আহমদ উরাবি জাসিম মুফতারা আলাইহি
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
জনগুলি
لندع عرابيا في رأس الوادي، ولننظر ماذا كان من أمر شريف ووزارة شريف. وهنا نبادر إلى القول بأن هذه المرحلة من تاريخ مصر الحديث كانت أهم المراحل جميعا منذ الحملة الفرنسية، وأدقها وأبعدها أثرا فيما هي مقبلة عليه بعد من مراحل ...
ظن الناس أن قد انجلت الغاشية على نحو ما صور بلنت ولكنهم لم يكونوا يعلمون، أو لم يكن يعلم إلا القليلون منهم أن وراء هذا الصفو كدرا، وأن سماء السياسة كانت يومئذ كسماء الطبيعة تصفو هنيهة لتتلبد بعدها بالسحب المركومة، ولتتلاقى في جوانبها أبابيل سود من الغربان الناعبة فتكون حلكتها بعد الصفو أقبح ما تكون منظرا، وأشد ما تكون إيلاما للنفوس وإزعاجا للخواطر.
وكيف كان يرجى دوام الصفاء وقد كانت الشباك منصوبة، وقد أخذ الصائدون يدفعون الفريسة إليها دفعا بعد أن أعياهم الأمر فلم يستطيعوا أن يأخذوها بالحيلة، أو أن يعصبوا عينيها كما كانوا من قبل يفعلون؟!
كيف كان يرجى الصفاء، وقد كان الخديو يضمر عكس ما يظهر كأن لم يكفه ما أصاب البلاد من جراء سياسته وتنكره للحركة الوطنية، وإيجاده بما فعل الثغرة التي كانت تنفذ منها الثعالب وبنات آوى إلى صميم حركتها وقلب نهضتها؟!
وما أشبه توفيقا في ذلك الموقف بل في أكثر مواقفه كما أسلفنا بملك فرنسا لويس السادس عشر، ذلك الملك الذي كان يدفع الثورة في بلاده دفعا، والذي يعزى إلى سياسته الملتوية المذبذبة أن تنكبت تلك الثورة منهاجها السلمي العاقل، واندفعت في سبيل جرت فيها الدماء، وتجمعت على جانبيها الأشلاء.
ظهر ذلك الملك للنواب أول الأمر في جلد الأسد، ثم ما لبث أن استخزى بعد وثبة ميرابو، ولكن الشائعات طافت بأهل باريس أن الملك أخذ يستعد ويجمع حوله الجند، فما لبث أن جرت الدماء في باريس ودك الناس الباستيل رمز العبودية والجبروت، ثم رأى أهل باريس بين الدهشة من الملك والزراية عليه والتهزؤ به أنه يركب في جماعة من النواب كان في مقدمتهم ميرابو فيزور باريس ويطوف بأنحائها، ويمر بخرائب الباستيل مظهرا عطفه على الثورة والثوار، ولكنه يعود بعد ذلك فيأتي من معاني التحدي والنزق ما يجعل الشعب يذهب فيقتحم عليه غرف قصره في فرساي ويعود به إلى باريس ليكون رهينة فيها، ويتم الدستور فيرفع إليه فيوافق عليه. ولكن ريثما يعد العدة للهرب، ثم يضبط المسكين وفد أوشك أن يجتاز الحدود فيقضي عليه هذا العمل، وتمضي الثورة في طريقها مجنونة لا تلوي على شيء حتى تأكل آخر الأمر نفسها.
ولقد كان توفيق يسلك تجاه الثورة العرابية مسلك لويس تجاه الثورة الفرنسية مع فارق واحد، وهو أن الخديو، كان من ورائه الإنجليز، فلما لجأ إليهم توفيق كما هرب لويس لم يقض هذا العمل عليه، وإنما قضى على مصر ...
تخلص توفيق من رياض وقد كان يسعى إلى التخلص منه. فكيف كان يريد أن يسلك مع شريف مسلكه مع رياض ولقد كان الفرق بين الرجلين هو الفرق بين الديمقراطية والاستبداد؟!
عادت الظروف من جديد تبين للخديو بأجلى وضوح أن الطريق الوحيد هو الانضمام إلى الحركة الوطنية ومشايعتها في صدق وإخلاص، ففي ذلك منجاته من تطرف هذه الحركة وجموحها، وفي ذلك منجاة البلاد من تدخل الأجانب باسم المحافظة على عرش الخديو، ثم من احتلال البلاد باسم القضاء على الفتن والقلاقل ...
ولكن الخديو تنكب هذا الطريق فدفع تيار الثورة بمسلكه هذا ليعج عجاجه، وليس في نفسه الآن إلا أن يتخلص من هذه الحركة الوطنية التي وضعت السلطة موضعها الطبيعي في يد الأمة ...
অজানা পৃষ্ঠা