اجتمع طائفة بصنعاء من أمراء وضباط العساكر التركية والمأمورين آل بيت دائرة البرق والبريد بالقرب من قصر صنعاء وطلبوا من فيضي تسليم معاشاتهم المتراكمة وأشعروه بأنهم سيحدثون فتنة عظيمة بصنعاء إن لم يسلم مطلوبهم وسحبوا برقيات إلى السلطنة وتحصنوا بتلك الدار، فأرسل المشير عسكرا لترتيب ما حول الدار من جميع الجهات، وامتنع مرور الناس من ذلك الشارع إلى الميدان حتى أرضى الوالي بعض أولئك الضباط وأمن الناس شرورهم، ووصل نحو مائتين من عساكر الأتراك الذين ببلاد عمران يريدون ترخيصهم للعودة إلى بلادهم وأكثرهم عرب من بلاد الشام خرجوا رديفا لمدة معلومة قد كانت انتهت، فامتنع فيضي عن ترخيصهم، فحطوا حول مسجد فروة بن مسيك شمالي سور مدينة صنعاء ونهبوا ما في بعض البيوت القريبة منهم من بيوت أهل شعوب. وفر بعض العسكر من خولان العالية ووصلوا بخيامهم فنصبوها جنوبي العرضي المعروف جنوبي سور صنعاء وأشعروا بمباينة المشير إن لم يكن ترخيصهم للسفر إلى بلادهم.
ودخلت من العرضي نحو ثلاثة توابير من العسكر النظام إلى صنعاء وقبضوا الجامع الكبير فيها وأخرجوا من فيه من المصلين وغيرهم ووضعوا الخفير منهم بالسلاح على بابه بمنع كل من أراد الدخول إليه أو المرور من بابه وأقاموا فيه نحو نصف شهر حتى أرضاهم فيضي وكان ترخيصهم. ودخل جماعة منهم مسجد صلاح الدين بصنعاء، ولبثوا فيه كذلك وكان إقدام جماعة من العسكر على بعض الدكاكين بصنعاء وتخطف بعضهم ببعض أسواقها فعجز فيضي عن كف عدوانهم وأشار إلى بعض العرب أن يكون دفع أهل صنعاء لهم بما يتم به اندفاعهم عنهم، فثار عليهم أهل الأسواق وبعض العامة وتتبعوا كل من وجدوه بالأسواق من النظام بالرجم بالحجارة والضرب بالعصى حتى أشبعوهم رجما وضربا وضايقوهم إلى أن أرجعوهم إلى العرضي على أسوأ الأحوال. وانتهت المراجعة فيما بينهم وبين فيضي على تراخيصهم.
وثارت الأرنوط من العسكر الرديف فقبضوا محيي الدين باشا صهر المشير ورسموا عليه بصنعاء وطلبوا الإذن لهم وترخيصهم للسفر وإلا كان عزمهم بدون رخصة وهو معهم، وفعلا كان عزمهم بدون رخصة ومعهم محيي الدين باشا وهم يرمون في أزقة صنعاء وغيرها ببنادقهم إلى الهواء إرهابا، وتلقتهم الهيأة الواصلة في العام الآتي في طريق الحديدة ومحيي الدين باشا معهم ثم أطلقوه. وثار العسكر الرديف الذين بالحديدة كذلك حتى كان ترخيص الجميع وعودهم إلى بلدانهم.
পৃষ্ঠা ১০২