আহমদ উরাবি জাসিম মুফতারা আলাইহি
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
জনগুলি
نجحت حركة عرابي أتم نجاح وأجمله، وتهيأت البلاد لأن تستقبل عهدا يسود فيه الإصلاح والنظام، فلقد كان قبول الخديو مطالب عرابي التي أشرنا إليها ينطوي على معنى عظيم، ألا وهو موافقة حاكم البلاد على التخلص من الحكم الاستبدادي الرجعي، والعودة إلى حكم الحرية الدستورية الذي سبق أن وافق عليه يوم تبوأ عرشه ثم عاد فتنكر له حين اطمأن في مصر إلى كرسيه.
وراحت مصر تستقبل في تاريخها حقبة من أسعد الحقب، فلقد نالت أمانيها دون أن تراق نقطة دم، وخرجت سالمة آمنة من ثورة جديرة بأن توضع إلى جانب أهم الثورات التي قصد بها الحرية في تاريخ الإنسانية، ثورة جديرة بأن توضع إلى جانب ثورة سنة 1688 في إنجلترا وإلى جانب الثورة الأمريكية والثورة الفرنسية الكبرى ... •••
ولولا ما كتبه عنها المغرضون المبطلون من الأجانب. وما ضربه الاحتلال على الآذان والقلوب فحال بين المصريين وبين تاريخ قوميتهم الحقيقي لكان لتاريخ هذه الثورة شأن غير هذا الشأن في هذا البلد المسكين ...
وصف بلنت تلك الأيام السعيدة بقوله:
6 «إن ثلاثة الشهور التي أعقبت هذا الحادث لهي من الوجهة السياسية أسعد الأيام التي شهدتها مصر، ولقد ساعدني الحظ بمشاهدة ما جرى فيها بعيني رأسي، فلم أتلق معلوماتي عنها بطريق السماع، ولو كان ذلك لشككت في حقيقتها. إني لم أر في حياتي ما يشبه هذه الحوادث، وأخشى ألا أرى مثلها في المستقبل. إن كل الأحزاب الوطنية وكل أهالي القاهرة قد اتفقت كلمتهم هنيهة من الزمن على تحقيق هذه الغاية الوطنية الكبرى، لا فرق في ذلك كما يظهر بين الخديو والأمة، وسرت في مصر رنة فرح لم يسمع بمثلها على ضفاف النيل منذ قرون، فكان الناس في شوارع القاهرة حتى الغرباء منهم يستوقف بعضهم البعض يتعانقون وهم جذلون مستبشرون بعهد الحرية العظيم الذي طلع عليهم على حين غفلة طلوع الفجر إثر ليلة مخيفة حالكة الظلام.» ...
ولم يقتصر أمر هذه الفرحة الوطنية على القاهرة، وإنما حملتها الصحف إلى المستنيرين في الأقاليم تبشر الناس بعهد جديد يشرق على البلاد فجره، تجد ذلك في قول بلنت: «وقد أذاعت الصحف هذه الأنباء في سرعة، وقد تحررت من كثير من قيودها تحت رقابة الشيخ محمد عبده المستنيرة تحررا لم يصل إلى مثله من قبل، واستطاع الناس آخر الأمر أن يلتقوا ويتحادثوا غير خائفين في كل جهة من جهات الأقاليم لا يخشون من الجواسيس ولا من تدخل الشرطة، وسرت هذه الروح السعيدة إلى كل الطبقات من المسلمين والمسيحيين واليهود، وشملت رجالا من كل دين ومن كل جنس، ومن هؤلاء عدد غير قليل من الأوربيين الذين اشتدت صلتهم بالحياة المصرية، حتى القناصل أنفسهم لم يسعهم إلا أن يعترفوا أن العهد الجديد كان خيرا من القديم، وأن رياضا ارتكب أخطاء، وأن عرابيا إن لم يكن مصيبا في كل شيء فهو على الأقل لم يكن مخطئا في كل شيء.»
رجل أمة
اغتدى اسم عرابي على كل لسان في مصر، فعلى يديه تم الانقلاب المنشود، وإليه نسب كل فضل، وأصبح الناس في القاهرة وفي القرى يتحدثون في إعجاب عظيم عن الفلاح ابن الفلاح الذي أسمع الخديو كلمة مصر في إباء وعزة، وأجبره على أن يجيب الأمة إلى ما طلبت ...
ومن السهل على المرء أن يتصور وقع هذه الأنباء في الناس في عصر كذلك العصر، فقد تناقل الناس كلمات عرابي للخديو وهم لا يكادون يصدقونها، ومن السهل كذلك أن يدرك المرء كيف اغتدى بحق عرابي في مصر رجل أمة، فقد اجتمع فيه رجالها، وأضحت تتفاخر به لأنه من صميم فلاحيها، ولأنها باتت تحتمي به وتحس إحساسا واضحا أن الرجل الذي كانت تتطلع إلى ظهوره كما تتطلع كل أمة في مثل موقفها، قد تهيأ لها في شخصه آخر الأمر ...
ولقد نبه اسم عرابي وحقت له الزعامة عقب حادث قصر النيل، فلما كان يوم عابدين، وثق الناس من بطولته وركنوا إلى زعامته، واستمدوا حميتهم من حميته، وباتوا يربطون مصيرهم بما يفعل أو يقول ...
অজানা পৃষ্ঠা