تقبض قلبي؛ أجل، كل واحد هناك يعرف ما يعرفه، ويستنتج ما لا يعرف. كأنها تهددني، إنني أمقتها، ولكنه سيبقى ابني رغم كل شيء. •••
ألم يتأخر الرجل عن ميعاد عودته؟
بلى، ها هي الشمس تسحب أطراف ذيلها من جدران الشارع الضيق، فماذا أخره؟ هل عرف أخيرا مكانه فقصده؟ هل يجيئان معا؟ إني أتخيل وجهه المهذب الباسم وهو يعتذر، وأومن بأن هذا العذاب لا يمكن أن يستمر إلى الأبد. أجل، أطلعتني المسرحية على كوامن ضعفي، ولكنني حافظت دائما على نقاء قلبي، ثم ألم أكفر عن ضعفي بما فيه الكفاية؟ من كان يتخيل تلك الحياة مصيرا لحليمة الجميلة الطاهرة؟ لا يخفق قلبي الآن إلا بالسماحة والحب، فاقض يا رب بما أنت قاض، حتى كرم سأغفر له وحشيته تقديرا لتعاسته، سأغفر له كل شيء عندما يعود متأبطا ذراع حبيبي الغائب. قلبي يخفق بإلهام عجيب، ولكن مرور الوقت يكدره. وقال لي زبون وهو يمضي بلفافته: أنت يا أم عباس في دنيا أخرى.
ترامى إلي أذان العصر، والعتمة تزحف فوق نهار الشتاء القصير. ليس تأخره بلا سبب؛ إنه لا يقيم وزنا لانتظاري الملهوف، ولكن ماذا أخره؟ الشمعة تحترق، وريح الشتاء تعصف بذبالتها. وقفت وليس في نيتي أن أجلس ثانية؛ لقد تغير قلبي، خانني بلا ترفق، ونفد صبري، لا بد أن أذهب! أول من صادفني عند باب المسرح كان فؤاد شلبي. أقبل بحنان غير معهود، وبسط لي يديه، وهو يقول: أرجو أن يكون خبرا كاذبا.
فتساءلت وأنا أفقد البقية الباقية من الأمل: أي خبر؟
فارتبك الرجل، ولم ينبس، فتساءلت: عن عباس؟
فأحنى رأسه بالإيجاب ولم يزد، وغبت عن الوجود.
أفقت فوجدتني مستلقية على كنبة في البوفيه، وعم أحمد يعنى بي، وفي المكان فؤاد شلبي وطارق رمضان. حكى لي عم أحمد بصوت جنائزي، ثم ختم بقوله: لا أحد يصدق.
أوصلني فؤاد شلبي بسيارته، تساءل في الطريق: إذا كان انتحر، فأين جثته؟
فسألته: ولم كتب الرسالة؟
অজানা পৃষ্ঠা