وبعد أن ولى المشركون المحتلون وحلفاؤهم الأدبار، يحملون معهم الهزيمة والإخفاق، وفشلت محاولاتهم لاقتحام المدينة المنيعة . رجع المقاتلون المسلمون إلى بيوتهم بالمدينة يستريحون من هذه الغمة، ويلتقطون أنفاسهم بعد فزع وقلق نفسي مريع دام شهرا كاملا.
ويبدو أن بعض الصحابة ظن أن الموضوع انتهى إلى ذلك الحد ! لكن أيترك الخائنون العملاء الناكثون للعهود دون محاسبة ؟ فنادى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسلمين "ألا .. لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة !"(1)، فسار الجيش الإسلامي إلى فصيل الفتنة والخيانة، وتبعهم النبي - صلى الله عليه وسلم - - القائد العام - بعد أن استخلف على المدينة - نائبا عنه -عبد الله بن أم مكتوم، وحاصر المسلمون بني قريظة شهرا تقريبا، ولما طال عليهم الحصار.. ورفض النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يستسلموا دون قيد أو شرط، واستسلم بنو قريظة، ونزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فوكل - صلى الله عليه وسلم - الحكم فيهم إلى سعد بن معاذ- قائد الأوس - .. وفي اختيار سعد دلالة على حكمة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعد نظره، وإدراكه لنفسيات يهود قريظة ، لأن سعدا كان حليف بني قريظة في الجاهلية، وقد ارتاح اليهود لهذا الاختيار، وظنوا أن الرجل قد يحابيهم في حكمه، لكن سعدا نظر إلى الموقف من جميع جوانبه. وقدره تقدير من عاش أحداثه وظروفه.
পৃষ্ঠা ৩৫