149

Al-'Adhb an-Nameer min Majalis ash-Shanqeeti fi at-Tafseer

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

তদারক

خالد بن عثمان السبت

প্রকাশক

دار عطاءات العلم (الرياض)

সংস্করণের সংখ্যা

الخامسة

প্রকাশনার বছর

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

প্রকাশনার স্থান

دار ابن حزم (بيروت)

জনগুলি

قال بعضُ العلماءِ (^١): (ثم) في قولِه: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ للاستبعادِ؛ لأن هذا الذي نظروه من آياتِ اللَّهِ وعِبَرِه وإحيائِه للقتيلِ سببٌ عظيمٌ لِلِينِ القلوبِ، فقسوةُ القلوبِ بعدَ مشاهدتِه من الأمرِ الْمُسْتَبْعَدِ؛ ولذا قال: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم﴾ من بعدِ ذلك الأمرِ الذي عَايَنْتُمُوهُ، وهو إحياءُ القتيلِ، الذي هو أعظمُ سببٍ لِلِينِ القلوبِ، فـ (ثم) هنا للاستبعادِ، كما قاله بعضُ العلماءِ. ونظيرُه من إتيانِ (ثم) للاستبعادِ قولُه تعالى في أولِ سورةِ الأنعامِ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ﴾ [الأنعام: آية ١]؛ لأن مَنْ خَلَق السماواتِ والأرضَ، وجعلَ الظلماتِ والنورَ يُسْتَبْعَدُ جِدًّا أن يُجعل له عديلٌ ونظيرٌ. ونظيرُ (ثمَّ) للاستبعادِ من كلامِ العربِ قولُ الشاعرِ (^٢): وَلَا يَكْشِفُ الْغَمَّاءَ إِلَاّ ابْنُ حُرَّةٍ يَرَى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ ثُمَّ يَزُورُهَا لأن مَنْ رَأَى غمراتِ الموتِ تُسْتَبْعَدُ منه زيارتُها. والإشارةُ في قولِه: ﴿ذَلِكَ﴾ عائدةٌ إلى ما ذُكِرَ من إحياءِ القتيلِ لَمَّا ضُرِبَ بالجزءِ من البقرةِ الميتةِ، ومعنى قسوةِ القلوبِ: شِدَّتُهَا وصلابتُها حتى لا يدخلَ فيها خيرٌ؛ لأن ذا الشيءَ القاسيَ ليس بقابلٍ لدخولِ شيءٍ فيه، فقلوبُهم صلبةٌ شديدةٌ نابيةٌ عن الخيرِ لا يدخلُها وَعْظٌ ولا يَنْجِعُ فيها خيرٌ. والسببُ الذي قَسَتْ به قلوبُهم نَهَى اللَّهُ عن ارتكابِه المسلمين في قولِه: ﴿وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [الحديد: آية ١٦].

(^١) انظر: البحر المحيط (١/ ٢٦١ - ٢٦٢). (^٢) البيت لجعفر بن عُلبة الحارثي. انظر: الدر المصون (٩/ ٨٩)، (٦٤٢).

1 / 153