عبدالقهار بن خلف، وكل ما يمكن أن نستخلصه عنه هنا أنه من العملماء النابهين الذين يتمتعون بمكانة مرموقة بين أقرانهم علما وعملا. وهو فيما يظهر من مواطنى مدينة (سبها) والتي وردت الاشارة اليها أكثر من مرة في أجوبته-وظاهر الأمر أنه بربري الأصل، نستظهر لذلك بما ورد في رسالته من أسماء، فهو يذكر عمته أخت أبيه باسم أميمة بنت الحباب، واسم أبيه خلف، وهذه أسماء عربية صحيحة لا تشوبها عجمة، وهي خاصة تميزها عن بقية الأسماء التي وردت في هذه الأجوبة، والتي تلتقي جميعا في عجمة بعضها مثل وريون ( وزيون ) وجناو، وأسدين، ومصطار وعبيدس وعبدوس، ونحن لا نستبعد فرضية عربية عبدالقهار فهناك إشارة صريحة في كتب الرحلات المتقدمة أن بعض مناطق فزان مثل ودان وزويلة وغيرها كان يقطنها قبائل شتى من حضرميين وسهميين ووافدين من الكوفة والبصرة وخراسان (¬1) . ونحن نرجح أن يكون عبدالقهار من هذه الأسرة التي تنتمي في أصلها القديم إلى بعض القبائل العربية التي وفدت مع جند الفتح في زحفهم المبكر إلى هذه الديار ...
ويبدو أن عبدالقهار كان يرتبط بصلة وثيقة بالشيخ جناو بن فتى والظاهر أن جناو كان أستاذا لعبدالقهار، وكان يعقد عليه آمالا كبيرة في أن يحيي لقومه آثار سلفهم المهتدين ويكون لهم منارا (¬2) .
وهو معنى يؤكده مرة أخرى عندما يقول له في جوابه : " فوددت لقياك للمناظرة والمذاكرة والتفقه في الكتاب والسنة مع ما يرجى في المشاورة من عزم الله لهم لأهل المشاورة في الدين من إرشادهم في أمورهم" (¬3) . وهذا المعنى يؤكده أيضا مضمون رسالة إلى أبي الحسن وريون إلى عبدالقهار، حيث يطلب إليه أن يأخذ بحضه من الإسلام وإلا يستغني عن أموره، ويطلب إليه أن يكون له عينا على قاضي شباهة (سبها) وأن ما رأى منه من خير أو شر أعلمه بذلك (¬4) .
পৃষ্ঠা ১৮