قلت: هو ليس بأهون من إرجاع ضمير الآية السابقة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو إلى معاني القرآن بحذف المضاف، أو إلى ذكره المقدم، فما باله لا يلتزم ذلك، ويلتزم هذا.
الرابع:
إن غاية ما يثبت مما ذكره المستدل إطلاق القرآن على المعنى القائم بذاته تعالى، وأما كونه حقيقة فكلا، لم لا يجوز أن يكون إطلاقه على النظم الدال على المعنى حقيقة، وعلى المعنى المجرد مجازا، بل هذا هو الظاهر؛ لأن وضع الأسامي لا يكون بإزاء مجرد المعاني، بل يعتبر فيه خصوصية المباني.
كيف لا؛ ولو لم يكن كذلك لزم اتحاد القرآن والإنجيل والزبور والتوراة وغيرها من الكتب المنزلة من الرب الجليل؛ لاتحاد الصفة القائمة من حيث ذاتها، مع قطع النظر عن ألفاظها.
الخامس:
أنا سلمنا دلالة ما ذكره المستدل على كون القرآن حقيقة في الصفة القديمة، لكن لا يلزم منه أن يكون للنظم غير حقيقة، لم لا يجوز أن يكون مشتركا لفظيا وضع للنظم تارة وللمعنى تارة، وعلى هذا التقدير فإثبات أن المأمور به هو المعنى وحده في حيز الإشكال، وأن النظم ملغى في باب الصلاة في غاية الإعضال.
السادس:
سلمنا كل ذلك، لكن لا نسلم أن المأمور به ذلك، كيف فإن المأمور به في الصلاة هو قراءته لا مجرد إدراكه وتصوره، وظاهر أن المعنى المجرد الذي هو حقيقة القرآن لا تمكن قراءته باللسان.
فإن قلت: ليست حقيقة القرآن مجرد المعنى، بل المعنى المعبر عنه بأي لغة كان، والقراءة وإن لم يمكن تعلقها بالمعنى المجرد من حيث هو مجرد، ولكن يمكن تعلقها به من حيث اعتباره عموم نظمه.
পৃষ্ঠা ৭৪