أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة، وصلة الرحم، وحسن الخلق، وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار» (١).
فقد عظّم النبي ﷺ شأن الرفق في الأمور كلها، وبين ذلك بفعله وقوله بيانًا شافيًا كافيًا؛ لكي تعمل أمّته بالرفق في أمورها كلها، وخاصة الدعاة إلى الله ﷿؛ فإنهم أولى الناس بالرفق في دعوتهم، وفي جميع تصرفاتهم، وأحوالهم. وهذه الأحاديث السابقة تُبيّن فضل الرفق، والحث على التخلق له، ولغيره من الأخلاق الحسنة، وذم العنف وذم من تخلق به.
فالرفق سبب لكل خير؛ لأنه يحصل به من الأغراض ويسهل من المطالب، ومن الثواب ما لا يحصل بغيره، وما لا يأتي من ضده (٢).
وقد حذر النبي ﷺ من العنف، وعن التشديد على أمته ﷺ، فعن عائشة ﵂ قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول في بيتي هذا: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشقّ عليهم، فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به» (٣) وكان ﷺ إذا أرسل أحدًا من أصحابه في بعض أموره أمرهم بالتيسير ونهاهم عن التنفير.
فعن أبي موسى ﵁ قال: كان رسول الله ﷺ إذا بعث أحدًا من أصحابه في بعض أموره قال: «بشّرُوا ولا تُنفَرُوا، ويسِّرُوا ولا تُعسِّروا» (٤).
(١) أخرجه أحمد ٦/ ١٥٩ وإسناده صحيح، انظر الأحاديث الصحيحة للألباني برقم ٥١٩.
(٢) انظر شرح النووي على مسلم ١٦/ ١٤٥، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري، ١٠/ ٤٤٩، وتحفة الأحوذي بشرح سنن الترمذي ٦/ ١٥٤.
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الجهاد باب فضيلة الإمام العادل، وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم ٣/ ١٤٥٨.
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير باب الأمر بالتيسير وترك التنفير ٣/ ١٣٥٨.