ويجيب الغزالي: بأنه لا ينكر اشتهار هذه القضايا بين الخلق وكونها محمودة، ولكنه يصر على أن مستندها: إما التدين بالشرائع وإما الأغراض.
مثارات الغلط
ولكن الأغراض قد تدق، فلا يتنبه لها إلا المحققون، من أجل ذلك نبه على مثارات الغلط، وهي ثلاثة:
الأول:
إن الإنسان يطلق اسم القبح على ما يخالف غرضه، وإن كان يوافق غرض غيره. فإن كل طبع مشغوف بنفسه، فيقضي بالقبح مطلقا، وربما يضيف القبح إلى ذات الشيء، فيكون قد قضى بأمور ثلاثة، هو مصيب في واحد منها، وهو أصل الاستقباح، ومخطئ في أمرين؛ أحدهما: إضافة القبح إلى ذاته، إذ غفل عن كونه قبيحا لمخالفته غرضه، والثاني: حكمه بالقبح مطلقا، ومنشؤه عدم الالتفات إلى غيره بل عدم الالتفات إلى أحوال نفسه، فإنه قد يستحسن في بعض الأحوال عين ما يستقبحه إذا اختلف الغرض.
الثاني:
ما هو مخالف للغرض في جميع الأحوال، إلا في حالة واحدة نادرة، قد لا يلتفت إليها الوهم، بل لا تخطر بالبال، فيراه مخالفا في جميع الأحوال، فيقضي بالقبح مطلقا، لاستيلاء أحوال قبحه على قلبه، وذهاب الحالة النادرة عن ذكره.
الثالث:
سبق الوهم إلى العكس، فإن ما يرى مقرونا بالشيء يظن أن الشيء أيضا مقرون به مطلقا لا محالة، ومثاله نفرة من نهشته الحية من الحبل المبرقش اللون، لأنه وجد الأذى مقرونا بهذه الصورة فتوهم أن هذه الصورة مقرونة بالأذى، فإن الوهم عظيم الاستيلاء على النفس، ولذلك ينفر طبع الإنسان من المبيت في بيت فيه ميت، مع قطعه بأنه لا يتحرك، ولكنه يتوهم في كل ساعة حركته ونطقه.
نقض حجة المعتزلة
অজানা পৃষ্ঠা