قال : أما حد من حدود الله فلا يجوز لسلطان المسلمين تعطيله ولا تأخيره في حر ولا فى عبد. وأما أدب فليس فيه شيء مؤقت، غير أنه يقال : من بلغ الحد فى غير كنهه فعليه لعنة الله . وأدنى الحدود خمسون جلدة لقول الله تعالى فى الإماء : { فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } (¬1) . والتعزيز دون الحد. وهو أكثر من الأدب ولا يبلغ به خمسون. والأدب أقل من ذلك، وإنما هو على قدر الذنب والتمرد، فالمتمرد المعروف بالأذى ليس كمن عثر عثرتين أو ثلاثا. وينبغي أن يعفى عن صاحب الزلة إذا لم يعرف له قبل دلك إلا هذه، فالعفو عن هذا أحسن وأقرب للتقوى. والأدب عظة له ولغيره لكي لا يتمادى. ولا يعرف له وقت، منه ثلاثا أو أربعة إلى عشرة أو إثني عشر، ومنه ما يحبس به حتى تؤمن بوائقه، وهكذا باجتهاد النظر من أحكام لقطع الفساد وإصلاح العباد ممن يغضب لله ويرضىلله، ويقول لله ويعمل لله مخلصا لا يريد بذلك علوا ولا أن يهاب : { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له } (¬2) في شيء من عملي، وإنما أمرت أن أعبد الله مخلصا له ديني. { ألا لله الدين الخالص } (¬3) . فأحسنوا نياتكم وضمائركم، وليكن العفو أكبر همتكم وهواكم، لأن عمر قال : لأن أخطأ في العفو أحب من أن أخطأ في العقوبة. وقد قال الله لأكرم الأمة : { خذ العفو وامر بالعرف وأعرض عن الجاهلين } (¬4) وقال { فبما رحمة من الله لنت لهم } (¬5) فدله على مكارم الأخلاق ليشغل به أمته فقال بعد ما أقام فيهم سنين وعرفوا أدبه وحاله : { لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة }.
(
পৃষ্ঠা ৪০