٢ - أن سياق كلام ابن رجب في نشأة الشيخ العلمية، فبعد أن ذكر تلقي الشيخ للعلوم والمشايخ الذين أخذ عنهم قال: «ومهر في هذه الفضائل، وتأهل للفتوى والتدريس وله دون العشرين سنة».
وشيخ الإسلام ولد سنة (٦٦١) وهذا يعني أن قراءته على ابن عبد القوي كانت قبل سنة (٦٨١)، وسليمان الطوفي إنما ولد سنة بضع وسبعين وستمائة ببلده طوفى، وهي من أعمال صرصر بالقرب من بغداد، ولم يلتق بالشيخ إلا سنة (٧٠٤) حين ارتحل إلى الشام، وكان عمر شيخ الإسلام ابن تيمية (٤٣) سنة، فلا يتصور أبدا أن يقرأ عليه في العربية وقد بلغ هذه السن!
٣ - أن الحافظ ابن عبد الهادي ذكر في كتابه «طبقات الحفاظ» (٤/ ٢٨٢) نشأة الشيخ العلمية، وكان مما قال: «قرأ أياما في العربية على ابن عبد القوي ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه حتى فهمه، وبرع في النحو، وأقبل على التفسير إقبالا كليا حتى حاز فيه قصب السبق، وأحكم أصول الفقه، وغير ذلك، هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة» ا. هـ.
٤ - أن جميع المصادر التي ترجمت لشيخ الإسلام ــ مما وقفنا عليه ــ تذكر ضمن شيوخه (ابن عبد القوي) ولا تسميه، وكثير من هذه المصادر إنما تنقل عن «ذيل الطبقات» لابن رجب.
1 / 11
نقوله عن الشيخ:
وقد تم تتبع ما وُقف عليه من كتبه المطبوعة فوُجد فيها بعض النقول اليسيرة عن ابن تيمية، منها ما هو في العقيدة كما في «الإشارات الإلهية» (٣/ ٩٠)، ومنها ما هو في أصول الفقه كما في «شرح مختصر الروضة» (١/ ٢١٨)، (٣/ ٢١٤)، ومنها نقل في الحديث بواسطة ابن تيمية وذلك في «علم الجذل في علم الجدل» (٢٢٢)، ولم نجد فيها شيئا يتعلق بالفقه.
* وقد بيَّن شيئا من المكانة الفقهية لشيخ الإسلام في كتابه «شرح مختصر الروضة» (٣/ ٦٢٧ - ٦٢٨) فقال: (ونحن لا يصح لنا أن نجزم بمذهب إمام حتى نعلم أنه آخر ما دونه من تصانيفه ومات عنه، أو أنه نص عليه ساعة موته، ولا سبيل لنا إلى ذلك في مذهب أحمد، والتصحيح الذي فيه، إنما هو من اجتهاد أصحابه بعده، كابن حامد، والقاضي وأصحابه، ومن المتأخرين الشيخ أبو محمد المقدسي رحمة الله عليهم أجمعين.
لكن هؤلاء ــ بالغين ما بلغوا ــ لا يحصل الوثوق من تصحيحهم لمذهب أحمد، كما يحصل من تصحيحه هو لمذهبه قطعا، فمن فرضناه جاء بعد هؤلاء، وبلغ من العلم درجتهم أو قاربهم، جاز له أن يتصرف في الأقوال المنقولة عن صاحب المذهب كتصرفهم، ويصحح منها ما أدى اجتهاده إليه، وافقهم أو خالفهم، وعمل بذلك وأفتى.
وفي عصرنا من هذا القبيل شيخنا الإمام العالم العلامة تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية الحراني حرسه الله تعالى، فإنه لا يتوقف في الفتيا على ما صححه الأصحاب من المذهب، بل يعمل ويفتي بما قام عليه الدليل عنده) ا. هـ.
1 / 12
*وقد ذكر كتابا واحدا من كتب الشيخ وهو «بيان الدليل»، فقال: (وقد صنف شيخنا تقي الدين أبو العباس أحمد ابن تيمية كتابا بناه على بطلان نكاح المحلل، وأدرج فيه جميع قواعد الحيل، وبين بطلانها بأدلته على وجه لا مزيد عليه) ا. هـ.
٢ - ابن عبد الهادي (ت: ٧٤٤):
هو محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد المقدسي، الجماعيلي الأصل، ثم الصالحي، الحنبلي.
ولد سنة (٧٠٥).
وقد كان ﵀ أحد الأذكياء، وكان عالما متفننا، وصاحب مصنفات محررة.
قال الحسيني في «ذيل العبر» (ص: ١٣٢) ــ تحت ترجمة ابن عبد الهادي ــ: «وتفقه بشيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية، وكان من جلة أصحابه».
وقال ابن رجب في «ذيل الطبقات» (٥/ ١١٦): «ولازم الشيخ تقي الدين مدة».
وقال يوسف بن عبد الهادي في «الجوهر المنضد» (ص: ١١٤): (يقال: أفقه أصحاب الشيخ هو (^١)، وأعلمهم بالحديث ابن عبد الهادي).
ويصف لنا ابن عبد الهادي جانبا من علاقته بشيخ الإسلام ابن تيمية
_________
(^١) أي ابن مفلح.
1 / 13
فيقول في كتابه المفرد في مناقب الشيخ المسمى «العقود الدرية» (٣٩٥ - ٣٩٦) ــ بعد أن ذكر سجن الشيخ بالقلعة سنة (٧٢٠) ــ: (ثم ورد مرسوم السلطان بإخراجه، فأخرج منها يوم الاثنين، يوم عاشوراء، من سنة إحدى وعشرين وسبعمائة وتوجه إلى داره.
ثم لم يزل بعد ذلك يعلم الناس ويلقي الدرس بالحنبلية أحيانا، ويقرأ عليه في مدرسته بالقصاعين في أنواع العلم.
وكنت أتردد إليه في هذه المدة أحيانا، وقرأت عليه قطعة من «الأربعين» للرازي، وشرحها لي، وكتب لي على بعضها شيئا، وكان يقرأ عليه في تلك المدة من كتبه، وهو يصلح فيها، ويزيد وينقص.
ولقد حضرت معه يوما في بستان الأمير فخر الدين بن الشمس لؤلؤ، وكان قد عمل وليمة، وقرأت على الشيخ في ذلك اليوم أربعين حديثا، وكتب بعض الجماعة أسماء الحاضرين، وأخذ الشيخ بعد ذلك في الكلام في أنواع العلوم، فبهت الحاضرون لكلامه واشتغلوا بذلك عن الأكل).
*وقد كان للحافظ ابن عبد الهادي عناية كبيرة بمؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية، يظهر ذلك من مطالعة كتابيه «العقود الدرية» و«اختيارات شيخ الإسلام «.
*وبالإضافة إلى ترجمته المفردة للشيخ التي سبقت الإشارة إليها، فقد ترجم له في آخر كتابه «طبقات الحفاظ» (٤/ ٢٧٩ - ٢٩٦)، وذكر في ترجمة ابن الجوزي (٤/ ١٢١) كثرة مؤلفاته، وقال: (لا أعلم أحدا صنف أكثر من ابن الجوزي إلا شيخنا الإمام الرباني أبا العباس أحمد بن
1 / 14
عبد الحليم الحراني ﵁).
وقال في «العقود الدرية» (٣٧): (ولا أعلم أحدا من متقدمي الأمة ولا متأخريها جمع مثل ما جمع، ولا صنف نحو ما صنف، ولا قريبا من ذلك، مع أن أكثر تصانيفه إنما أملاها من حفظه، وكثير منها صنفه في الحبس، وليس عنده ما يحتاج إليه من الكتب).
*وكان ابن عبد الهادي في كتبه كثير الثناء على شيخه، ومن ذلك قوله في «الصارم المنكي» (٩٨): (وقد علم الخاص والعام أن كلام شيخ الإسلام في سائر أنواع علوم الإسلام فيه من التحرير، والتحقيق، وغاية البيان والإيضاح، وتقريب المعاني إلى الأفهام، وحسن التعليم والإرشاد إلى الطريق القويم = ما يضيق هذا الموضع عن ذكره) ا. هـ.
نقوله عن الشيخ:
سبق بحمد الله ــ ضمن هذا المشروع المبارك ــ طبع كتاب «اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية» لابن عبد الهادي، كما تم إدراج الاختيارات التي ذكرها في «العقود الدرية» في رسالة «اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية لدى مترجميه»، فذكرها في هذا المجموع تكرار لا حاجة إليه، لذا لم يتم إدراجها هنا، واكتفي بهذه الإشارة.
وأما كتب ابن عبد الهادي الأخرى:
فمنها ما أكثر فيه من النقل عن شيخ الإسلام كما تراه في «الصارم المنكي» حتى بلغ مجموع ما نقله عنه (١٧٥ صفحة) في (٩٨) موضعًا من الكتاب، وأيضا في «رسالة لطيفة في أحاديث متفرقة ضعيفة».
1 / 15
وأيضا: قال في «تنقيح التحقيق» تحت مسألة الجد والإخوة: (واعلم أن لشيخنا العلامة أبو العباس في هذه المسألة مصنفا جليلا، فمن أحب الوقوف عليه فليسارع إليه، ثم إني بعد أن كتبت هذا الكلام بمدة جمعت الآثار الواردة في هذه المسألة، وذكرت ما جاء عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الاختلاف فيها في عدة كراريس، ثم حكيت كلام شيخنا بحروفه في آخر ذلك) ا. هـ. وهذه الرسالة لم تصلنا حتى الآن، نسأل الله أن يوفق للوقوف عليها.
ومنها ما نقل فيه بعض اختيارات الشيخ ولم يكثر، كـ «تنقيح التحقيق» فقد نقل عنه فيه في (١١) موضعا، وكلها مسائل فقهية.
وفي «طبقات الحفاظ» المطبوع باسم «طبقات علماء الحديث» نقل عنه في (٤) مواضع كلها في تراجم الرجال.
وفي رسالته في «الكلام على حديث أرحم أمتي بأمتي أبو بكر»، نقل عنه في موضع واحد كلاما في نقد هذا الحديث سندا ومتنا.
وسبب التفاوت في كثرة النقل عن الشيخ عند ابن عبد الهادي هو طبيعة كل كتاب، فكل كتاب له موضوعه وطبيعته الخاصة.
وقد سرد الحافظ ابن عبد الهادي قائمة مطولة بأسماء مؤلفات الشيخ في كتابيه «العقود الدرية» (ص ٢٦ وما بعدها)، و«طبقات الحفاظ» (ص ٢٨٩).
1 / 16
٣ - الذهبي (ت: ٧٤٨):
هو الحافظ الشهير، مؤرخ الإسلام، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، صاحب «سير النبلاء» و«تذكرة الحفاظ» و«تاريخ الإسلام» وغيرها من الكتب الفريدة.
ولد سنة (٦٧٣).
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في «معجم شيوخه» (ص: ٢٥)، وترجم له في أكثر من كتاب من كتبه.
وله كتاب «الدرة اليتيمة في سيرة التيمية» ذكر بعضهم أنه في ترجمة ابن تيمية، وذكر آخرون أنه في ترجمة آل تيمية، وقد لخص ابن الوردي في «تاريخه» (٢/ ٢٧٩) ترجمة ابن تيمية منه.
وله مؤلف آخر في أصحابه، قال السخاوي في «الإعلان بالتوبيخ» (٣٠٧) وهو يعدد مؤلفات الذهبي التاريخية: (وورقة في أصحاب التقي ابن تيمية سماها «القبان») ا. هـ.
وذكر جملة من أخباره وأحواله في مواضع مفرقة من كتبه (انظر: السير ١١/ ٣٦٤، تاريخ الإسلام ٣٠/ ٢٢٦، ٥٠/ ٦٩، ٥١/ ١٢، ٥٢/ ٦١، ٨٢، ٩٠، ٩٣، ٩٥، ١٠١، ١٠٤، ٢٢٢، ٥٢/ ٤٢٦؛ تذكرة الحفاظ ٤/ ١٤٩٩؛ العبر ٤/ ١١، ٢٠، ٥٢، ٥٦، ٥٩، ٧٥؛ معجم الشيوخ ١/ ٣٦، ٤٨، ٣٢٤؛ المعجم المختص بالمحدثين ١٣٢، ١٣٦، ٢٣٠، ٢٣٩، ذيل تاريخ الإسلام ٢٧، ٦٥، ٨٦، ٩٣، ١٢٧، ١٥٦، ١٥٧، ١٩٥، ٢٧٨، ٣٠٦، ٣٠٩، ٣٣٣، ٣٤١).
1 / 17
وكان الحافظ الذهبي كثيرا ما يثني على شيخ الإسلام ابن تيمية عند ذكره، ومن لطائف ذلك:
قوله في «معرفة القراء» (٣/ ١٢٩٦) تحت ترجمة مجد الدين عبد السلام ابن تيمية: (قال لي حفيده الإمام أبو العباس: كان الشيخ جمال الدين بن مالك يقول: ألين للشيخ مجد الدين الفقه كما ألين لداود الحديد.
قلت: وألين لابن مالك النحو، كما ألين لداود الحديد، وألين لشيخنا أبي العباس العلم، كما ألين لداود الحديد) ا. هـ.
وقال في «الطب النبوي» (٢٢٨): (ورأيت شيخنا الشيخ إبراهيم الرقي بصيرا بالطب، وكذلك شيخنا الشيخ تقي الدين بن تيمية) ا. هـ.
نقوله عن الشيخ:
الحافظ الذهبي من المتوسطين في النقل عن شيخ الإسلام، فقد نقل عنه في جملة من كتبه، وقد تجد في كتاب موضعا واحدا، وتجد في آخر خمسة عشر موضعا.
وجل هذه النقول تتعلق بالكلام في فن الحافظ الذهبي الأول وهو علم الرجال والتأريخ (انظر: السير ٧/ ٣٧٣، ١٣/ ١٥، ٢١/ ١٦١، ٢٢/ ٣٦٦، معرفة القراء ٣/ ١٢٩٦، تاريخ الإسلام ١٧/ ٤٢٨، ٢٦/ ١٤٤، ٤١/ ١٥٦، ٤٦/ ٢٠١، ٥٠/ ٢٢٣، ٥١/ ٧١، ٣٦٢، ٤٢٥، ٥٢/ ٢٠٦، ٣٧٨، معجم الشيوخ ١/ ٣٥، ٣٦١، ٢/ ١١٤، ١٢١، ذيل تاريخ الإسلام ١٢٢، ١٥٩).
ومنها ما يتعلق بمسائل عقدية (انظر: السير ١١/ ٣٦٣ - ٣٦٤، ١٥/ ٨٨، تاريخ الإسلام ٣٠/ ١٢٦)، أو فقهية ــ وهي المقصودة هنا ــ (انظر: السير ١٤/ ٢٧٩، تاريخ الإسلام ٢٣/ ٢٨٤ - ٢٨٥).
1 / 18
ومنها ما يتعلق بالحكم على بعض الأحاديث (انظر: ميزان الاعتدال ٢/ ٢٩٣).
وإضافة إلى ذلك فإن الحافظ الذهبي اعتنى باختصار بعض كتب الشيخ، وتحديدا كتابا «منهاج السنة»، و«الإيمان».
قال في مقدمة «المنتقى من كتاب منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال» (^١): (فهذه فوائد ونفائس اخترتها من كتاب «منهاج الاعتدال ...» تأليف شيخنا الإمام العالم أبي العباس أحمد بن تيمية ﵀ تعالى) ا. هـ وهذا المختصر مطبوع ومتداول.
وقال في «السير» (١١/ ٣٦٤): (وهذه مسألة كبيرة جليلة ــ يعني: مسألة الإيمان وأنه يزيد وينقص ــ، قد صنف فيها العلماء كتبا، وجمع فيها الإمام أبو العباس شيخنا (^٢)، مجلدا حافلا قد اختصرته، نسأل الله تعالى أن يحفظ علينا إيماننا حتى نوافيه به) ا. هـ. ولم نقف على هذا المختصر.
وبخلاف كتابَي «الإيمان» و«منهاج الاعتدال» فقد صرح الحافظ الذهبي باسم كتاب «الصارم المسلول» في «تاريخ الإسلام» (٥٢/ ٢٢٣)، و«ميزان الاعتدال» (٢/ ٢٩٣)، و«سير أعلام النبلاء» (٧/ ٣٣٧).
_________
(^١) «منهاج الاعتدال ...» من أسماء كتاب «منهاج السنة» المطبوع.
(^٢) علق محقق «السير» بقوله: (يقصد ابن تيمية، وكتابه الذي أشار إليه هو «منهاج السنة»، ومختصره الذي اختصره المؤلف أسماه: «المنتقى من منهاج الاعتدال»، وقد طبع بتحقيق محب الدين الخطيب) ا. هـ. أما أن المقصود ابن تيمية فصحيح، وأما أن الكتاب هو «منهاج السنة» فغير صحيح، كما هو ظاهر من سياق الكلام، بل المقصود هو كتاب «الإيمان».
1 / 19
وذكر أيضا كتاب الشيخ في الرد على السروجي، قال في «ذيل تاريخ الإسلام» (٨٦ - ٨٧): (وله ــ أي السروجي ــ رد على شيخنا ابن تيمية بسكينة وصحة ذهن (^١)، ثم رد الشيخ على رده ... الخ) ا. هـ.
٤ - ابن القيم (ت: ٧٥١):
هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي، ثم الدمشقي، الحنبلي، الشهير بـ (ابن قيم الجوزية).
ولد سنة (٦٩١).
وابن القيم ﵀ من كبار علماء المسلمين، وصاحب المصنفات البديعة، وكان ﵀ علما في سائر الفنون.
وهو أشهر تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية، «حتى لا يكاد يذكر الشيخ ابن تيمية إلا ويذكر معه تلميذه ابن القيم» (^٢)، وقد لزمه فترة طويلة بلغت ستة عشر عاما، وقد بسط الكلام عن علاقة ابن القيم بشيخ الإسلام ابن تيمية الشيخ بكر أبو زيد في كتابه «ابن القيم الجوزية حياته وآثاره» بما لا مزيد عليه (٧٨ - ٩٧).
وقد قال يوسف بن عبد الهادي في «الجوهر المنضد» (ص: ١١٤): (يقال: أفقه أصحاب الشيخ هو (^٣)، وأعلمهم بالحديث ابن عبد الهادي،
_________
(^١) سيأتي ذكره أيضا في ترجمة ابن كثير، ولكنه قال في وصفه: (وله اعتراضات على الشيخ تقي الدين ابن تيمية في علم الكلام أضحك فيها على نفسه) ا. هـ.
(^٢) «ابن قيم الجوزية حياته وآثاره» للشيخ بكر أبو زيد (ص ٧٨).
(^٣) أي: ابن مفلح.
1 / 20
وأعلمهم بأصول الدين والطرق والمتوسط بين الفقه والحديث وأزهدهم شمس الدين بن القيم).
وكان ابن القيم كثير الثناء على شيخه كلما ذكره، ومن ذلك:
قوله في «الصواعق المرسلة» (٢/ ٦٢٤): (وأقل درجات اختياراته (^١) يكون وجها في المذهب، ومن الممتنع أن يكون اختيار ابن عقيل وأبي الخطاب والشيخ أبي محمد وجها يفتى بها، واختيارات شيخ الإسلام لا تصل إلى هذه المرتبة!).
وقال في «إغاثة اللهفان» (١/ ٤٣٦): (وأسوأ أحواله (^٢) أن يكون كبعض أصحاب الوجوه في مذهبه، كالقاضي وأبي الخطاب، وهو أجل من ذلك).
نقوله عن الشيخ:
سبق أن ابن القيم من المكثرين جدا في النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية.
وقد قام الشيخ الفاضل (الدكتور) وليد بن محمد بن عبد الله العلي ــ وفقه الله لكل خير ــ بجرد كتب ابن القيم واستخراج ما فيها من نقول عن الشيخ، وهذه قائمة بأسماء الكتب التي قام بجردها وبجوار كل اسم عدد المواضع في ذلك الكتاب:
١ - اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية/١٨.
_________
(^١) أي: ابن تيمية.
(^٢) أي: ابن تيمية.
1 / 21
٢ - أحكام أهل الذمة/٥٧.
٣ - إعلام الموقعين عن رب العالمين/٩٩.
٤ - إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان/٣.
٥ - إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان/٥٢.
٦ - بدائع الفوائد/٣٨.
٧ - التبيان في أقسام القرآن/٣.
٨ - تحفة المودود بأحكام المولود/٧.
٩ - تهذيب السنن/٢٠.
١٠ - جلاء الأفهام/٥.
١١ - جواب في صيغ الحمد/٣.
١٢ - حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح أو صفة الجنة/١٠.
١٣ - الداء والدواء/٦.
١٤ - الروح/١١.
١٥ - روضة المحبين ونزهة المشتاقين/٩.
١٦ - زاد المعاد في هدي خير العباد/١١٠.
١٧ - شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل/١٧.
١٨ - الصلاة وحكم تاركها /١.
١٩ - الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة /٢١.
1 / 22
٢٠ - وفي «مختصره» (٩) مواضع.
٢١ - الطرق الحكمية في السياسة الشرعية/٤٠.
٢٢ - طريق الهجرتين وباب السعادتين/١١.
٢٣ - عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين/٣.
٢٤ - الفروسية/٧.
٢٥ - الفوائد/٥.
٢٦ - فوائد حديثية/٨.
٢٧ - الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية/٧.
٢٨ - كشف الغطاء عن حكم سماع الغناء/٥.
٢٩ - مدارج السالكين/٩٢.
٣٠ - مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة/٨.
٣١ - المنار المنيف في الصحيح والضعيف/٣.
٣٢ - هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى/٢.
٣٣ - الوابل الصيب من الكلم الطيب/١٥.
وأما «الرسالة التبوكية» و«رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه» فلا يوجد فيهما شيء منقول عن الشيخ.
وهذه النقول موزعة على أنواع الفنون المختلفة، فمنها مسائل في التفسير، وأخرى في العقيدة والحديث والفقه والكلام في الرجال، ومنها جملة من أخبار شيخ الإسلام ابن تيمية وأحواله.
1 / 23