فيتلخّص مما تقدم أنّه لا يصح وصف عبادة تركها رسول الله ﷺ أو صحابته بأنّها بدعة إلا إذا اجتمع فيه أمران:
أ- توفر الدواعي للنقل، وهذا هو الأصل في كل عبادة، ولا ينتقل عنه إلا ببرهان واضح.
ب- أن لا يوجد مانع يمنع رسول الله ﷺ أو صحابته من فعلها. والله أعلم.
الأدلة على هذه المقدمة نوعان عامةٌ وخاصةٌ:
أما الأدلة العامة فكل ما سبق من الأدلة القرآنية والحديثية في تحريم البدع، فإن فعل ما تركه رسول الله ﷺ من العبادات مع إمكان فعلها بدون مانع إحداثٌ في الدِّين.
أما الأدلة الخاصة فكثيرة وهذا بعضها:
١ - روى مسلم (^١) عن عمارة بن رؤيبة أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعًا يديه، فقال: قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله ﷺ ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بإصبعه المسبحة».
وجه الدلالة: أن الصحابي عمارة بن رؤيبة استدل بالسنة التركية في الإنكار على بشر بن مروان؛ لأنه فعل عبادة لم يفعلها رسول الله.
٢ - روى الشيخان (^٢) عن أنس بن مالك قال: جاء ثلاثة رهطٍ إلى بيوت أزواج النبي ﷺ، يسألون عن عبادة النبي ﷺ، فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها وقالوا:
(^١) رقم (٨٧٤).
(^٢) أخرجه البخاري رقم (٥٠٦٣)، ومسلم رقم (١٤٠١).