আহমদ উরাবি জাসিম মুফতারা আলাইহি
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
জনগুলি
يشير فيه إلى منهاج حكومته، فذكر أنها تقوم على أساس الاعتراف بحقوق السلطان والامتيازات التي حصلت عليها مصر، والاعتراف بالخديو حاكما دستوريا، والتسليم بقاعدة المراقبة الثنائية، ثم إنكار كل اتجاه ثوري، ومنح الحرية الدينية والسياسية لجميع سكان البلاد، والسير على قاعدة الحكومة المسؤولة أمام مجلس نيابي ...
ولم يكن في الإمكان يومئذ السير على منهاج أفضل من هذا المنهاج الحكيم، الذي كان خليقا أن يبعث الطمأنينة في نفوس الساسة من الدولتين، وكذلك لم يكن هناك برهان على حسن نيات الوطنيين أقوى مما نشرته التيمس لمستر بلنت وهو شاهد عدل من الإنجليز للمصريين ...
ولكن المسألة لم تكن مسألة اقتناع، وإنما كانت نية مبيتة، وهيهات أن تجري الأمور في السياسة على الإقناع والاقتناع، فدوافع الأقوياء إلى العمل في ذلك المضمار أطماعهم، وبرهانهم أسلحتهم، وما يكون الكلام إلا تعلة الضعيف، وما أشبه كلام الضعفاء في مثل هذه المواقف بصراخ الفريسة قبل تمزيقها ...
ويذكر بلنت سببا لانحياز إنجلترا إلى فرنسا فيقول: إن إنجلترا كانت تسعى إلى عقد معاهدة تجارية مع فرنسا فيها فائدة كبيرة للتجارة الإنجليزية، ومن أجل ذلك هاودت إنجلترا فرنسا، وطاوعتها فيما تقترح في شؤون مصر، فباعت إنجلترا بذلك مصر إلى فرنسا ...
وما نظن أن إنجلترا كانت من الغفلة بحيث تتنازل عن أغراضها في مصر من أجل مثل هاتيك المعاهدة التجارية، وإنما الذي نفهمه أن إنجلترا كانت تراوغ فرنسا لتفوز بهذه المعاهدة ثم تقف من فرنسا بعد ذلك فيما يتعلق بمصر موقف الاتفاق في الظاهر، بينما تعمل في الباطن وفق ما تمليه عليها أطماعها، ومما يؤيد ما نقول التحفظ الذي أبدته إنجلترا وأقرته فرنسا ومؤداه «أن الحكومة الإنجليزية يجب ألا تعد مقيدة بسبب هذه المذكرة بسلوك خطة خاصة إذا ما بدا لها أن العمل ضروري». ولسوف نرى من سياسة إنجلترا في مصر ما يؤيد ما نقول.
تم الاتفاق بين الدولتين، وكان المجلس في مصر كما تقدم يخالف الوزارة في مسألة الميزانية، وكان بعض الوطنيين يعملون على الخروج من المأزق بالحسنى، ولاحت في أفق السياسة بوادر انكشاف الغمة ...
وما أشد ما نحسه من ألم ومن غيظ أن نذكر أن البلاد ما لبثت أن تلقت من الدولتين في اليوم الثامن من شهر يناير سنة 1882 تلك الصيحة المشؤومة التي سميت بالمذكرة المشتركة، والتي قل أن نجد في التاريخ السياسي ولا فيما يحكى للأطفال من خرافات مثالا أوضح منها لتحكم القوي في الضعيف واستهتاره به في غير حياء أو تحرج ... وحسبك أن تقرأ هذا الكلام الذي بعثت به إنجلترا وفرنسا زعيمتا الحرية والديموقراطية! جاء في المذكرة
4 «إن الحكومتين الإنجليزية والفرنسية تريان أن بقاء سمو الخديو على العرش بالشروط التي قررتها الفرمانات السلطانية واعترفت بها الحكومتان رسميا هو الضمانة الوحيدة في الحاضر والمستقبل لاستتباب النظام في مصر واطراد رخائها، وهما الأمران اللذان تهتم بهما فرنسا وبريطانيا العظمى، وإن الحكومتين اللتين اتفقتا اتفاقا تاما في عزمهما على أن تمنعا كل أسباب الارتباك الداخلية والخارجية التي يمكن أن تهدد النظام القائم بمصر، لا يداخلهما ريب في أن جهرهما بما عزمتا عليه رسميا في هذا الأمر سيحول دون الأخطار التي تتعرض لها حكومة الخديو والتي لابد أن تقاومها فرنسا وإنجلترا معا، وإن الحكومتين لتثقان بأن سموه سيستمد من هذا التأكيد ما يحتاج إليه من الثقة والقوة لتدبير شؤون بلده وشعبه.»
وأي كلام يمكن أن يعبر عما تنطوي عليه هذه المذكرة من لؤم وفجور؟ ما معنى الإشارة إلى بقاء سمو الخديو على العرش؟ وما شأن الدولتين حتى تهتما بهذا الأمر؟ وبأي حق تضطلعان بمنع أسباب الارتباكات الداخلية والخارجية؟ وعلى أي أساس يقوم ادعاؤهما وجود هذه الارتباكات؟ وكيف يجوز أن يعتمد الخديو عليهما، ويستمد الثقة منهما مع وجود السلطان؟
هذه هي المذكرة المشتركة التي أشار إليها بلنت بقوله: «هذه المذكرة المشؤومة التي إليها يرد كل ما وقع من المصاعب أثناء ذلك العام، والتي أفقدت مصر حريتها كما أفقدت جلادستون شرفه، وكما أفقدت فرنسا نفوذها في وادي النيل.»
অজানা পৃষ্ঠা