البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج
البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج
প্রকাশক
دار ابن الجوزي
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
(١٤٢٦ - ١٤٣٦ هـ)
প্রকাশনার স্থান
الرياض
জনগুলি
لم يكن التصوّر حاصلًا، فجاز نفيه، لأن ما لم يتمّ ينفى، كقوله ﷺ للذي أساء في صلاته: "صلّ، فإنك لم تصلّ"، فنَفْيُ الإيمان حيث نُفي من هذا الباب.
وقد جمع الله تعالى بين وصفهم بوجَل القلب إذا ذُكر الله، وبزيادة الإيمان إذا سمعوا آياته، قال الضحّاك: زادتهم يقينًا، وقال الربيع بن أنس: خشيةً، وعن ابن عبّاس تصديقًا. وهكذا قد ذكر الله هذين الأصلين في مواضع، قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (١٦)﴾ [الحديد: ١٦].
والخشوع يتضمّن معنيين:
[أحدهما]: التواضع والذلّ.
[والثاني]: السكون والطمأنينة، وذلك مستلزم للين القلب المنافي للقسوة، فخشوع القلب يتضمّن عبوديّته لله، وطمأنينته أيضًا، ولهذا كان الخشوع في الصلاة يتضمّن هذا وهذا، التواضع والسكون. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)﴾ [المؤمنون: ٢]: قال: مخبتون أذِلّاءُ. وعن الحسن وقتادة: خائفون. وعن مقاتل: متواضعون. وعن عليّ ﵁: الخشوع في القلب، وأن تُلِين للمرء للمسلم كنفك، ولا تلتفت يمينًا وشمالًا. وقال مجاهد: غضّ البصر، وخفض الجناح. وكان الرجال من العلماء إذا قام إلى الصلاة يهاب الرحمن، أن يشدّ بصره، أو أن يُحدّث نفسه بشيء من أمر الدنيا.
وعن عمرو بن دينار: ليس الخشوع الركوع والسجود، ولكنه السكون، وحبّ حسن الهيئة في الصلاة. وعن ابن سيرين وغيره: كان النبيّ ﷺ، وأصحابه يرفعون أبصارهم في الصلاة إلى السماء، وينظرون يمينًا وشمالًا حتى نزلت هذه الآية: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: ١ - ٢]، فجعلوا بعد ذلك أبصارهم حيث يسجدون، وما رؤي أحد منهم بعد ذلك ينظر إلا إلى الأرض. وعن عطاء: هو أن لا تعبث بشيء من جسدك، وأنت في الصلاة. وأبصر النبيّ ﷺ رجلًا يعبث بلحيته في الصلاة،
1 / 49