فتقدم العم زكريا لفض المشكلة بالحسنى، فخاطب سعيدا قائلا: «أشكرك يا مولاي. والمعلم إسطفانوس يشكرك أيضا على غيرتك وتفضلك، ولعلك تعرف علاقته بسيدي، فإننا جميعا في ضيافته اليوم.» ثم وجه خطابه إلى إسطفانوس قائلا: «وأظنك يا مولاي تعلم أن المهندس سعيدا من أبناء طائفتنا وهو جارنا في المنزل وعزيز على سيدي ولم يتصد لك إلا لأمر أنت ...»
فقطع إسطفانوس كلامه وعمد إلى المداجاة والملاينة قائلا: «قد علمت أنه من طائفتنا وإن كان مقيما مع أبي الحسن. ولكنه لم يمهلني حتى أفهمه مرادي، فنحن إذن أصدقاء.» وضحك.
فأتم العم زكريا كلامه: «وأما سيدتي دميانة فإنها ستبقى هنا لحضور قداس الأسقف الليلة، وأنا معها ولا خوف عليها.»
فقال: «إذا كان الأمر كذلك فقد انقضت مهمتي، وها أنا ذا راجع لأخبر صديقي المعلم مرقس بذلك.» والتفت إلى سعيد، وقال: «أنا ذاهب يا صاحبي، فهل باق أنت هنا؟»
فاستغرب سعيد ما رآه من جبنه وذله وصغر نفسه، وأجابه بلا اكتراث: «نعم أنا باق.»
فخرج إسطفانوس ولسانه يقول: «أستودعك الله.» وقلبه يضمر الحقد وتدبير الأذى لسعيد.
وظل هذا واقفا حتى خرج إسطفانوس ثم هز رأسه والتفت إلى دميانة وقال: «إنه لخلق غريب هذا هو منافسي فيك، وكنت أود البقاء في خدمتك إلى آخر الليل لولا اضطراري إلى العودة للسفينة، وقد غابت الشمس وأخاف أن يغضب الوالي وأنت لا ترضين أن يغضب.»
فوقعت دميانة في حيرة وقد زاد احتقارها إسطفانوس واحترامها سعيدا، وقالت: «لا أريد أن يغضب الوالي، سر في حراسة الله.»
فأدرك من لحن صوتها أنها لم تقل كل ما في خاطرها، فنظر إليها وعيناه تتكلمان وهي تجيبه بعينيها، وكلاهما يحاذر أن يلحظ الناس حاله. ولولا اشتغال الجميع بشئونهم لم تتح لهما فرصة للكلام. فلما رأته دميانة ينظر في عينيها أدركت أنه يستفهمها عن مرادها، فقالت ثانية: «سر في حراسة المولى ورعاية السيد المسيح.»
قال: «فهمت ذلك من قبل ولكنني أحسبك تضمرين شيئا آخر.»
অজানা পৃষ্ঠা