وقد ذكرنا: أنّ أهل طبرستان لا تتزوّج الجّارية منهم حتّى يستظهر بها حولًا كاملًا محرّمًا ثمّ يقدم بها فيخطبها إلى أهلها ثم يتزوّج بها، ويزعمون مع ذلك أنّهم يجدونها بكرًا، وقد عانقها في إزارٍ واحدٍ سنةً تامةً وهو لا يستظهر بها، ويحتمل وحشة الاغتراب، وانقطاع الأسباب إلاّ من عشق غالب. ولا يجوز أن تؤاتيه الجّارية إلا وبها شبه الذي به. وإنّ من أعجب العجب أن يمكثا متعانقين في لحافٍ واحدٍ ثمّ يحتجزان عن الزّنا تكرّمًا وتحرّجًا! وهذا التّكرّم عند علوج طبرستان من العجائب.
ومن قول سهيل بن هارون: ثلاثةٌ من المجانين وإن كانوا عقلاء: الغضبان، والعزبان، والسّكران. فقال له أبو عبيد الله الخليع: والمنعظ يا أبو عمرو؟ فقال: والمنعظ. وضحك وأنشد:
وما شرّ الثّلاثة أمّ عمرو ... بصاحبك الذي لا تصحبينا
قال الأصمعي: كان فتىً من ثقيفٍ شديد الحياء، كريمًا أديبًا، فبينا هو جالس، إذ مرّت به امرأةٌ من أجمل النّساء فلم يتمالك أن قام من الحياء من مجلسه ليعلم من هي، وأين تريد. وقد كلف بها واشتدّ عشقه لها، فاتّبعها حتى دخلت منزل أخيه فإذا هي امرأته، فضاق به الأمر ولم يدر ما يصنع، وكتم شأنه، وجعل ما به يزداد كل يومٍ حتّى
1 / 48