আহমদ উরাবি জাসিম মুফতারা আলাইহি
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
জনগুলি
ولعله كذلك خيل إليه أنه قادر بالقمع والعنف على أن يحكم البلاد، ولذلك رصد عيونه يتعقب الساخطين من الخاصة، وكان يشتبه في كل حركة ويخاف من أقل بادرة ...
وأنزل العقاب الشديد بمن يعارض سياسته، ومن ذلك ما حل بالسيد حسن موسى العقاد، الذي كان كل ذنبه أن دعا الناس إلى التوقيع على مظلمة ترفع لولاة الأمر مما وقع على الناس من غبن بإلغاء دين المقابلة، وكان جزاؤه على ذلك النفي إلى فازوغلي بالسودان، ومنه أيضا ما لحق الفريق شاهين باشا كنج الوزير السابق؛ فقد جرد من رتبه وألقابه لمجرد اتهامه أنه يتصل بالوطنيين الناقمين ... •••
وتعقب رياض الصحف بالتعطيل الوقتي والإنذار والإلغاء، بتهمة إثارة الرأي العام، ومنها جريدتا: «مصر، والتجارة»، وقد جاء في قرار الوزارة بإلغائهما قولها: «حيث سبق صدور الإنذارات مرارا عديدة وتنبيهات شفاهية من إدارة المطبوعات إلى أصحاب الجرائد الأهلية عموما، وإلى صاحب امتياز جريدتي «مصر، والتجارة» خصوصا بعدم خروجهم عن حدود وظائفهم ولا ينشرون ما يوجد تشويش الأفكار، صدر له آخر إنذار بأنه إذا رجع لمثل ذلك، فتلغى جريدتاه بالكلية، وحيث إنه بعد هذا الإنذار لم يترك مسلكه الأول لما نشره في جريدة التجارة نمرة 123 الصريح في أنه لا يرجع عما هو عليه، وحيث ما اعتادت على نشره هاتان الجريدتان ضرره أكثر من نفعه، اقتضى الحال صدور الحكم بإلغائهما مؤبدا.»
وتناول بطش رياض غير هاتين من الصحف فلم تنج في عهده صحيفة من التعطيل أو الإلغاء أو الإنذار.
أدت هذه السياسة التي جرى عليها رياض، إلى أن ينشط الناقمون في العمل على مقاومته والتخلص من حكمه، وكان هؤلاء الناقمون هم قادة الحركة الوطنية الذين كانوا يجتمعون منذ أواخر عهد إسماعيل أي قبل ذلك بنحو أربعة أعوام في بيت نقيب الأشراف السيد البكري، ونظرا لما بثه رياض من عيون تحصي عليهم حركاتهم فقد تركوا القاهرة وجعلوا اجتماعاتهم سرا في حلوان، ومن ثم تألف حزب أطلق عليه أول الأمر جمعية حلوان ثم صار يعرف بالحزب الوطني ... وكان من أشهر رجال هذا الحزب محمد سلطان وسليمان أباظة وحسن الشريعي ومحمد شريف وإسماعيل راغب وعمر لطفي، وقد نشروا في أواخر سنة 1879 أول بيان سياسي لهم وطبعوا منه آلاف النسخ وأذاعوها بين الناس. ولقد حنق رياض أشد الحنق على ناشري البيان، وبذل جهدا كبيرا ليعرف أسماءهم كي يرسلهم إلى السودان ، فلم يهتد إلى أحد ...
وأوفد الحزب أديب إسحق إلى أوربا ليدافع عن مبادئ الوطنيين فأنشأ في باريس جريدة القاهرة، وكان من أشد الساخطين على رياض لأنه عطل له جريدتيه: «مصر، والتجارة»، ثم إن أديبا كان من تلاميذ جمال الدين، وكان من المؤمنين بالدستور والمبادئ الحرة. ولقد حمل حملة شديدة على رياض في جريدته الجديدة ندد باستبداده وقسوته، ونسب إليه الظلم والجهل والحمق، وعاب عليه ما رماه به من الخضوع للأجانب والركون إليهم على حساب أمته، ولم يدع عيبا يستطيع أن يرميه به إلا بالغ فيه وأعاده وكرره، ولم يترك غميزة في خلقه أو فعله إلا أبرزها وراح ينوشه بأوجع الهجاء، وكان رجال الحزب الوطني يحصلون سرا على نسخ من هذه الجريدة ويوزعونها في البلاد، وكان من بينهم اثنان من المديرين هما: سليمان باشا أباظة مدير الشرقية، وحسن باشا الشريعي مدير المنيا ...
وكان رجال الحزب الوطني، يطالبون بالدستور قاعدة للحكم، ويعملون على منع الأجانب من التدخل في شئون البلاد لا من ناحية السياسة فحسب، ولكن من ناحية المال كذلك، وقد أيقنوا أن الحكم الدستوري الذي يرد فيه كل أمر إلى الأمة هو وحده العلاج الشافي من كل الأدواء القائمة ...
ولكن رجال هذا الحزب كانوا لا يزالون في المرحلة السرية من جهادهم خوفا من بطش رياض ومن ورائه توفيق، وخوفا من تفرد الأجانب ودسائسهم، وحسب المرء أن يذكر أن الحكم كان يومئذ وفق العرف ليدرك مبلغ ما كان يتمتع به رياض من سلطة ومبلغ ما كان يخشاه الوطنيون من نكال ...
وفي نفس ذلك الوقت الذي كان فيه يتشاور الوطنيون فيما يعملون، كان السخط قد بلغ أشده في صفوف الجيش، على رفقي وسياسته، ومن ثم على رياض ووزارته،وكان سخط الجند بلا ريب ناحية من ذلك الاستياء العام الذي شمل مصر كلها، ولذلك فإن من ينظر إلى الحركة العسكرية يومئذ على أنها حركة منفصلة إنما يخطئ خطأ كبيرا، وبخاصة إذا تذكر أن مبعث سخط العسكريين في جوهره كان تحيز رفقي لبني جنسه الشراكسة على حساب هؤلاء المصريين الذين كانوا ينعتون بالفلاحين.
إذن فقد كان عرابي يمثل ناحية من الحركة الوطنية القومية حين ذهب إلى رياض يشكو إليه رفقي، وما كان الجند مدفوعين بمصالحهم وحدها، وإنما كان يغضبهم الجور ويدفعهم إلى الشكوى، ولو لم يكن هناك شراكسة يظفرون دونهم بالرقي والنعمة لما كان لحركتهم هذا الطابع القومي الذي نعجب كيف يماري فيه المارون! ولن ننسى في هذا الصدد أن نشير مرة أخرى - وقد رأينا مبلغ خوف الناس جميعا من سطوة رياض - إلى ما كان في موقف عرابي من جرأة وشجاعة وعزة لن يجحدها إلا الظالمون ... •••
অজানা পৃষ্ঠা