تمهيد: تاريخ المدينة في مؤلفات القرن الثاني والثالث
الهجريين:
كان القرن الثاني الهجري هو بداية ازدهار الحركة العلمية عند المسلمين وظهور الكتابة التاريخية حيث برز الاهتمام بتاريخ المدن الإسلامية وهو ما أطلق عليه فيما بعد التاريخ المحلي، فظهرت عناية المؤرخين بالمدينة المنورة لمكانتها الدينية والسياسية في ذلك الوقت فكتبت عدة مؤلفات عن المدينة، وكان لمؤلفيها شرف السبق في تناول تاريخ طيبة في كتب مفردة مما جعل لهذه المؤلفات أهمية كبيرة لدى المؤرخين الذين جاؤوا بعد العصور الأولى فكانت كتبهم تلك هي المصادر التي اعتمدها المؤرخون اللاحقون وأصبحت عمدة مؤلفاتهم.
وقبل أن نتعرف على تلك المؤلفات التي وضعت في تاريخ المدينة إبان القرنين الثاني والثالث الهجريين، يجب أن نلقي الضوء على بداية الكتابة التاريخية عند المسلمين، ودوافع التأليف التاريخي وارتباط التاريخ بالحديث، ثم كيف وصل المؤرخون لهذا النوع الجديد من الكتابة التاريخية وهو التأريخ المحلي للمدن وعلى الأخص التأليف عن تاريخ المدينة المنورة.
دوافع التأليف التاريخي عند المسلمين:
إن فطرة الناس تلح عليهم أن يتركوا وراءهم تاريخا، وإن هذه الأحداث الضخمة التي هزت العالم، وغيرت ميزان القوى تدعو لأن يضمها تاريخ.
ولكن لم يكن هذا وحده ما دفع إلى كتابة التاريخ الإسلامي، وما أعان على كتابة هذا التاريخ، فقد كان بجوار هذين الدافعين القويين دوافع أخرى، فخصائص الأمة العربية في فكرها وثقافتها كانت تعين على ظهور التاريخ، فهي أمة تميزت بالحفظ والرواية، وبالبلاغة والشعر، وبالحرص على الأنساب والفخر بها (1).
পৃষ্ঠা ১৪