أقسام أخبار الشيعة
أما أقسام أخبارهم فاعلم أن أصولهم عندهم أربعة: صحيح وحسن وموثق وضعيف.
পৃষ্ঠা ১৩
أما الصحيح: فكل ما اتصل رواته بالمعصوم بواسطة عدل إمامي(1). وعلى هذا فلا يكون المرسل(2) والمنقطع داخلا في الصحيح لعدم اتصالهما وهو ظاهر، مع أنهم يطلقون عليهما لفظ الصحيح، كما قالوا: روى ابن أبي عمير في الصحيح كذا وكذا. ولا يعتبرون العدالة في إطلاق الصحيح، فإنهم يقولون: رواية المجهول الحال صحيحة كالحسين بن الحسن بن أبان فإنه مجهول الحال نص عليه الحلي في "المنتهى" مع أنها مأخوذة في تعريفه. وكذا لا يعتبر عندهم كون الراوي إماميا في إطلاق الصحيح فقد أهملوا قيود التعريف كلها.
وأيضا قد حكموا بصحة حديث من دعا عليه المعصوم بقول: أخزاه الله وقاتله الله، أو لعنه أو حكم بفساد عقيدته أو أظهر البراءة منه.
পৃষ্ঠা ১৫
وحكموا أيضا بصحة روايات المشبهة والمجسمة ومن جوز البداء(1) عليه تعالى، مع أن هذه الأمور كلها مكفرة، ورواية الكافر غير مقبولة فضلا عن صحتها، فالعدالة غير معتبرة عندهم وإن ذكروها في تعريف الصحيح، لأن الكافر لا يكون عدلا البتة.
পৃষ্ঠা ১৬
وحكموا أيضا بصحة الحديث الذي وجدوه في الرقاع(1) التي أظهرها ابن بابويه مدعيا أنها من الأئمة. ورووا عن الخطوط التي يزعمون أنها خطوط الأئمة، ويرجحون هذا النوع على الروايات الصحيحة الإسناد عندهم.
هذا حال حديثهم الصحيح الذي هو أقوى الأقسام الأخرى وأعلاها.
وأما "الحسن" فهو عندهم ما اتصل رواته بالمعصوم بواسطة إمامي ممدوح من غير نص على عدالته. وعلى هذا فلا يكون المرسل والمنقطع داخلين في تعريف الحسن(1) أيضا. من أن إطلاقه عليهما شائع عندهم حيث صرح فقهاؤهم أن رواية زرارة في مفسد الحج إذا قضاه في عام آخر حسن، مع أنها منقطعة.
ويطلقون لفظ الحسن على غير الممدوح حيث قال ابن المطهر الحلي طريق الفقيه إلى منذر بن جيفر(2) حسن مع أنه لم يمدحه أحد من هذه الفرقة.
পৃষ্ঠা ১৭
وأما (الموثق) ويقال له (القوي) أيضا فكل ما دخل في طريقه من نص الأصحاب على توثيقه مع فساد عقيدته وسلامة باقي الطريق عن الضعف(1)، مع أنهم أطلقوا الموثق أيضا على طريق الضعيف، كالخبر الذي رواه السكوني عن أبي عبد الله عن أمير المؤمنين، وكذا أطلقوا القوي على رواية نوح بن دراج(2) وناجية بن أبي عمارة الصيداوي(3) وأحمد بن عبد الله بن جعفر الحميري مع أنهم إمامية ولكنهم ليسوا بممدوحين ولا مذمومين.
পৃষ্ঠা ১৮
وأما (الضعيف) فكل ما اشتمل طريقه على مجروح بالفسق ونحوه أو مجهول الحال(1).
واعلم أن العمل بالصحيح واجب عندهم اتفاقا، مع أنهم يروون بعض الأخبار الصحيحة ولا يعملون بموجبها، كما روى زرارة عن أبي جعفر قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أطعموا الجدة السدس ولم يفرض الله له شيئا(2). وهذا خبر موثق. وروى سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن الكاظم قال: سألته عن بنات الابن والجدة. فقال: للجدة السدس، والباقي لبنات الابن وهذا خبر صحيح عندهم، فهم يقولون ما لا يفعلون.
ثم اعلم أن أكثر علماء الشيعة كانوا يعملون سابقا بروايات أصحابهم بدون تحقيق وتفتيش، ولم يكن فيهم من يميز رجال الإسناد، ولا من ألف كتابا في الجرح والتعديل، حتى صنف الكشي سنة أربعمائة تقريبا كتابا في أسماء الرجال وأحوال الرواة، وكان مختصرا جدا لم يزد الناظر فيه إلا تحيرا. لأنه أورد فيه أخبارا متعارضة في الجرح والتعديل ولم يمكنه ترجيح أحدها على الآخر(3).
ثم تكلم الغضائري في الضعفاء والنجاشي وأبو جعفر الطوسي في الجرح والتعديل وصنفوا فيه كتبا طويلة. ولكنهم أهملوا فيها توجيه التعارض بالمدح والقدح ولم يتيسر لهم ترجيح أحد الطرفين، ولهذا منع صاحب (الدراية) تقليدهم في باب الجرح والتعديل.
الأدلة عند الشيعة
اعلم أن الأدلة عندهم أربعة: كتاب، وخبر، وإجماع، وعقل.
পৃষ্ঠা ১৯
أما (الكتاب) فهو القرآن المنزل الذي لم يبق حقيقا بأن يستدل به بزعمهم الفاسد، لأنه لا اعتماد على كونه قرآنا إلا إذا أخذ بواسطة الإمام المعصوم، وليس القرآن المأخوذ من الأئمة موجودا في أيديهم، والقرآن المعروف غير معتد به عند أئمتهم بزعمهم(1) وأنه لا يليق بالاستدلال به لوجهين: الأول: لما روي جماعة من الإمامية عن أئمتهم أن القرآن المنزل وقع فيه تحريف في كلماته عن مواضعها، بل أسقط منه بعض السور(1) وترتيبه هذا أيضا غير معتد لكونه متغيرا عن أصله، وما هو موجود الآن في أيدي المؤمنين هو مصحف عثمان الذي كتبه(2) وأرسل منه سبع نسخ إلى أطراف العالم وألجأ الناس على قبوله وقراءته على ما رتبه وآذى من خالف ذلك، فلا يصح التمسك به ولا يعتمد على نظمه من العام والخاص والظاهر والنص ونحوها، لأنه يجوز أن يكون هذا القرآن الذي بين أيدينا كله أو أكثره منسوخا بالآيات أو السور التي أسقطت منه أو مخصوصا بها.
الثاني: أن نقلة هذا القرآن مثل ناقلي التوراة والإنجيل، لأن بعضهم كانوا منافقين كالصحابة العظام والعياذ بالله تعالى، وبعضهم كانوا مداهنين في الدين كعوام الصحابة فإنهم تبعوا رؤساءهم أي بزعمهم طمعا في زخارف الدنيا، فارتدوا عن الدين كلهم إلا أربعة أو ستة(1)، فغيروا خطاب الله تعالى، فجعلوا مثلا مكان (من المرافق)، { إلى المرافق }(2) ومكان (أئمة هي أزكى)، { أمة هي أربى من أمة }.
فكما أن التوراة والإنجيل لا يعمل بهما أصلا فكذلك هذا القرآن، وكما أن التوراة والإنجيل نسخا بالقرآن المجيد فكذلك القرآن نسخت أشياء كثيرة منه ولا يعلم نواسخها إلا الأئمة الثلاثة.
পৃষ্ঠা ২২
وأما الخبر فقد مر بيانه مفصلا فتذكر. ثم إن ناقل الخبر إما من الشيعة أو غيرهم، ولا اعتبار لغيرهم أصلا، لأن الصدر الأول من غيرهم(1) الذي هو منتهى الأسانيد كانوا مرتدين ومحرفين كتاب الله تعالى ومعادين أهل بيت النبوة. فلابد أن يكون من الشيعة، وبين الشيعة اختلاف كثير في أصل الإمامة وتعيين الأئمة وعددهم، ولا يمكن إثبات قول من أقوالهم إلا بالخبر، لأن كتاب الله تعالى لا اعتماد عليه، ومع ذلك فهو ساكت عن هذه الأمور، فلو توقف ثبوت الخبر وحجيته على ثبوت ذلك القول لزم الدور الصريح وهو محال.
وأما (الإجماع) فباطل أيضا، لأن كونه حجة ليس بالأصالة بل لكون قول المعصوم في ضمنه، فمدار حجيته على قول المعصوم لا على نفس الإجماع، وثبوت عصمة الإمام وتعيينه إما بخبره أو بخبر معصوم آخر، فقد جاء الدور الصريح أيضا.
وأيضا إجماع الصدر الأول والثاني - يعني قبل حدوث الاختلاف في الأمة - غير معتبر، لأنهم أجمعوا على: خلافة أبي بكر وعمر، وحرمة المتعة(2)، وتحريف الكتاب، ومنع ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، وغصب فدك من البتول(3). وبعد حدوث الاختلاف في الأمة وتفرقهم بفرق مختلفة كيف يتصور الإجماع، ولا سيما في المسائل الخلافية المحتاجة إلى الاستدلال وإقامة الحجة القاطعة.
وأما (العقل) فهو باطل أيضا لأن التمسك به إما في الشرعيات أو غيرها، فإن كان في الشرعيات فلا يصح التمسك به عند هذه الفرقة أصلا، لأنهم منكرون أصل القياس ولا يقولون بحجيته.
পৃষ্ঠা ২৩
وأما في غير الشرعيات فيتوقف العقل على تجريده عن شوائب الوهم والإلف والعادة والاحتراز عن الخطأ في الترتيب والفكر في صورة الأشكال، وهذه الأمور لا تحصل إلا بإرشاد إمام، لأن كل فرقة من طوائف بني آدم يثبتون بعقولهم أشياء وينكرون أشياء أخر، وهم متخالفون فيما بينهم بالأصول والفروع، ولا يمكن الترجيح بالعقل فقد، فالتمسك إذن بقول الإمام، ومع ذلك لا يمكن إثبات الأمور الدينية بالعقل الصرف لأنه عاجز عن معرفتها تفصيلا بالإجماع. نعم يمكنه معرفتها إذا كان مستمدا من الشريعة.
وهاهنا فائدة جليلة لها مناسبة مع هذا المقام، وهي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني تارك فيكم الثقلين، فإن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله وعترتي أهل بيتي" وهذا الحديث ثابت عند الفريقين أهل السنة والشيعة، وقد علم منه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا في المقدمات الدينية والأحكام الشرعية بالتمسك بهذين العظيمي القدر والرجوع إليهما في كل أمر، فمن كان مذهبه مخالفا في الأمور الشرعية اعتقادا وعملا فهو ضال، مذهبه باطل وفاسد لا يعبأ به. ومن جحد بهما فقد غوى، ووقع في مهاوي الردى.
পৃষ্ঠা ২৪
وليس المتمسك بهذين الحبلين المتينين إلا أهل السنة، لأن كتاب الله ساقط عند الشيعة عن درجة الاعتبار(1) كما سبق بيانه قريبا، وقد روى الكليني عن هشام بن سالم(1) عن أبي عبد الله أن القرآن الذي جاء به جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية(1). وروى عن محمد نصر أنه قال في { لم يكن } اسم سبعين رجلا من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم(2).
وروي عن سالم بن سلمة قال: قرأ رجل على أبي عبد الله وأنا أسمعه حروفا من القرآن ليس مما يقرأه الناس. فقال أبو عبد الله: مه اكفف عن هذه القراءة واقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم، فإذا قام القائم اقرأ كتاب الله على حده(3).
পৃষ্ঠা ২৭
وروى الكليني وغيره عن الحكم بن عتيبة قال قرأ علي بن الحسين {وما أرسلنا قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث} قال: وكان علي بن أبي طالب محدثا(4) .
وروي عن محمد بن الجهم وغيره عن أبي عبد الله أن {أمة هي أربى من أمة} ليس كلام الله، بل محرف عن موضعه، والمنزل {أئمة هي أزكى من أئمتكم}.
পৃষ্ঠা ২৮
وقد تقرر عندهم أن سورة (الولاية) سقطت(1) وكذا أكثر {سورة الأحزاب}(1) فإنها كانت مثل {سورة الأنعام} فأسقط منها فضائل أهل البيت وأحكام إمامتهم. وأسقط لفظ {ويلك} قبل قوله تعالى {لا تحزن إن الله معنا}(1) وكذا أسقط لفظ {بعلي بن أبي طالب} بعد قوله تعالى {وكفى الله المؤمنين القتال}(1) وكذا لفظ {آل محمد} الواقع بعد {ظلموا} من قوله تعالى {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}(2) إلى غير ذلك من الأقوال والترهات.
পৃষ্ঠা ৩১
وأما العترة الشريفة فهي بإجماع أهل اللغة تقال لأقارب الرجل، والشيعة ينكرون نسبة بعض العترة كرقية وأم كلثوم ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم(3) .
পৃষ্ঠা ৩২
ولا يعدون بعضهم داخلا في العترة كالعباس(1) عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاده كالزبير بن صفية عمة الرسول صلى الله عليه وسلم بل يبغضون أكثر أولاد فاطمة رضي الله تعالى عنهم ويسبونهم كزيد بن علي بن الحسين الذي كان عالما متقيا(1) وكذا يحيى ابنه وكذا إبراهيم وجعفر ابني موسى الكاظم ولقبوا الثاني بالكذاب مع أنه من كبار أولياء الله تعالى.
ولقبوا أيضا جعفر بن علي أخا الإمام العسكري بالكذاب، ويعتقدون أن الحسن بن الحسن المثنى وابنه عبد الله المحض وابنه محمدا الملقب بالنفس الزكية ارتدوا وحاشاهم من كل سوء.
وكذلك يعتقدون في إبراهيم بن عبد الله وزكريا بن محمد الباقر ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ومحمد بن القاسم بن الحسن ويحيى بن عمر الذي كان من أحفاد زيد بن علي بن الحسين، وكذلك يعتقدون في جماعة حسنيين وحسينيين كانوا قائلين بإمامة زيد بن علي بن الحسين، إلى غير ذلك من الأمور الشنيعة التي يعتقدونها في حق العترة الطاهرة، نعوذ بالله من جميع ذلك، ونبرأ إليه جل شأنه من سلوك هاتيك المسالك.
فقد بان لك أن الدين عند هذه الطائفة الشنيعة قد انهدم بجميع أركانه وانقض ما تشيد من محكم بنيانه، حيث إن كتاب الله تعالى قد سبق لك اعتقادهم فيه وعدم اعتمادهم على ظاهره وخافيه، ولا يمكنهم أيضا التمسك بالعترة المطهرة بناء على زعمهم الفاسد من أن بعضهم كانوا كفرة.
طبقات الشيعة
وأما أحوال رجال أسانيدهم وطبقات أسلاف الشيعة، وأصول الضلالات كانوا عدة طبقات:
পৃষ্ঠা ৩৪
الطبقة الأولى: هم الذين استفادوا هذا المذهب بلا واسطة، من رئيس المضلين إبليس اللعين وهؤلاء كانوا منافقين، جهروا بكلمة الإسلام وأضمروا في بطونهم عداوة أهله، وتوصلوا بذلك النفاق إلى دخول في زمرة المسلمين والتمكن من إغوائهم وإيقاع المخالفة والبغض والعناد فيما بينهم، ومقتداهم على الإطلاق عبد الله بن سبأ اليهودي الصنعاني(1) الذي كان شرا من إبليس وأعرف منه في الإضلال والتضليل، وأقدم منه في المخادعة والغرور بل شيخه في المكر والشرور، وقد مارس زمانا في اليهودية فنون الإغواء والإضلال وسعى مجتهدا في طرق الزور والاحتيال فأضل كثيرا من الناس واستزل جما غفيرا أطفأ منهم النبراس، وطفق يغير عقائد العوام ويموه عليهم الضلالات والأوهام، فأظهر أولا محبة كاملة لأهل البيت النبوي، وحرض الناس على ذلك الأمر العلي، ثم بين وجوب لزوم جانب الخليفة الحق وأن يؤثر على غيره ، وأن ما عداه من البغاة فاستحسنه جم من العوام الغفير، وقبله ناس من الجهلة كثيرون، فأيقنوا بصلاحه واعتقدوا بإرشاده ونصحه.
ثم فرع على ذلك فروعا فاسدة وجزئيات كاسدة فقال: إن الأمير رضي الله عنه هو وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضل الناس بعده وأقربهم إليه، واحتج على ذلك بالآيات الواردة في فضائله والآثار المروية في مناقبه، وضم إليها من موضوعاته وزاد عليها من كلماته وعباراته.
فلما رأى أن ذلك الأمر قد استقر في أذهان أتباعه واستحكمت هذه العقيدة في نفوس أشياعه ألقى إلى بعض هؤلاء ممن يعتمد عليه أن الأمير وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم استخلفه بنص صريح، وهو قوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} الآية(1)، ولكن الصحابة قد ضيعوا وصيته عليه الصلاة والسلام وغلبوا الأمير بالمكر والزور وظلموه فعصوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وارتدوا عن الدين - إلا القليل منهم - محبة في الدنيا وطمعا في زخارفها.
পৃষ্ঠা ৩৬
واستدل على ذلك بما وقع بين فاطمة رضي الله تعالى عنها وبين أبي بكر رضي الله عنه في مسألة فدك(1) إلى أن ينتهي الأمر إلى الصلح. ثم أوصى أتباعه بكتمان هذا الأمر وعدم نسبته إليه وقال: "لا تظهروا للناس أنكم أتباعي لأن غرضي إظهار الحق والهداية إلى الطريق المستقيم دون الجاه والشهرة عند الناس".
فمن تلك الوسوسة ظهر القيل والقال ووقع بين المسلمين التفرق والجدال، وانتشر سب الصحابة الكرام وذاع الطعن فيهم من أولئك الطغام، حتى إن الأمير رضي الله عنه قد خطب فوق المنبر خطبا كثيرة في ذم هؤلاء القوم وأظهر البراءة منهم وأوعد بعضهم بالضرب والجلد.
পৃষ্ঠা ৩৭
فلما رأى ابن سبأ أن سهمه هذا أيضا قد أصاب هدفا واختلت ذلك عقائد أكثر المسلمين اختار أخص الخواص من أتباعه وألقى إليهم أمرا أدهى من الأول وأمر، وذلك بعد أن أخذ عليهم ميثاقا غليظا أن الأمير رضي الله عنه يصدر منه ما لا يقدر عليه البشر من قلب الأعيان، والإخبار بالمغيبات، وإحياء الموتى(2) ، وبيان الحقائق الإلهية والكونية، وفصاحة الكلام، والتقوى والشجاعة، والكرم، إلى غير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت، فهل تعلمون منشأ هذه الأمور؟
فلما أظهروا العجز عن ذلك قال لهم: إن هذه كلها من خواص الألوهية التي تظهر في بعض المظاهر، ويتجلى اللاهوت في كسوة الناسوت، فاعلموا أن عليا هو الله، ولا إله إلا هو.
فلما وصلت هذه المقالة إلى الأمير رضي الله عنه أهدر دماء تلك الطائفة وتوعدهم بالإحراق في النار، واستتابهم فأجلاهم إلى المدائن، فلما وصلوا إليها أشاعوا تلك المقالة الشنيعة.
পৃষ্ঠা ৩৮
وأرسل ابن سبأ بعض أتباعه إلى العراق وأذربيجان، ولما لم يستأصلهم أمير المؤمنين رضي الله عنه بسبب اشتغاله بما هو أهم راج مذهبه واشتهر وذاع وانتشر، فقد بدأ أولا بتفضيل الأمير(1) وثانيا بتكفير الصحابة، وثالثا بألوهية الأمير ودعا الناس على حسب استعدادهم، وربط رقاب كل من اتبعه بحبل من حبال الغواية، فهو قدوة لجميع الفرق الرافضة، وإن أكثر أتباعه وأشياعه من تلك الفرق يذكرونه بالسوء لكونه قائلا بألوهية الأمير ويعتقدون أنه مقتدى الغلاة فقط، ولذا ترى أخلاق اليهود وطبائعهم موجودة في جميع فرق الشيعة، وذلك مثل الكذب، والبهتان، وسب أصحاب الرسول (صلى الله عليه وسلم) وكبائر أئمة الدين وحملة كلام الله تعالى وكلام الرسول (صلى الله عليه وسلم) وحمل كلام الله تعالى والأحاديث على غير ظاهرها، وكتم عداوة أهل الحق في القلب، وإظهار التملق خوفا وطمعا، واتخاذ النفاق شعارا ودثارا، وعد التقية من أركان الدين، ووضع الرقاع المزورة(2) ونسبتها إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) والأئمة، وإبطال الحق وإحقاق الباطل لأغراض دنيوية. وهذا الذي ذكر قطرة من بحر وذرة من جبل. وإذا تفكرت في سورة البقرة وحفظت ما ذكر الله تعالى فيها من صفات اليهود الذميمة ترى جميعها مطابقة لصفات هذه الفرقة مطابقة النعل بالنعل.
পৃষ্ঠা ৩৯
الطبقة الثانية: جماعة ممن ضعف إيمانهم من أهل النفاق، وهم قتلة عثمان(1) وأتباع عبد الله بن سبأ الذين كانوا يسبون الصحابة الكرام، وهم الذين انخرطوا في عسكر الأمير وعدوا أنفسهم من شيعته خوفا من عاقبة ما صدر منهم من تلك الجناية العظمى، وبعض منهم تشبثوا بأذيال الأمير طمعا في المناصب العالية ورفعة المراتب فحصل لهم بذلك مزيد من الأمنية وكمال الطمأنينة، ومع ذلك فقط أظهروا للأمير رضي الله عنه ما انطووا عليه من اللؤم والخبائث فلم يستجيبوا لدعوته وأصروا على مخالفته، وظهرت منهم الخيانة على ما نصبوا عليه، واستطالت أيديهم على عباد الله تعالى وأكل أموالهم، وأطالوا ألسنتهم في الطعن على الصحابة.
وهذه الفرقة هم رؤساء الروافض وأسلافهم ومسلموا الثبوت عندهم، فإنهم وضعوا بناء دياناتهم وإيمانهم في تلك الطبقة على رواية هؤلاء الفساق المنافقين ومنقولاتهم، فلذا كثرت روايات هذه الفرقة عن الأمير رضي الله عنه بواسطة هؤلاء الرجال.
পৃষ্ঠা ৪০
وقد ذكر المؤرخون سبب دخول أولئك المنافقين في هذا الباب وقالوا إنهم قبل وقوع التحكيم(2) كانوا مغلوبين لكثرة الشيعة الأولى في عسكر الأمير وتغلبهم، ولما وقع التحكيم وحصل اليأس من انتظام أمور الخلافة وكادت المدة المعينة للخلافة تتم وتنقرض وتخلفها نوبة العضوض رجعت الشيعة الأولى من دومة الجندل التي كانت محل التحكيم إلى أوطانهم لحصول اليأس من نصرة الدين وشرعوا بتأييده بترويج أحكام الشريعة والإرشاد ورواية الأحاديث وتفسير القرآن المجيد، كما أن أمير المؤمنين رضي الله عنه دخل الكوفة واشتغل بمثل هذه الأمور، ولم يبق في ركاب أمير المؤمنين إذ ذاك من الشيعة الأولى إلى القليل ممن كانت له دار في الكوفة.
فلما رأت هاتيك الفرقة الضالة المجال في إظهار ضلالتهم أظهروا ما كانوا يخفونه من إساءة الأدب في حق الأمير وأتباعه الأحياء منهم والأموات، ومع هذا كان لهم طمع في المناصب أيضا لأن العراق وخراسان وفارس والبلاد الأخرى الواقعة في تلك الأطراف كانت باقية بعد في تصرف الأمير وحكومته، والأمير رضي الله عنه عاملهم بما عاملوه.
ولما كانت الروايات من أهل السنة في هذا الباب غير معتد بها لمزيد عدواتهم لفرق الشيعة على حد زعمهم، وجب النقل من كتب الشيعة المعتبرة مما صنفه الإمامية.
ولما نعى الأمير بخبر قتل محمد بن أبي بكر في مصر كتب كتابا إلى عبد الله بن عباس، فإنه كان حينئذ عامل البصرة، وهو مذكور في كتاب "نهج البلاغة" الذي هو عند الشيعة أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى:
পৃষ্ঠা ৪১