... تلمس ذلك واضحا في توجيهات جناو بن فتى إلى وريون، فهو يقول له :» ولا ينجيك من الله إلا الحكم بما أنزل الله « (¬1) . ويقول : » فلم يكن الحكم إلى آراء الرجال - وقد أغناهم بما أنزل عن آراء الرجال (¬2) ..... وهو في أجوبته إلى كل من كتب إليهم يحرج على سائليه أن يفتوا من قوله بغير ما وافق كتاب الله وسنة رسوله، ويجعل الحكم إليهما وحدهما، ويطلب من عبدالقهار أن يسقط من أجوبته ما خالف الكتاب والسنة، وذلك قوله في آخر كتابه إلى عبد القهار :"ولم أجعلهم في حل من فتوى ما كتبت به إليهم إلا ما وافق كتاب الله وسنة نبيه عليه السلام. فإن رأيت تطلع ذلك وتسقط منه ما أرابك فافعل" (¬3) .
وهو لا يكاد يورد حكما في أجوبته هذه إلا مقترنا بدليله الناصع من الكتاب أو السنة، بما يسوقه من آيات الكتاب الكريم أو أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وروايات المسلمينن وأحكام الخلفاء الراشدين المهديين، مع التأكيد على امتثال أحكام ذلك الجيل الأول والإقتداء بسيرته. وما ذكرناه عن جناو بن فتى هنا يصدق على زميله عبدالقهار بن خلف.
ويظهر أن مادة هذه الأجوبة ترجع في أصولها إلى تابع التابعين، ونحن لا نجد ذكرا للفقهاء المقتدمين عدا جابر بن زيد وأبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة، مما يجعلنا نفترض أن جناو بن فتى خاصة، ينتمي إلى طبقة حملة العلم من إباضية المغرب الذين ذهبوا إلى البصرة من أطراف شتى من البلاد الإسلامية لتلقي العلم عن إمام الإباضية بالبصرة أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة.
পৃষ্ঠা ৫