আহমদ উরাবি জাসিম মুফতারা আলাইহি
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
জনগুলি
وأخذ شريف المسألة من الناحية العملية، فلم يشايع النواب في نظرياتهم، وأخذ يطلب إليهم الأناة والحذر، ويريهم عواقب التطرف والتعجل، ولكنهم لم يلتفتوا إليه، وظهرت في الوزارة نفسها بوادر التفكك، فلقد كان البارودي يطمع في الحكم بعد شريف، فكان لذلك يؤيد الوطنيين في موقفهم سرا.
وكان سلطان باشا رئيس المجلس ينقم على شريف أن لم يسلكه في سلك وزارته؛ فوجد في الخلاف القائم فرصة ينال بها من شريف، فسرعان ما اتهم شريف بالاعتدال، ثم حمل اعتداله على الجبن والضعف. ثم بلغ الأمر حد اتهامه بالخيانة ...
ووقف شريف يواجه العاصفة في صبر وجلد، وهو يؤمل أن يجنح النواب إلى السلام والاعتدال، واقترح عليهم تأجيل النظر في هذه المسألة حينا، ونشط الشيخ محمد عبده في معاونة شريف، وكان مما ذكره في هذا الصدد قوله: «لقد ظللنا ننتظر حريتنا مئات السنين أفيصعب علينا أن ننتظرها بضعة شهور أخرى؟»
ثم بدا على الأفق بعد حين ما يبشر بقرب انكشاف الغمة، فلقد أخذ النواب يتدبرون في عاقبة هذا التشدد، وبدأ العقل يتغلب شيئا فشيئا على العاطفة.
وخيل لشريف أن الأزمة بسبيل أن تحل، ولو أنه اطلع على الغيب لعلم أنها كانت تتضاعف ويشتد خطرها لتتخذ في النهاية الوضع الذي سوف يغير تاريخ هذه البلاد!
لمح الصائدون في هذه العاصفة الفرصة المرتقبة! ... وهيهات أن يضيع هؤلاء فرصة طال بهم انتظارها، إن الخلاف قائم بين الوزارة والمجلس فليعملوا على زيادة هذا الخلاف، وليدفعوا بالخديو ليخطو أول خطوة بعد يوم عابدين ضد الحركة الوطنية فيخسر بذلك الوطنيين والعسكريين جميعا، ويفقدوا هم الثقة فيه كل الفقد فيقرب بذلك من الأجانب أو على الأصح يزداد قربا منهم.
ولن يعدم الإنجليز وحلفاؤهم أن يخلقوا ألف مبرر لما يفعلون، ومن أيسر الأمور عليهم أن يعلنوا أن البلاد تشيع فيها الفوضى، وأن الأجانب ومصالحهم تكتنفهم الأخطار من كل صوب، وأن الخديو بات يخشى على عرشه ولا مخرج له مما هو فيه، بل ولا مخرج لمصر مما هي فيه من خلل وارتباك إلا أن يضرب على أيدي الثائرين المفسدين في الأرض ...
ومن غريب أمر هؤلاء الإنجليز أنهم بينهم وبين أنفسهم غيرهم بينهم وبين الشعوب الشرقية، فهم لا يقبلون من هذه الشعوب ما يعدونه عندهم من مفاخر الإنسانية، وإنهم ليرمون أهل هذه الشعوب بأشنع التهم وأقساها، فالتألم من المظالم التي تنصب على رؤوسهم تمرد، والسعي إلى الحرية فوضى وهمجية، والدفاع عن البلاد وذب الدخيل عنها وحشية وإجرام! ... على أن هذه سنة الحياة بين القوي والضعيف منذ كان الإنسان يتخذ سلاحه من الحجر وينحت مأواه في الجبل ...
ولقد كانت الدولتان تعملان على الكيد للحركة الوطنية في مصر قبل انعقاد المجلس، وكانت بينهما مراسلات في هذا الصدد، وكانت فرنسا هي المحرضة هذه المرة! فرنسا التي كانت سياستها منذ فشل الحملة الفرنسية تدور على مناوأة النفوذ الإنجليزي في مصر! ...
ولي المسيو ليون جمبتا أمر وزارة الخارجية في فرنسا في شهر ديسمبر سنة 1881، فسرعان ما اتصل بوزير خارجية إنجلترا اللورد جرانفل محدثا إياه في شأن مصر، مبينا له وجوب تضامن الدولتين في العمل إزاء ما يجري هناك من أمور.
অজানা পৃষ্ঠা