يُقِيمُونَ فِي دِيَارِهِمْ، وَكَانَتْ دَارُ الْهِجْرَةِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ هِيَ دَارَ الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا أَسْلَمَ أَهْلُ الْأَمْصَارِ صَارَتِ الْبِلَادُ الَّتِي أَسْلَمَ أَهْلُهَا بِلَادَ الْإِسْلَامِ فَلَا يَلْزَمُهُمُ الِانْتِقَالُ مِنْهَا.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْأَعْرَابَ لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ فِي الْفَيْءِ وَلَا فِي الْغَنَائِمِ مَا لَمْ يُقَاتِلُوا، فَإِذَا قَاتَلُوا اسْتَحَقُّوا مِنَ الْغَنِيمَةِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ وَأَمَّا الْأَعْرَابُ الَّذِينَ لَا يُقَاتِلُونَ الْكُفَّارَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ فِي الْفَيْءِ وَلَا فِي الْغَنِيمَةِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ كَافِرٍ هَذَا ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ كَافِرًا مِنْ كَافِرٍ.
وَلَا يُقَالُ: هَذَا مَخْصُوصٌ بِأَهْلِ الْكِتَابِ خَاصَّةً، فَإِنَّ اللَّفْظَ يَأْبَى اخْتِصَاصَهُمْ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَأَيْضًا فَسَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَجُيُوشُهُ أَكْثَرُ مَا كَانَتْ تُقَاتِلُ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ.
وَلَا يُقَالُ: إِنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِهَا بِأَهْلِ الْكِتَابِ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِقِتَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ، وَالنَّبِيُّ ﷺ أُمِرَ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ، فَيُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالْقُرْآنِ وَمِنْ عُمُومِ الْكُفَّارِ بِالسُّنَّةِ، وَقَدْ أَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْمَجُوسِ وَهُمْ عُبَّادُ النَّارِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، وَلَا يَصِحُّ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ، وَلَوْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ عِنْدَ الصَّحَابَةِ ﵃ لَمْ يَتَوَقَّفْ عُمَرُ ﵁ فِي أَمْرِهِمْ وَلَمْ
1 / 89