والأمر الذي دعى سيدنا عمر - رضي الله عنه - ، إلى مشاورة الصحابة ، في جعله ثلاثا ، هو ما صرح به في قوله : أن الناس قد تعجلوا أمرا كان لهم ، فيه أناءة ، كما قال العلامة ابن تيمية عن عمر في إيقاعه الثلاث : أنه جعله في إكثارهم منه ، فعاقبهم على الإكثار منه ، لما عصوا بجمع الثلاث ، فيكون عقوبة من لم يتق الله ، من التقرير الذي يرجع فيه اجتهاد الأئمة ، كالزيادة على الأربعين في حد الخمر ، لما أكثر الناس منها ، وأظهروها ، فساغت الزيادة عقوبة ، ولنا أن نقول : أنه ينبغي الآن ، أن يعكس هذا الأمر ، فيجعل الثلاث واحدة ، وذلك لما رآه عمر وأصحابه زجرا للناس ، لم يزجرهم عن بدعتهم ، فلا تجد اليوم أكثر من واحد في المائة ، يطلق زوجته طلاق السنة ، فإذا حملت الرجل سورة الغضب على امرأته ، طلقها ثلاثا ، ولا يريد أن يترك له سبيلا إليها ، ولربما زاد فوق ذلك من التغليظ لا حاجة إلى ذكره ، ولا يذكر عند ذلك قوله تعالى : { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا } (¬1) وقول بعض السلف : لم يندم من طلق طلاق السنة ، فعسى إذا علم الجهال ، أن هذا التغليظ والتأكيد ، في لفظ الطلاق ، لا يزيد المرأة غير طلاق واحد ، أن يتركوا بدعتهم ، ويقتصروا على السنة ، فيكون هذا راجعا إلى الاجتهاد ، يرجى فيه تخفيف البدعة ، وزجر الناس عنها ، وهذا فيمن يطلق ثلاثا بلفظ واحد ، وأما من قال لزوجته ، بعد الدخول بها : أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق ، بتكرار ألفاظ الطلاق ، فإنها تطلق بذلك ثلاثا ، وقد أجمع على ذلك أصحابنا ، وذلك أن الطلاق يتبع الطلاق ، ما كانت في العدة الرجعية ، لإجماعهم : أن المعتدة الرجعية ، يلحقها طلاق الزوج ، وظهاره ، وإيلاؤه ، ما لم تخرج من عدتها ، لأن عصمتها لم تنقطع عنه ، حتى تخرج من عدتها ، بدليل : أنها ترثه ، ويرثها ، وتحل له الخلوة معها ، ويحرم عليه تزويج من لا تجتمع من قريباتها.
¬__________
(¬1) سورة الطلاق :1.
পৃষ্ঠা ৯