الأشاعرة في ميزان أهل السنة
الأشاعرة في ميزان أهل السنة
প্রকাশক
المبرة الخيرية لعلوم القرآن والسنة
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
প্রকাশনার স্থান
الكويت
জনগুলি
الأشاعرة
في ميزان أهل السنة
نقدٌ لكتاب (أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم)
تأليف
فيصل بن قزار الجاسم
অজানা পৃষ্ঠা
تقريظ الشيخ / د. محمد بن عبد الرحمن المغراوي (المغرب)
أستاذ الدراسات العليا بجامعة القرويين، وعضو مجلس الجامعة سابقًا
ورئيس جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة بالمغرب
بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد،
فلقد قرأت كتاب الأستاذ/ فيصل بن قزار أبو عثمان، فوجدته كتابًا عظيمًا في بابه، فقد أتى على شبهة المشبّهين وبيّن وهنها وضعفها، وأنها مجرد دعاوى لا تقوم على حجة ولا على بينة، وهي كما قال القائل:
والدعاوى ما لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء
والحقيقة أن الذي ساعد الكاتب في هذا البحث هو اطلاعه على ما كتبه السلف الصالح رضوان الله عليهم، فإن من نعمة الله وفضله على هذه الأمة أن حفظ لها تراثها كاملًا، ولا سيما في باب
1 / 16
المعتقد، فإن هذا الباب ولله الحمد جنّد الله له جنودًا كثيرة في مختلف العصور والأزمان، وفي مختلف الأقاليم والأمصار، فهذا التراث العظيم الذي ظهر ولله الحمد وانتشر فضح كل دعيٍّ يدّعي أنه على مذهب السلف الصالح. فإن هذه المصادر العلمية التي قامت بالدفاع عن العقيدة السلفية أصبحت ولله الحمد في يد كل طالب علم يزن بها كل مدّع.
وما كان يُظنّ في مثل هذا الزمان الذي طفحت فيه المكتبات بمصادر السلف ومؤلفاتهم أن يتعلق متعلّق بخيوط العنكبوت، ويجري وراء تقليد المقلدين ويحكي شبههم التي نفثوها في مصنفاتهم ومؤلفاتهم، وهم يستكثرون بكل غث وسمين، وينزل مستواهم إلى الاستدلال بنقول لا تعتبر في الميزان العلمي حتى عند المبتدئين، كالنقل عن النسفي والقرطبي من المتأخرين، والذين لا يُسندون ولا يوثّقون معلوماتهم، ولا سيما في باب المعتقد.
فهذا البحث القيم الطيب ندعو لصاحبه بالتوفيق والثبات، ونتمنى من الله ﵎ أن يزيده علمًا نافعًا، وأن يبارك فيه، وأن يجزيه خير الجزاء، فإنه قد قام بالدفاع عن عقيدة السلف وبيان الحق. والحمد لله الذي يجعل في أبناء الأمة الإسلامية من يرفع راية
1 / 17
الحق، ويدفع راية الباطل ﴿وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا﴾ الإسراء ٨١.
كاتبه/ محمد بن عبد الرحمن المغراوي
أستاذ الدراسات العليا بجامعة القرويين وعضو مجلس الجامعة سابقًا
ورئيس جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة بالمغرب
٢٨/ ١١/١٤٢٧هـ
1 / 18
تقريظ الشيخ / أ. د. سعود بن عبد العزيز الخلف
رئيس قسم العقيدة في كلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
ورئيس جمعية العقيدة في المملكة العربية السعودية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه وسلم، ... وبعد،،،
فقد اطلعت على كتاب " الأشاعرة في ميزان أهل السنة نقدٌ لكتاب (أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم) " تأليف الأخ الفاضل: فيصل بن قزار الجاسم.
وقد استعرضته وتصفحته من أوله إلى آخره، وقرأت منه في مواطن عديدة وكنت أحب أن أقرأه كاملًا الاأن انشغالي وضيق الوقت حال دون ذلك، وقد ألفيته كتابا قيمًا، أبان فيه صاحبه وفقه الله وجزاه الله خيرا عن موضوعه المتعلق بالأشاعرة، وما ادعاه بعض الأشاعرة من دعاوى عريضة تتعلق بما يعتقدان ويقولان به
1 / 19
ويثنيان به على المذهب الذي ارتضياه لنفسيهما، واعتقدا ما يعتقد الأشاعرة في الله تعالى، أعني الكلام في صفات الله تعالى، وادعيا أن الأشاعرة هم أهل السنة.
وحقيقة الأمر أن الأشاعرة خالفوا أهل السنة وخاصة المتأخرون منهم مخالفة جذرية في مسألة الصفات، وذلك لأنهم بنوا قولهم فيها على قول المعتزلة، لايغادرون من قولهم شيئًا في الأصول، فقرروا ما قرره المعتزلة من أن معرفة الله عقلية، واستدلوا لإثبات وجود الله تعالى بدليل الحدوث أو الامكان، ولما كانوا أتعبوا أنفسهم في إثباته، أعني تقرير وجود الله تعالى ظنوا أنهم فازوا بفرس السبق في هذا المسلك، فراحوا يحافظون على هذا المسلك بكل وسيلة، لأنه عندهم الطريق الوحيد لإثبات وجود الله تعالى، وهو الدليل الذي يقيمون به الحجة على ملاحدة بني آدم المنكرين لوجود الله تعالى، مع أنه دليل فاسد ومسلك كاسد لم يستدل به الأنبياء ولا أهل العلم والدين من الصحابة ومن سلك منهجهم.
أقول لما وصلوا إلى هذه النتيجة - على ضلع- بهذا الدليل راحوا يبطلون كل ما يتعارض معه ويردونه ولا يقبلونه، بل يذمون من قبله أو أخذ به لأنه في الحقيقة على زعمهم سيهدم أصلهم الذي أثبتوا به وجود الله تعالى، فبناءً عليه قرروا أن الله تعالى لا يجوز أن يوصف بصفة تدل على الحدوث أو الجسمية، فأبطلوا جميع الصفات الاختيارية الفعلية كالاستواء والنزول والكلام والرحمة والغضب
1 / 20
والمجئ والاتيان وغير ذلك، ثم أبطلوا جميع الصفات التي تدل في زعمهم على الجسمية لأن الجسمية دليل على الحدوث أيضًا، فأبطلوا وصفه جل وعلا بالوجه واليد والقدم والعين والاصبع وسائر ما وصف الله به نفسه، ووصفه به رسوله ﷺ متذرعين مرة بالتأويل، ومرة بالتفويض، والأدهى من ذلك والأمر أنهم تجرأوا فقعدوا القواعد لإبطال الاستدلال بشئ من النصوص الشرعية على الصفات التي ينكرونها كما فعل الرازي في كتابه تأسيس التقديس فصاروا بذلك من غلاة النفاة المعطلة لصفات الله تعالى، لهذا صار الأشاعرة على قولين ظاهرين:
قول متقدميهم كالحارث المحاسبي وابن كلاب والأشعري في مذهبه المتوسط والباقلاني، الذين يثبتون الصفات الذاتية، وبعض الصفات الفعلية.
وقول متأخريهم الذين ينفون سائر الصفات الفعلية وسائر الصفات الذاتية إلا ما يسمونه الصفات العقلية: وهي: الحياة والعلم والإرادة والقدرة والكلام والسمع والبصر، على تفصيلات عديدة عندهم في مسألة السمع والبصر، حيث يرجعها بعضهم إلى العلم، أما الكلام فهم متفقون على نفي الحرف والصوت، مما يجعل إثباتهم لصفة الكلام دعوى لامعنى لها، بل ويصبح من لوازمها التي لا مفر لهم منها هو القول بخلق القرآن.
1 / 21
ومن هنا فإن الأشاعرة لا يمكن أن يكونوا من أهل السنة في باب الصفات، كما أنهم في الإيمان مرجئة، وفي أفعال العباد قاربوا مذهب الجبرية، ومع ذلك فهم أقرب الفرق إلى أهل السنة فهم أقرب من المعتزلة والجهمية ومن الرافضة والزيدية وغيرهم.
وقد انبرى لكشف تلبيس من يلبس منهم على من لايعرف حقيقتهم بدعوى أنهم من اهل السنة أخونا الشيخ فيصل بن قزاز الجاسم، في هذا الكتاب القيم، وأبطل دعواهم من جميع الوجوه، وقد استند في ذلك إلى الأدلة الدامغة من كلام الله تعالى، ومن أحاديث النبي ﷺ والتي ثبت أن الأشاعرة لايثبتون مدلولها.
كما نقل عن أئمة أهل السنة وعلمائها إثباتهم للصفات كما وردت في الكتاب والسنة وأنها على الحقيقة تثبت لله تعالى من غير تحريف ولا تأويل ولا تشبيه ولا تكييف.
كما أثبت بما لايدع مجالًا للشك أن السلف ليسوا مؤولة وليسوا مفوضة.
ونقل عن أئمة السنة باستفاضة ما يؤيد ذلك، بل ذكر عنهم ما يدل على أنهم يحرمون التأويل ويرفضونه ويعتبرونه من باب تحريف كلام الله تعالى، كما يرفضون التجهيل المسمى التفويض، لأنه إبطال لدلالة كلام الله تعالى وكلام رسوله ﷺ في أعظم عقيدة وأخطر مسائل الدين ألا وهي صفات الله تعالى، المرتبط بها يقينًا
1 / 22
معرفة الله تعالى المعرفة الصحيحة، والتي ينبني عليها عبادته جل وعلا والإيمان به.
كما بين فضيلة الشيخ فيصل بما لايدع مجالًا للشك ما يلبس به بعض المتحذلقين من الأشاعرة ممن يحاولون أن يدعموا دعوى الأشاعرة في التأويل ببعض النقول الشاذة المعزوة إلى بعض السلف يزعمون أن فيها تأويلًا.
فسبحان الله ما أعجب الهوى كيف يفعل بأصحابه - يترك ذاك الكم الهائل من النصوص والتصريحات المثبتة للصفات على منطوق الكتاب والسنة إلى كليمات أكثرها لايصح، أو يكون لها معنى غير ما زعم المستدل بها على التأويل، وصدق الله إذ يقول ﴿فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منهم ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله﴾.
كما جعل خاتمة الأبواب نقوله عن أئمة السنة في ذمهم للأشعرية وأنهم ليسوا من أهل السنة، وذلك لما ثبت عنهم من الابتداع في باب الصفات، وأنهم أرادوا تنزيه الله تعالى بالطريقة التي ينزه بها الجهمية الله تعالى، فوقعوا في شر مما فروا منه، فبدل أن يثبتوا إلهًا وربًا وخالقًا له صفات الجلال والكمال جعلوه ﵎ أبكم لا يتكلم وجمادًا لايتحرك ليس له وجود، لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته، ولا يحب مؤمنًا ولا يرضى
1 / 23
عنه ولا يغضب على كافر ولا يكرهه، ليس موصوفا بالرحمة، مع أن كل ما يرى من آثار رحمته ﵎، فأين هذا الكلام الهراء الذي ليس فيه توقير للرب جل وعلا، ولا يوصل إلى ذلك مما يثبته السلف له جل وعلا من صفات الكمال والجلال وفق ما أخبر الله تعالى، وأخبر به نبيه ﷺ.
فلأخينا الشيخ فيصل الجاسم الدعوات أن الله ﵎ يبارك في جهوده، ويجزيه خيرًا عن أهل السنة، حيث انتصر للحق وأبان عن تلبيسات الملبسين وتقريرات المفسدين وتجهيلات الجاهلين، وقوم ما اعوج من كلامهم، وثقف ما مال من دعواهم في مسألة الصفات، متأسيًا في ذلك بمن تقدم من أهل العلم الكبار، الذين ردوا على المبتدعة من الجهمية والمعتزلة في مسألة الصفات، وكذلك من خص من أهل العلم الأشاعرة بالرد كالسجزي ﵀ في إثبات الحرف والصوت، وكالقاضي أبي يعلى ﵀ في إبطال التأويلات، وكشيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في إبطال قاعدة المتكلمين العقلية في كتابه درء تعارض العقل والنقل، وكذلك نسفه لقواعد الرازي الكلامية الفاسدة في كتابه نقض تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، وغيرهم كثير.
وعليه فأقول: إن أخانا الشيخ فيصل الجاسم قد أجاد وأفاد في كتابه هذا، ونسأل الله أن يسلك بنا وبه سبيل العلماء الصالحين،
1 / 24
المدافعين والذابين عن سنة سيد المرسلين، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناته وأن يوفقه لكل خير وفلاح، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
وكتبه
سعود بن عبد العزيز الخلف
أستاذ العقيدة في كلية الدعوة وأصول الدين
بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
١٨/ ١/١٤٢٨هـ
1 / 25
تقريظ الشيخ / أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان (الأردن)
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده، نستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فقد أطلعني أخي الباحث فضيلة الشيخ / فيصل بن قزار الجاسم -حفظه الله ورعاه، وسدده، ونفع به- على كتابه القيم (الأشاعرة في ميزان أهل السنة)، فقرأته، فوجدته نافعًا، نصر فيه مذهب السلف الصالح في الأسماء والصفات بأسلوب سهل، وعرض جيد، وحشد فيه نقولات تنبئ عن صبر في البحث، وإدمان نظر، وحسن اختيار، وشدة تتبع لتلكم الدرر والشذرات من كلام الأئمة الأعلام، فنظمها في هذا العقد المحكم المتين، وزيّنه بتلكم الفوائد الأصيلة، وجاءت بصياغة محررة، وبتوثيق من مصادر معتبرة عن أعلام، أجمع -أو كاد- جميع الباحثين على فضلهم، وضرورة
1 / 26
الانصياع إلى تقريراتهم، والعض على تأصيلاتهم، ونبذ الدخيل مما قيل عنه -زورًا وبهتانًا- أنه مذهب أهل السنة والجماعة.
وهذه الدراسة الجادة القيمة هي في أصلها نقد -بل نقض- بكتاب (أهل السنة الأشاعرة، شهادة علماء الأمة وأدلتهم) قام الأخ الباحث فيصل -جعله الله فيصلًا بين الحق والباطل- بردّ ترهات تدور على الألسنة، وذلك من خلال الجمع والحشد لكلام أئمة في سائر الفنون، على اختلاف الأمصار والأعصار، وتجنب -عن عمد وقصد- كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه الأئمة العظام من أمثال: ابن القيم، ومن تأثر بدعوتهم من الأعلام المتأخرين، ﵃ أجمعين، وألحقنا بهم في الصالحين.
وقد ازدان هذا الرد -بحق- بالمقارنة القوية بين الأصيل والدخيل، والجيد والرديء، والسنة والبدعة، وجمع بين الحشد المتقن المختار، والتحليل والتعليق بأسلوب سهل، ونَفَس علمي رصين، بيّن الباحث من خلاله الفرق الكبير، والبون الشاسع بين مذهب السلف الصالح ومذهب الأشاعرة، وزيّف فيه المؤلف تلكم الدعوة الظالمة أن "الأشاعرة" هم "أهل السنة والجماعة"!
ولا أكتم القارئ الكريم إني وجدت فيما قرأت من تقريرات -جاءت في معرض الرد-: أدبًا في المناقشة، وترفعًا عن المهاترة، وتمالكًا وقوة نَفَس، تنبئ عن دقة فهم، ودماثة خلق، وحسن قصد، والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدًا.
1 / 27
وأخيرًا، فقد قام الأخ الباحث -أحسن الله إليه- بواجب كفائي، كفّى فيه ووفّى، جامعًا ماتعًا نافعًا، على ما عهدناه منه، وقد أحسن وأجاد فيه، وينح في بالي، وخطر في خيالي -أكثر من مرة- أثناء قراءتي له ذلك المثل العربي: (أعط القوس باريها)، فهو أهل لمثل هذه المنازلة، وكفيل برد نلكم المشاغبة، التي لا تثبت أمام الحقائق العلمية، القائمة على البراهين القوية، والحجج الدامغة، فإنه (لا أمير في العلم إلا العلم)، ولا بقاء -في المآل- إلا للحق والعدل (الخير)، فإن الحق ثقيل، ولكنه مريء، بينما الباطل خفيف -ولذا قد ينتشر- ولكنه وبيء.
أجزل الله لمؤلف هذا الكتاب المثوبة والعطاء، ونفع الله به دينه، ونصر به الحق، وجعل لكتابه هذا الرضى والقبول، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتبه
أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان
٩ محرم ١٤٢٨هـ
٢٧/ ١/٢٠٠٧
1 / 28
تقريظ الشيخ / أ. د. محمد أحمد لوح (السنغال)
عميد الكلية الإفريقية للدراسات الإسلامية في السنغال.
الحمد لله الذي جعل لدين الإسلام من كل خلفٍ عدولًا ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وزيف المتعالمين، والصلاة والسلام على من بشَّر أمته بأنه لا يزال طائفة منهم ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم أو ناوأهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبع هديهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فإن طوائف المتكلمين الذين حادوا عن سبيل السلف في دين الله قد عرفهم علماء السنة -منذ بزوغ قرنهم- وأحصوهم عددا، وبينوا للناس خطورة ما سلكوه من طرائق قددا، ونادوا عليهم
1 / 29
بالزيغ والضلال في كل ناد، حتى عرفهم عامة أهل السنة فضلا عن علمائهم.
فكما أقر الجميع بانحراف الجهمية والمعتزلة والخوارج والروافض عن المنهج الحق لظهور شأنهم، وانكشاف أمرهم، فكذلك أدركوا -منذ وقت مبكر- زيغ أهل التبعيض في الصفات الإلهية من الماتريدية والأشعرية الكلابية: فهذا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الهروي يقول: «سمعت أحمد بن نصر الماليني ت٤١٢هـ يقول: «دخلت جامع عمرو بن العاص بمصر في نفر من أصحابي، فلما جلسنا جاء شيخ فقال: أنتم أهل خراسان أهل السنة، وهذا موضع الأشعرية فقوموا» (١)
هكذا كان الناس -عامتهم وخاصتهم- يفرقون بين الأشعرية الكلابية وبين أهل السنة في هذا الوقت المبكر، فيا ترى كيف انقلبت الموازين لدى هؤلاء الناس، واختلطت الأمور على من يحسبون أنفسهم كتابا ومفكرين حتى فقدوا التمييز فحكموا بأن منهج وعقيدة أهل السنة هو منهج وعقيدة الأشعرية الكلابية؟ إنه لزعمٌ ما أبعده عن الواقع، ودعوى ما أفقرها إلى برهان، ولكن -ولله الحمد- الحق أبلج، والباطل لجلج، وأقلام أهل الحق لا زالت توضح المنهج، وتكشف البهرج.
_________
(١) ذم الكلام وأهله للهروي ٤/ ٤١٨ رقم الأثر:١٣٣٢ طبعة مكتبة الغرباء.
1 / 30
فها هو أخونا الشيخ / أبو عثمان فيصل بن قزار الجاسم- وفقه الله - قد أطلعني على حرره ردًا على من صنف الأشاعرة الكلابية مع أهل السنة في صف واحد عقيدة وديانة، فألفيته قد رتب الكتاب ترتيبًا حسنًا، وقسمه تقسيمًا يشوق المطالع، وكتبه بأسلوب لا يملّ منه قارئ ولا سامع، وأودعه من الفوائد العلمية، والجواهر السلفية ما يكفل لكل طالب حق بطلبته، ويجذب كل منصف لمطالعته وإقراره.
ولقد أعجبني ما اكتسى به هذا الكتاب من لباس الرفق والهدوء، والخلق الكريم، والأدب العظيم، والترفع عن سفاسف الأمور، وعن التعريج على القضايا الشخصية، والأحكام الجزافية التي اعتاد أهل الأهواء أن يتخذوها أسلوبا للرد، وهو في الحقيقة حالة من العجز قد قُمِّصت بلفافة من الشدة والعنف والقذائف الاستباقية.
إن من يقرأ هذا الكتب متأملًا أسلوبه السلفي المحكم ليشعر أنه يقرأ لكاتب يصنف مؤصلا، وخبير يكن الشفقة ويبذل النصح لمن يكتب له، وليس أسلوب كاتب يتصدى لمجادلة من خالف الحق صريحا في مقرراته العقدية، وتوجهاته المنهجية.
ومع هذا كله فالكتاب من حيث الحجة والبرهان المستقى من الكتاب والسنة والآثار السلفية قذيفةٌ من قذائف الحق أصابت باطل هؤلاء فدمغته فإذا هو زاهق.
1 / 31
وما أحسب منصفًا- وإن كان مخالفًا- يقف عليه متأملًا إلا ويسلم بصحة ما قرره، ويدرك خطأ مخالفه.
والله المسئول أن يوفق مؤلفه وجميع المسلمين لخدمة هذا الدين والذب عن حياضه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
كتبه/ أ. د. محمد أحمد لوح
عميد الكلية الإفريقية للدراسات الإسلامية في السنغال.
modlo@maktoob.com
1 / 32
تقريظ الشيخ / د. أحمد شاكر الجنيدي (مصر)
أستاذ العقيدة الإسلامية
ونائب الرئيس العام لجماعة أنصار السنة المحمدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الكبير المتعال، والصلاة والسلام على المصطفى المبعوث من ولد عدنان، وعلى آل بيته الطيبين الأطهار، وصحبه البررة الأخيار، ومن تبعهم بإحسان.
وبعد:
فإنه لمن دواعي سروري وغبطتي أن أشاهد وأقرأ بين الحين والآخر كتابًا علميًا يؤصل منهج أهل السنة والجماعة، ويدافع وينافح عن عقيدة سلف الأمة الصالحين، وذلك أن أهل الأهواء لا يكفّون عن نشر بدعهم على الناس بطرق ملتوية غريبة، فيها تحريف للنصوص، واستدلال بما لا يصح، والنقل عن أمثالهم ممن انحرفت بهم السبل، ولقد وجد هؤلاء في حياة أبي الحسن الأشعري مجالًا خصبًا للترويج لبدعهم بسبب أن أبا الحسن الأشعري ﵀ نشأ
1 / 33
على مذهب الاعتزال في بداية عهده، ثم انتقل إلى مذهب عبد الله بن سعيد بن كلاب القطان الذي كان يثبت بعض الصفات ويؤول الآخ، ثم ختم الله لأبي الحسن بالخير فانتقل إلى مذهب أهل السنة والجماعة، ومحّص طريقته بالرجوع إلى مذهب السلف الصالح، وقال بما قاله إمام أهل السنة من قبله العالم الرباني أبي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني، وقد ذكر كثير من أهل العلم أطوار أبي الحسن الأشعري، ومنهم الإمام الحافظ ابن كثير ﵀ حيث قال: (ذكروا للشيخ أبي الحسن الأشعري ثلاثة أطوار: أولها: حال الاعتزال التي رجع عنها لا محالة، والحال الثاني: إثبات الصفات العقلية السبع وهي: الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام، وتأويل الخبرية كالوجه، واليدين، والقدم، والساق، ونحو ذلك، والحال الثالث: إثبات ذلك كله من غير تكييف ولا تشبيه جريًا على منوال السلف، وهي طريقته في الإبانة التي صنفها آخرًا).
ومع هذا التصريح والتوضيح لأطوار الأشعري إلا أن أصحابه والمنتسبين إليه لم يلتزموا بمنهجه الأخير الذي رجع فيه إلى مذهب السلف، وألف الكتب النافعة فيه كالإبانة، ورسالة إلى أهل الثغر، وغير ذلك، بل أنكر الكثير منهم ما كتبه في معتقده الأخير، وهو ثابت يقينًا له، وثبتوا وتبنوا المرحلة الثانية للأشعري التي فيها تأويلٌ لكثير من الصفات، وغيرها من المخالفات،
1 / 34