مثل هذا الهذيان، إلا إذا أرادوا الرد على أهله أو إنقاذ من تشبث بذلك من ضعفة المسلمين ليقوه من الهلاك الأبدي والخزي السرمدي، فلا بأس بذلك، بل قد يجب إن ظن بذلك حصول الفائدة.
وقد تقدم لنا في جواب السؤال عن كيفية وسوسة الشيطان أنه يجب على المسلم أن يكف نفسه عن اتباع أقوال غير أهل الإسلام مما فيه مخالفة للدين، وأي مخالفة أعظم من مخالفة صاحب هذا القانون، حيث خالف صريح القرآن وسنة سيد ولد عدنان، القاضيين بأن الإنسان خلق من أول وهلة على أكمل صورة وركب على أحسن تركيب.
ولنمهد لك تمهيدا قبل ذكر بعض الآيات والأحاديث الدالة على ما ذكرته، وذلك أن لفظ إنسان يطلق تارة على آدم ﵊، وتارة على ذريته، وتارة على النوع؛ لوجود الاستثناء في ذلك التركيب، والاستثناء معيار العموم، فمن الإطلاق الأول والثاني قوله تعالى ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ﴾، ومن الثالث ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.
فالإنسان بمعنى الذرية لا يمكن حمل كلام هذا القائل عليه؛ لأن العيان يكذبه، والمشاهدة تنبذه، والنوع غير مراد له أيضا، فلم يبق معنا إلا الإطلاق الأول، والرد فيه على هذا القائل أوضح إن كان معترفا بالإله الفاعل المختار، حيث إن الأخبار على كمال خلقته وحسن صورته من أول نشأته صادرة من خالقه ومصوره، مَنْ تُنَزَّهُ عن الكذب أخباره، وصادرة أيضا من رسول رب العالمين، مَنْ تُنَزَّهُ عن الكذب أخباره؛ كما سطر ذلك في أصول علم الدين.
أما أخبار الله تعالى فهي قوله
1 / 39