وفي الحقيقة، عندما نظر حوله، بدا له أن الكثير من الناس لم يكونوا بحاجة لتدفئة أنفسهم على الإطلاق، إنما كل ما كانوا يفعلونه هو مشاهدة فتاة ترقص بجوار النار. لم يتمكن بيير من أن يحدد على وجه الدقة هل هذه الفتاة جنية أم ملاك أم بشر. لم تكن طويلة، لكنها بدت كذلك نظرا لقوامها النحيل. كان شعرها أسود، وعيناها سوداوان براقتان، وبشرتها شاحبة. أخذت ترقص، وبسطت سجادة قديمة كانت ملقاة تحت قدميها. لم يستطع أحد إنزال عينيه عنها. كانت ذراعاها مرفوعتين فوق رأسها أثناء تحركها على نغمات الرق. وأخذت تدور وتدور، وتنورتها تدور أيضا معها.
عندما نظر بيير حوله رأى آلاف الوجوه. كان هناك رجل يشاهد الفتاة عن كثب. كان يكبرها سنا، ولديه بعض خصل الشعر الرمادي على رأسه الأصلع. كان يرتدي عباءة طويلة سوداء كالقساوسة. شاهد بيير ذلك الرجل أثناء رقص الفتاة. ولسبب ما بدا مألوفا.
قالت الفتاة : «دجالي! إنه دورك.» فوقفت نعجة بيضاء صغيرة.
قامت الفتاة والنعجة ببعض الحيل. عرضت النعجة دجالي للجمهور التاريخ بضرب حوافرها بعنف على الرق. سألت الفتاة بعد ذلك دجالي عن الساعة، وأجابت النعجة بركلات سبع قوية في اللحظة ذاتها التي دقت فيها الساعة الموجودة في الميدان معلنة الوقت ذاته!
قال القس: «إن هذا لسحر!» فأدارت الفتاة ظهرها له، وانحنت مع تصفيق الجمهور. واصلت بعد ذلك العرض مع نعجتها.
صاح القس: «ستستاء الكنيسة من هذا!»
ابتسمت الفتاة، وجمعت العملات المعدنية التي قدمت لها. وقفت أمام بيير وانتظرت. تقاطر العرق على جبينه، وأخذ يبحث بأصابعه في جيوبه الفارغة.
جاء صوت عجوز بالجوار: «ابتعدي عن هنا، أيتها الغجرية الحقيرة!» فابتعدت الفتاة خائفة عن المرأة البغيضة. لم يتمكن بيير من التوقف عن التحديق بها. بدأت تغني، وملأت الأغنية الجميلة الغريبة أذنيه. وجعلت الموسيقى عينيه تغرورقان بالدموع أثناء استماعه لصوتها العذب.
صاحت المرأة ذاتها ثانية: «أمرتك أن تصمتي أيتها الغجرية!»
استفاق بيير من افتتانه، واضطربت معدته. وفي تلك اللحظة وصلت مسيرة استعراض ملك المهرجين إلى داخل الميدان. كان الصف الطويل المتعرج من الناس قد ازداد عددا منذ تركهم للقاعة الكبرى. جلس كوازيمودو على عرش يحمله الطلاب الذين كان من بينهم جوان وجيون. صدرت جميع أنواع الموسيقى من الاستعراض: الأبواق والرقوق والمزامير، إلى جانب أصوات الناس. ابتسم الأحدب في وجوه الناس الذين اصطفوا على جوانب الطرقات، مبتهجا للمرة الأولى في حياته. لم يدرك أن الأمر برمته لا يتعدى كونه مزحة.
অজানা পৃষ্ঠা